“حُلم بسمارك” نص رامبو المكتشف حديثا: أدب السخرية السياسية
الترجمة الجديدة التي وضعها الصديق الشاعر العراقيّ المقيم بباريس كاظم جهاد لآثار آرتور رامبو الشعريّة، والتي صدرتْ في العام المنصرم في منشورات »الجمَل«، ورافقتها مقدّمات لألان جوفروا وألان بورير وعبّاس بيضون ودراسة وجهاز شرحيّ واسع بقلم المترجم، ماثلة للصدور في طبعة ثانية بعد نفاد طبعتها الأولى في أقلّ من عام واحد. هذه الطبعة تزدان بترجمة لنصّ رامبو الوجيز المكتشف حديثاً والحامل عنوان »حُلم بسمارك«. كانت »السفير« قد نشرت ترجمة لهذا النص وضعها الزميل إسكندر حبش فورَ ظهوره في الصحف الفرنسيّة قبل شهور. إحتفاءً بهذا اللقاء المستعاد مع رامبو، ننشر هنا المقالة التي وضعها جهاد في حاشية ترجمته للنصّ المذكور بهدف التعريف به وتوضيح ظروف كتابته واكتشافه واستبيان مكانه من التطوّر الأدبيّ والسياسيّ لصاحب »إشراقات«.
»حُلم بسمارك«: توثيق وقراءة
في شهر آيار/مايو ،٢٠٠٨ كان مخرج سينمائيّ اسمه باتريك تالييرسيو Patrick Taliercio يعمل على تصوير فيلم وثائقيّ عن الهروب الثاني لآرتور رامبو من منزل أسْرته في .١٨٧٠ قاده عمله إلى مدينة الشاعر الأمّ، شارلفيل-ميزيير. هناك، لدى بائع الكتب فرانسوا كينار François Quinart، عثرَ على ثلاثة أعداد من صحيفة »تقدُّم الأردَين« Le Progrès des Ardennes التي كانت تصدر في أيّام رامبو. كان المخرج على عِلم بأنّ الشاعر كان قد أرسل إلى الصحيفة نصوصاً باسم مستعار هو جان بوردي، ففتّش في الأعداد الثلاثة، واهتدى في العدد الصّادر في ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر ١٨٧٠ إلى نصّ موقّع بهذا الاسم يحمل عنوان »حُلم بسمارك (فنطاسيّة)«. فسارع إلى إظهاره إلى النور، وسرعان ما تناقلته الصّحف المطبوعة والرقميّة. هذا الاكتشاف الذين ندين به للصّدفة ولسابق اطّلاع المخرج الشابّ على سيرة رامبو وعمله يدعّم الأمل في العثور على أعداد أخرى من الجريدة، قد تتضمّن نصوصاً لرامبو، وربّما لصديقه دولائيه أيضاً.
الاسم المستعار وعنوان النصّ
بينَ الأبيات الملحقة ترجمتها بآثار رامبو الشعريّة تحت عنوان »شذرات وأبيات«، يجد القارئ شذرة تبدأ بالبيت: »عجباً! إنْ كانت الأجراس من البرونز«. فيها يقول الشاعر: »في حزيرانَ من ألفٍ وثمانمائةٍ وواحدٍ وسبعين،/ مُتْنا نحنُ جان بودري، ونحنُ جان بالوش،/ مقتولينَ على يدِ كائنٍ أسوَد/ في برج الأجراس المُريبِ هذا«. في حاشية ترافقها أشار كاتب هذه السطور إلى أنّ جان بودري Jean Baudry هذا، الذي يتكلّم في القصيدة عن نفسه وعن صاحبه بضمير الجمع التعظيميّ، وذلك على سبيل الدّعابة، هو »الاسم المستعار الذي به وقّع رامبو مقالة كان أرسلها إلى صحيفة »تقدُّم الأردين« Le Progrès des Ardennes المحليّة. ولعلّه منح اسم جان بالوش Jean Balouche لصديقه إيرنست دولائيه Ernest Delahaye وإن يكن الأخير اختارَ لنفسه، متلاعباً قليلاً باسمه العائليّ، الاسم المستعار شارل دايل Charles Dhayle«. من هذه المعلومة يستخلص القارئ أنّ المختصّين بآثار رامبو وسيرته كان لهم معرفة بهذا الاسم المستعار، وبكون رامبو حاول النّشر في الصحيفة المذكورة. بل أكثر من هذا، فإنّ دولائيه، في مذّكراته عن رامبو، التي طالما رجعَ إليها شرّاح آثار رامبو وكاتبو سيرته، كان قد ترك لنا، إلى جانب الاسم المستعار، عنوان النصّ المكتشَف حديثاً وتلخيصاً له.
