مشعل التمو معتقلا
مروان علي
تعرفت على السياسي والكاتب الكردي السوري مشعل التمو خلال لقاء في باريس لبعض أطراف المعارضة السورية في اواخر 2004 وقد رتب اللقاء وبعناية من قبل الدكتور هيثم مناع المتحدث الرسمي باسم رئيس اللجنة العربية لحقوق الانسان ومقرها باريس .
وقد حرص الدكتور هيثم مناع وزوجته الدكتورة فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان ، على توفير كل سبل النجاح لذلك اللقاء الذي كان يهدف الى تشجيع الحوار بين مختلف اطراف المعارضة الديمقراطية السورية .
وقد حضرت اللقاء بصفة شخصية فانا مستقل تماما – لم ولن أنتمي في حياتي لأي تنظيم سياسي – وسعدت باللقاء مع العديد من الشخصيات الوطنية السورية وخصوصا تلك التي حضرت من الوطن وحملت معا رائحة الشام وحلب والقامشلي مثل الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية والشاعر السوري إبراهيم يوسف والسياسي والكاتب مشعل التمو ولم يكن وقتها متحدثا باسم تيار المستقبل الكردي الذي كان قيد الانشاء كما تبين بعد ذلك .
خلال ندوات اللقاء الباريسي والذي شارك وبفعالية في حواراته ونقاشاته الساخنة كان مشعل التمو حريصا على التحدث عن الالم الكردي – الاجراءات الاستثنائية في محافظة الحسكة والمطبقة بحق الاكراد – بلغة صافية ورصينة وهادئة بعيدا عن التشنج والانفعال.. وكان يرى ان حل القضية الكردية في سورية مرتبط ارتباطا عضويا بتسوية كل امور البيت السوري الكبيرمن رفع الاحكام العرفية وحالة الطوارىء واصدار قانون للاحزاب واطلاق الحريات العامة وطي صفحة الاعتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة .
بعد انتهاء اللقاء في باريس عدنا معا انا وهو والشاعر ابراهيم يوسف الى المانيا حيث استضفتهم في منزلي الصغير في مدينة إيسن الالمانية الذي تحول الى خلية نحل بسبب العد الهائل من الاصدقاء والمحبين الذين قدموا للترحيب بهم من ابناء الجالية الكردية السورية في المانيا .
و دارت حوارات ومناقشات حول واقع القضية الكردية في سوريا وكان يرى بأن القضية الكردية
هي قضية وطنية عامة , ولخص المطلب الكردي بما يلي :
– الاعتراف بالوجود الكردي واعتباره حالة وطنية أصيلة وجزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري ؟
– أعادة الجنسية للمجردين منها , سواء المعتبرين أجانب في وطنهم , أو المكتومين المتزايدين بحكم التوالد والتكاثر , وهم أبناء هذا الوطن على عكس فبركات الضيافة أو الطيران عبر الحدود .
– الاعتراف باللغة الكردي والسماح بتعليمها في المناطق الكردية .
– الإقرار بمواطنية الإنسان الكردي من حيث الحق والواجب .
– حرية تشكيل التعبيرات السياسية والثقافية للكرد .
– حق إدارة المناطق الكوردية , أي المناطق التي يشكل فيها الأكراد أغلبية السكان , وهذه تأتي عبر الممارسة الديمقراطية وصناديق الاقتراع .
– الاهتمام بالمحافظة وغيرها من المناطق الكردية تنمويا .
وعن رؤيته للمعارضة السورية ودور الاكراد فيها رد مشعل التمو على استفسار لاحد الحاضرين قائلا :
اعتقد بأننا ننتمي إلى المعارضة السلمية والديمقراطية الأسلوب والطابع , بغض النظر أن كان هذا الانتماء علنيا أم لا , وطبعا هذا لا يشمل جميع الإطراف الحزبية الموجودة , التي لا زال بعضها يراهن على حلول أمنية سلطوية , بمعنى هناك علاقات متنوعة مع أطراف المعارضة السورية , لم تأخذ هذه العلاقات حتى تاريخه سوية نضالية , وهذا لا يتحمل مسؤوليته الأكراد فقط وإنما هناك جزء كبير من المسؤولية تتحمله المعارضة ذاتها , إذ أن قسما كبيرا من أطرافها لا زال متبنيا لخطاب السلطة فيما يتعلق بالوجود والمطلب الكردي في سوريا , وهذا ما تجلى مؤخرا من خلال رؤية هذه الإطراف وتقييمهالاحداث القامشلي, حيث تبنى اغلبها مواقف غاية في الشوفينية , حتى أن بعضها زاود على السلطة نفسها في المنطق العروبوي الرافض للآخر المتمايز والمختلف قوميا , وهذا يضيف صعوبة كبيرة إلى إمكانية تأطير القوى العاملة في الشأن الديمقراطي العام , إذ لا يمكن أن تكون هناك مصداقية للمطلب الديمقراطي لفصيل عربي لا يستطيع الاعتراف بحق الكردي في الوجود .
لقد ذهلت حين سمعت خبر اختفاء الاستاذ مشعل التمو وتبين لاحقا انه اعتقل من قبل الامن السياسي في حلب وصعقت من التهم الموجهة اليه :
(نشر أخبار كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي والانتساب إلى جمعية سرية بقصد تغيير كيان الدولة السياسي والاقتصادي والانتماء إلى جمعية ذات طابع دولي و إيقاظ النعرات العنصرية و المذهبية والنيل من هيبة الدولة والاعتداء الذي يستهدف الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح السوريين أو بحملهم على التسليح بعضهم ضد البعض الآخر وإما بالحض على التقتيل والنهب في محلة أو محلات) .
بالتأكيد ان هذه التهم عارية من الصحة – وهي جاهزة وتوجه لكل معتقل سياسي ما عدا تهمة تغيير كيان الدولة التي توجه للمعتقلين الاكراد حصرا – تماما فالرجل معروف بهدوئه واتزانه وثقافته الواسعة وله ابحاث ومقالات عديدة تخص الشأن الوطني العام ويركز في مجملها على التغيير السلمي والديمقراطي في سورية بعيدا عن التعصب والعنف والعنف المضاد.
حملة الاعتقالات الاخيرة التي شملت الاستاذ مشعل التمو ومن قبله معتقلي ” اعلان دمشق” للتغيير الوطني الديمقراطي وغيرهم من معتقلي الرأي تشكل عائقا كبيرا امام المشروعي الاصلاحي للرئيس بشار الاسد ولابد من طي صفحة الاعتقال السياسي من التاريخ السوري الحديث واتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في بناء سورية ديمقراطية حرة تكون لكل السوريين .
الحوار المتمدن