رمضان سوريا: نيران الأسعار تفوق لهيب الحر
بهية مارديني
بهية مارديني من دمشق: صرخ في وجهي صاحب السوبر ماركت أسفل البناء الذي اقطن فيه في منطقة قرب دمشق:ألست صحافية لماذا لا تكتبي عن الأسعار ؟ وكيف أصبحت هذه الأيام ؟ الناس ستأكل بعضها ..صحن البيض رأسماله علي 170 ليرة (الدولار يساوي 46 ليرة تقريبا) . قلت له رمضان كريم شوي شوي علي ، ابتسم ابتسامة سريعة كانت تبدو وكأنها على مضض ، وقال منذ عام تقريبا كنت أبيع كيلو العدس ب 60 ليرة ، اليوم رأسماله 130 ليرة …قارني .
طلبت منه حفاضات لطفلي وربطتين خبز وزجاجتين مياه معدنية ، وقلت له طارت الـ 500 ليرة. فأجاب لا يوجد لدي زجاجات مياه كبيرة كرهت التبضع للمحل ، كل شوي تزيد الأسعار، ألا ترين ما يجري ، الله يعين الناس ، ماعاد للنقود بركة. ذهبت إلى والدتي لأقول لها كل عام وهي بخير ورمضان كريم ، بادرتني زوجة أخي بالقول ذهبنا إلى السوق أمس مع اخوك جلبنا شوية اغراض سعرهم 3500 ليرة شوية دجاج على شعيرية و رز ..ما بعرف كيف تجمعوا ؟ الأسعار نار …ويردد الناس” ان البركة قلّت لذلك حل رمضان والحر شديد والتيار الكهربائي ينقطع لساعات والغلاء فاحش والله يستر من الاعظم “.
أما ميسون ابنة خالتي فهي ليست الوحيدة التي اتت من سان فرانسيسكو لتقضي شهر رمضان بين عائلتها ، وهي ككل عام تريد ذبح خاروف لتوزيعه على المحتاجين ، ولكنها قالت لي :ماذا يجري هذا العام ؟…الغلاء طال كل شيء بما فيها اسعار اللحوم .
ولكن لم تكن ميسون “المتفاجئة “الوحيدة، ان صح التعبير، بل ان الضيوف من الدول المجاورة الذين كانوا يحبون الشراء من سوريا بات يفاجئهم ايضا غلاء الاسعار، وقالت لي بتول من لبنان حتى سوق الحميدية في دمشق لم يعد للفقراء .
لم يكن الحديث الاساسي الذي اسمعه من الناس هو موجة الحر الشديدة التي تتعرض لها البلاد وكيفية الصيام وسط هذا الحر وخاصة ان اذان المغرب حوالي الساعة السابعة والنصف مساء بتوقيت دمشق بل تكثف الحديث عن الاسعار التي تكوي الجيب والقلب.
ابو محمد صاحب محل مفروشات قال “رمضان يحتاج الى ميزانية خاصة والمشكلة ان العيد بعده اضافة الى موسم دخول المدارس ورغم ان السوريين ليسوا كالمصريين مثلا يفضلون الياميش في رمضان ولكن نقودهم تختفي مع هذا الغلاء ، غلاء في اسعار السلع بشكل واضح وبنسب كبيرة ، غلاء في اسعار الفواكه والخضار والبقالة ..”.
البعض يقول ان سياسة الحكومة عجزت عن الوفاء بوعودها بمكافحة الغلاء وضرب بيد من حديد من يتلاعب بقوت الناس ومراقبة الأسواق لضبط الاسعار، والبعض يقول ان الغلاء عالمي ولاسبيل للوقوف في وجهه ..
وكان وزير الاقتصاد والتجارة في سوريا عامر لطفي أكد على ضرورة تأمين احتياجات المواطنين من المواد الغذائية وغير الغذائية في شهر رمضان الذي يتزايد الطلب فيه على السلع.
وحددت وزارة الاقتصاد نسب الأرباح للألبسة المدرسية 20% للمنتج من تكاليف الإنتاج و 7% للموزع من المنتج و 20% لبائع المفرق ، كما دعت إلى التدقيق في الأسعار المعلنة وبطاقة البيان والفواتير المتداولة وبيانات التكلفة لهذه المادة واتخاذ الإجراءات القانونية على المخالفين.
وكانت وزارة الاقتصاد وجهت مديريات التجارة إلى تشديد الرقابة التموينية على المنتجات الغذائية والألبسة بأنواعها ومستلزمات المدارس.فيما تحدث مسؤولون عن خطة زمنية تعتزم مديريات التجارة الداخلية تنفيذها خلال شهر رمضان المبارك الذي يتزامن مع افتتاح المدارس تهدف إلى ضبط الأسواق والحد من فلتانها من خلال تقسيم شهر رمضان إلى فترتين زمنيتين الأولى تبدأ من بداية الشهر حتى منتصفه فيما تبدأ الثانية من منتصف الشهر حتى نهايته لتسيير دوريات نوعية على مدى الـ24 ساعة لضبط الأسواق.
وحول الارتفاع المضطرد في الأسعار خلال هذا الشهر برر مسؤول إن المواطن يخلق الشائعة ثم يصدقها بعد تناولها من وسائل الإعلام ما يدفع بعض التجار إلى استغلالها ورفع الأسعار واحتكار المواد ، داعيا الناس للتبليغ عن أي تجاوز يقدم عليه التجار.
اما التدخل “الإيجابي” للحكومة في الأسواق فيبرز في صالات البيع الحكومية حيث تطرح بضائع اقل سعرا نتيجة انها الاقل ربحا الا انها تبقى ذات اسعار مرتفعة بالنسبة لدخل العائلة السورية التي تتحمل عبئا كبيرا في طقوس سنوية ومواسم ومناسبات نسي البعض انها دينية .
ايلاف