بتفصيل أكثر، يخبرنا دولائيه بأنّهما، هو ورامبو، طمَحا إلى نشر قصائدهما في هذه الصحيفة التقدّمية والمعارِضة لنابليون الثالث، في حين كانت الصحيفة المفضّلة لدى أمّ رامبو هي »بريد الأردين« Le Courrier des Ardennes، وكانت محافِظة. إلاّ أنّ رئيس تحريرها السيّد جاكوبي Jacoby اعتذر عن نشر قصائدهما واقترح عليهما إرسال كتابات »تعالج الوضع الرّاهن«، فأرسل له رامبو »حُلم بسمارك«. يذكر دولائيه أيضاً أنّ جاكوبي هذا دعاهما في رسالته إلى أن »يرفع كلّ منهما عن وجهه قناع التنكّر«، أي أن يفصحا عن اسميهما الحقيقيّين. ثمّ تضرّر مقرّ الجريدة بعمليّات القصف التي قام بها البروسيّون الألمان بقيادة بسمارك Bismarck في شارلفيل-ميزيير في ٣١ كانون الأوّل/ديسمبر ،١٨٧٠ أي بعد ظهور نصّ رامبو فيها بخمسة أسابيع، واحترقتْ مطبعتها. ومن الطّريف أنّ جاكوبي نفسه سيعود ويشغّل رامبو في جريدته، بعدما أعاد ترميم مطبعتها، لكنْ لا كصحفيّ أو كاتب وإنّما في قسم فرز الرسائل والبرقيّات. وفي نيسان/أبريل ،١٨٧١ قبل وقوع »الأسبوع الدّامي« بباريس بشهر واحد، ستتعرّض الجريدة للمنع، ثمّ إنّ رامبو سيكثر من تنقّلاته.
يبقى أن نوضّح مصدر الاسم المستعار الذي به ذيّل رامبو نصّه هذا. لقد استقاه من مسرحية حملت اسم بطلها عنواناً: »جان بودري«Jean Baudry ، ولقيتْ طريقها إلى العرض في أحد المسارح في .١٨٦٣ مؤلّفها هو الشاعر والمؤلّف المسرحيّ أوغُست فاكري Auguste Vacquerie (1819-1895)، كان صديقاً لفيكتور هوغو Victor Hugo ومنفّذ وصيّته وناشر أعماله بعد وفاته، ممّا يعني أنّه كان معروفاً من لدن رامبو. وقد يكون الأخير وجد ما يستهويه في حكاية بطلها العاشق المخيَّب، الذي يهجر محبوبته هاتفاً بها: »سألوّث نفسي وأجرجر أسمالي في الحانات القذرة وأُفني في داخلي كلّ ما هو عائدٌ إليك. من هذه اللحظة سأصبح من جديدٍ المتسكّع الذي كنتُه«. لهجة تذكّر بما سيكتبه رامبو بصيغة ملطّفة في »بوهيمياي« (»وانطلقتُ سائراً، قبضتايَ في جيوبي المفتَّقة…«)، وبكلمات بالغة القسوة في »البعل الجهنّميّ« (»فصل في الجحيم«).
