القاعدة وصراع الأيدولوجيا
جهاد صالح
ليس بالجديد على تنظيم القاعدة أن يخرج عبر الإعلام وخاصة قناة الجزيرة الحضن الدافىء والمفضل للاصولية البن لادنية على غيرها من وسائل الإعلام الأخرى. وتوجه انتقادات لاذعة لكل من هو متآمر مع الصليبيين والأمريكان في المنطقة ، حتى إيران وحزب الله وحماس لم يسلموا من رماح القاعدة رغم أن هؤلاء هم أعداء لأمريكا وإسرائيل حسب أجندتهم وحسب المتعارف عليه عالميا.
أيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم بعد بن لادن خرج عبر الجزيرة (7\9\2008 ) حيث استلمت القناة شريطا مصورا وبثته كما المعتاد. هجوم الظواهري طال آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية ونظام
الملالي، متهما إياهم بالتحالف مع الصليبين كان السبب في تسهيل الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق. حديث الظواهري جاء بمناسبة أحداث الحادي عشر من أيلول.
إن الحقيقة الظاهرة هو أنه هناك صراع أصولي ذا صبغة سياسية بين الفكر السني السلفي التكفيري بقيادة أسامة بن لادن ،والفكر الشيعي وولاية الفقيه بقيادة إيران وأتباعها . ولهذا نجد تنظيم القاعدة يحارب إيران وحزب الله وحماس، وتصرح ضدهم لتصنفهم ضمن خانة الأعداء والمتواطئين سرا وعلنا مع الغرب تحت لواء التحالف الإيراني الصليبي ، والصراع الآخر للقاعدة هو ضد التيار السني المعتدل والواقعي الذي يرفض تشويه العقيدة الإسلامية السمحاء ،ولهذا وجدنا القاعدة تحارب القرار 1701 الخاص بلبنان متهمة الزعامات السنية وسنّة لبنان بالتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وتمرير مشاريعها في الشرق الأوسط .
الناحية الأخرى لهجوم القاعدة على إيران وحلفائها الشيعة هو الامتداد الإيراني داخل المنطقة وعمليات التشييع الممنهجة في الدول العربية وخاصة سوريا ولبنان، وظهور أمين عام حزب الله حسن نصرالله كشخصية زعاماتية تحت عباءة المقاومة واكتساحه للشارع العربي الإسلامي بصورة غريبة جدا وخاصة بعد حرب تموز وظهوره كمنتصر إلاهي ، مما خلق جوا من التنافس والعداء القاعدي لنصر الله وحزبه ولإيران التي تقود حزب الله، وهذا مالا يريده بن لادن ولا الظواهري الذين يعتبرون أنفسهم أسياد العالم الإسلامي ومحرروه، ولا يجوز أن ينافسهم أحد في زعامة الأصولية السياسية التكفيرية، التي لاتمت بصلة إلى الإسلام بأي شيء يذكر.
نعلم أن القاعدة وعبر الظواهري انتقدت حماس لتوقيعها على اتفاق مكة، وكفرت الشيعة ونصرالله وحزب الله ،ولا ننسى أن حزب الله كان قد أدان تفجيرات الحادي عشر من أيلول، مما دفع ذلك بالظواهري حينها إلى الرد على حزب الله واصفا إياه بالكاذب ومحاولة تجريد البطولة من السنة ،حين اتهم الحزب إسرائيل بالوقوف وراء العملية .
يقول الظواهري في شريطه الأخير عن حزب الله وزعيمه:
الغريب أن حسن نصر الله ما انفك يحتفل بالنصر كل عام. أي انتصار؟ هل هو التراجع 30 ميلا إلى الخلف؟ أو البقاء منزوع السلاح في هذه المنطقة؟ أو موافقته على السماح بقدوم 15 ألف صليبي للوقوف بين أي مجاهد في لبنان وإسرائيل؟”. ووصف القادة السنة في لبنان بأنهم “وقفوا مع” الولايات المتحدة.
المشهد واضح وجلي هناك أجندة متصارعة في المنطقة، الأولى بقيادة إيران ،والثانية بقيادة أسامة بن لادن والقاعدة، صراع يخفي أيديولوجيا وسياسات ترسم ببراعة تشوه ماهية حق الشعوب في المقاومة، وأيضا تشويه لحقيقة الإسلام المعتدل. فمن سينتصر في النهاية، وإلى أين سيسرون بأمن المنطقة والعالم . فيما نجد علماء الإسلام يتفرجون في ظل ثقافات الاستبداد ، والعالم الغربي يستقبل آلاف الأصوليين كلاجئين في أوطانها، فالحل بيد مَن وعند مَن؟!
خاص – صفحات سورية –