نشير أخيراً إلى أنّ جان-جاك لوفريرJean-Jacques Lefrère ، واضع أحدَث سيرة ذاتيّة لرامبو (منشورات فايار، باريس، ٢٠٠١)، يتقدّم بفرضيّة إضافيّة مفادها أنّ هذا الاسم المستعار يكاد يشكّل جناساً تصحيفيّاً (anagramme) لاسم رامبو الحقيقيّ، فهو يجمع النصف الأخير من اسم شهرته (baud) إلى نصفه الأوّل(ri) ، مع إبدال للحرف »i« بمعادله الصوتيّ المتمثّل في الحرف»y« . يعرف الجميع، بالفعل، ولع رامبو بالتجنيس والترصيع واللّعب بالكلمات، إلاّ أنّ المصدر المسرحيّ للاسم المستعار، خصوصاً مع وجود الاسم الأوّل Jean ، يظلّ هو الأكثر إقناعاً.
أمّا عن العنوان، فيلفت الانتباه فيه خصوصاً العنوان الثانويّ الموضوع بين قوسين: »فنطاسيّة« Fantaisie. إنّه يشير إلى لحظة تخييل يطلق فيها الشاعر العنان لمكلة «التوهّم« أو الابتداع عنده، وسبق أن استخدمه رامبو في قصيدته «بوهيمياي» أيضاً، واضعاً إيّاه كذلك بين قوسين. كان شعراء سابقون، جيرار دو نرفال Gérard de Nerval مثلاً، قد استخدموا العنوان نفسه. الفارق هو أنّ رامبو يستخدم المفردة كعنوان ثانويّ، به يحدّد هويّة النصّ، أو النمط الذي يُدرجه فيه، كمن يضع أمام قصيدة له كلمة »أغنية« أو »مرثيّة«. وخلافاً لنرفال وسواه، يزجّ رامبو بالفنطاسيّة في قلب التّاريخ، ويجعل من النصّ »مزموراً عن الوضع الرّاهن« مثلما سيسمّي بعض قصائده في »رسالة الرّائي« الثانية إلى بول دميني.
قراءة النصّ
كتب رامبو نصّه هذا في سنّ السّادسة عشرة. كان قد كتب قبله بفترة قصيرة قصائد هامّة من أمثال »النّائم في الوادي«، التي ما تزال تشكّل أشهر مرثيّة للجنديّ البريء قتيل الحروب، و»غضبات القياصرة« و»الشّر«. قد لا يتمتّع النصّ بقيمة كبيرة في حدّ ذاته، ولكّنه يحمل بذور ما سيشكّل أواليّات متواترة وأساسيّة في كتابة رامبو. لا يكرّس النصّ رامبو صحافيّاً كما سارعتْ إلى كتابته، بشيء من التهليل السّاذج، إحدى ناقدات »الفيغارو« Le Figaro الفرنسيّة، وكما ردّد آخرون. فصحيح أنّ النصّ كُتب استجابة لدعوة جاكوبي إلى معالجة موضوع راهن، لكن ليس في نصّ رامبو ما يمتّ إلى التناول الصحفيّ بصلة. بل هو تخييل أدبيّ هدفه الاحتجاج على اجتياح سافر، وأداته السخريّة. تطال سخرية رامبو بسمارك، كما طالت وستطال نابليون الثالث.
في هذا الإنشاء الأدبيّ اللاّعب، نرى إلى القائد الألمانيّ بسمارك وهو يتأمّل خارطة فرنسا ويحلم بتدمير مدنها الواحدة تلو الأخرى. وفي ذروة النصّ، يجعل الشاعر القائدَ المذكور يسقط في إغفاءة تجعل رأسه يرتطم بالطاولة، فيكتوي أنفه بجمر غليونه المشتعل. هذا كلّه يحدث أمام النقطة التي تشير في الخارطة إلى باريس. ما يعني أنّ رامبو كان يقرّ بشراسة العاصمة الفرنسيّة، لا بل يبدو كمنْ يتنبّأ بقيام »الكومونة« فيها ونهوض الاشتراكيّين والجمهوريّين بوجه الألمان بعد شهور. وإذا صحّ أنّه، بتضمينه النصّ عبارة ساخرة إيطاليّة يكرّرها ثلاثاً (» Va povera «: »إمضِ أيّها المسكين!«)، يلمّح أو يُزجي، على ما يرى بعض الشرّاح، تحيّة إجلال إلى غاريبالدي Garibaldi، فسيكون في هذا دليل إضافيّ على حدسه السياسيّ ومتابعته لجميع الأحداث. في اللحظة التي انهزم فيها نابليون الثالث أمام بسمارك، كان غاريبالدي، المولود في نيْس بفرنسا في ١٨٠٧ والمتوفّى في كابريرا بإيطاليا في ،١٨٨٢ كان قد دخل روما وأتمّ توحيد إيطاليا بعد سلسلة معارك خاضها ضدّ الملكيّين الطليان والنمساويّين وضدّ الفرنسيّين الدّاعمين لسياسة البابوات. ولقد عاد في ١٨٧٠ ليساعد الفرنسيّين في صدّ البروسيّين الألمان، وفي ١٨٧١ فاز في الانتخابات بعضويّة البرلمان الفرنسيّ إلى جانب غامبيتا Gambetta وفيكتور هوغو، ولكنّه رفض العضويّة بباعث من فوز اليمين الملكيّ بأغلبيّة المقاعد. في العام نفسه، دعاه ثوّار »كومونة باريس« ليرأسهم ولكنّ البطل الآيل إلى الشيخوخة اعتذر عن القبول.
لتقييم »حُلم بسمارك« وإحلاله في مكانه من تطوّر رامبو، ينبغي في اعتقادي إحالته إلى مجموع كتابات الشاعر ومجمل أدواته التعبيريّة. يكفي أن نتذكّر نصوص رامبو لتلتمع في أذهاننا صوَر شعريّة عديدة يقارب فيها الشاعر »موضوعه« من زاوية الجسد ويصوّر ارتباكاً معيقاً يتحكّم به. مبكّراً عثرَ رامبو في هذا النصّ الوجيز على معالجة ستكرّر فيما بعد. بارتباك الجسد هذا، يعبّر الشّاعر عن انهيار مسعى الشخص الموصوف، واجداً فيه سبيلاً إلى تحقيق السّخرية المطلوبة، أو الرّثاء المتوخّى في بعض المواضع. هي ذي سلسلة شواهد من قصائد كتبها رامبو أو سيكتبها في الفترة نفسها التي وضع فيها »حلم بسمارك«. شواهد تطغى في بعضها صورة »الأنف« المهيمنة في النصّ المذكور، وتلتحم في بعضها الآخر بصورة »الغليون« أو »لفافة التّبغ« (السّيجار)، بصورة تدلّ كلّ مرّة على انهماكٍ للجسد يفصح عن دواخل مضطربة.
ففي »ردود نينا القاطعات«، تغوص »نظّارَتا الجَدّة«، وكذلكَ »أنفها الطّويل«، في »كتابِ القدّاس«. وفي »غضبات القياصرة«: »يتمشّى الرّجلُ الشّاحبُ القسَمات« (الامبراطور نابليون الثالث) »في لباسهِ الأسوَدِ حاملاً بين الأسنان لفافةَ تبغ«. وكما يبدو بسمارك ممعناً في تشطيب خارطة فرنسا ومحْوها، فالإمبراطور ذاك كان قد قالَ لنفسه: »سأنفُخُ على الحريّة/ برهافةٍ، كَمَنْ ينفخ على شمعة!«. والرّاهب المتوحّد في »صلاة المساء« يسرد حياته: »أعيشُ جالساً كمثْلِ مَلاكٍ بينَ يدَي حلاّق/ أسفلُ بطني وعُنقي مَحنيّانِ/ وبينَ أسناني غليون…« و»الفقراء في الكنيسة« يستنشقونَ »رائحةَ الشّمع كمَنْ يستنشقُ أريجَ الخُبز«. والعميان الذين »تدخلهم في الباحات كلابهم« (القصيدة نفسها)، »يلتهمونَ بالأنفِ كتُبَ القدّاسِ العتيقة«. و»فينوس الطّالعة من الماء« مصوَّرة لا عبرَ أنفها وحده بل بكامل الرأس، »رأس امرأةٍ ذاتِ شعرٍ بُنيٍّ بولغَ في دَهنه/ ينبثقُ من مغطسٍ عتيقٍ، ببُطءٍ وبلاهة«. و»موظّفو الجمارك«، يحملون هم أيضاً »غليونهم بينَ الأسنان، ومبْضعهم في اليد«، و»يجرّون« بالسّلسلةِ كلابَ الحراسة«. وفي القصيدة التهكّمية »إلى الموسيقى«، ترى »موسَرين بِنظّاراتِ أُنوفٍ يُشيرونَ إلى كلِّ نشاز«، وغير بعيد عنهم جلس برجوازيّ »يَستعذب غليونَه الذي يطفحُ منه تبغٌ مهرَّب«.
كما إنّ »بطل« القصّة القصيرة السّاخرة »قلب تحتَ جبّة – العالَم الحميم لتلميذٍ في مدرسةِ الرُّهبان«، يستعير هو الآخر »بلاغة« الأنف هذه. يُشبّه أنف رئيس الدّير بالفطْر تارةً، وبـ »مِدَقّة« تارةً أخرى، أنف تحرُّكه على الدّوام »رعشته المعهودة«. وحتّى في غزله الموجَّه لابنة مُضيفه سيزاران، لا ينسى الرّاهب-التلميذ أن يدسّ في لائحة مفاتنها ما يلي: »كان أنفك المفعم برائحة اللّوبياء يرفع منخاريه الشّائقَين«. وفي هذه القصّة أيضاً، نقابل حركيّة مزدوجة تقوم على الإغفاء غير الإراديّ والسقوط، حركيّة بالغة الشّبه بإغفاء بسمارك وغوص أنفه في محْرقة تبغِ غليونه. فالرّاهب-التلميذ يستغرقه تأمّل جَمال »معبودته« والنطق بِصَلاته الصامتة إلى حدّ أنْ يسقط من على كرسيّه »محدثاً ضجّة خافتة«. إنّ خذلان الجسد هذا لصاحبه وانفصاله عن الواقع ليُعربان عن إرادة غير مُمسكة بموضوع رغبتها، وعن مشروعٍ متخايل ينتهي نهاية كاريكاتوريّة. كلا العاشق الأرعن (التلميذ الرّاهب) والغازي المندفع في مشروع اجتياحيّ (بسمارك) ينال عقاباً شبيهاً بذلك الذي يتلقّاه »البطل« المولييريّ ترتوف في قصيدة رامبو »عقاب ترتوف«: يمشي في الشارع متعاظماً وغارقاً في ابتهالاته الصّامتة فيأتي أحد »الزّعران« ويجرّده من ثيابه على مرأى من الجميع…
وعليه، فطالما استخدم رامبو الجسد، هو و»إكسسواراته« (الغليون، مضغة التبغ، زالسّيجارس، الكرسيّ، مغطس الحمّام، وأحياناً الطبيعة بكاملها) مسرحاً للانفعال ونافذة على العالم الفكريّ أو الحميم للشخص الموصوف. إنّ حركات الجسد وإيماءاته تشكّل لديه كناياتٍ عن حالة روحيّة شاملة. ولا يخفى ما يمنحه هذا كلّه لتعبيره الشعريّ من ملموسيّة وحسيّة عاليتين، وما يخلعه عليه من »ماديّة« ومن موضوعيّة ظاهراتيّة فائقة. وهو ما نراه ماثلاً، ولو بصورة جنينيّة، في نصّه المكتشَف حديثاً.
(كاتب عراقي مقيم في باريس)
[ نص مضاف الى الطبعة الثانية من »آثار رامبو الشعرية« الذي يصدر قريبا عن دار الجمل
السفير الثقافي