صفحات الناسلافا خالد

المهجرين العراقيين في سوريا معاناة برسم صمت المجتمع الدولي

null

لافا خالد

تلتقي بهم في كل المحافظات وفي مختلف الأمكنة , عيونهم توحي بأنهم عراقيون فالجرح العراقي الذي تعود أن يقارع الظلم منذ عهودا طويلة يوحي بالحزن العميق والجرح الطويل , يخوضون معارك مع الغربة والهجرة من الوطن ,
وحروبا ضد محتل ,ومعارك مع أنظمة لم تعرف شرع الله في حكم رعيتها, ومعارك لأجل لقمة العيش وقسوة برد الشتاء وحر الصيف في بيوت بائسة تحت الأرض وبعضها فوق الأرض تصلح لأي شيء إلا أن تكون ملاذا للآدميين , هل ترين هذه الجموع ؟ إنه ذل الغربة بهذه العبارات بادرني الكلام أحد العراقيين الذي استدل إنني صحفية وبصدد انجاز تقرير حول معاناة المهجرين العراقيين في سورية لن أنسى صوته المحتقن بدموع كان يحبسها رغما في عين عراقية لطالما ذرفت دموعا غزيرة , اه عراق هل بت رمزا للمعارك الخاسرة في زمن موحش ومقفر ولا يفقه لغة التعايش والمساواة .

تحت جسر الرئيس جموع لا تعرف نهاية المطاف

كان عليّ أن اترك مشاعري في مكان ما رغما كي أنجز تقريري حول أحوالهم في سورية ولكن يصعب على اعتي الرجال التماسك أمام المعاناة و البؤس الذي يعيشونه ,التقيت بالكثيرين منهم تحت جسر الرئيس حيث المكان المخصص لهم من قبل الهلال الأحمر لتقديم المعونات , يبحثون عن منفذ فهم موجوعين حتى الرمق ,وفقراء جدا لا يصدقون إن ثمة صحافة بينهم لتنقل معاناتهم إلى ذاك العالم الذي يدعي التمدن , وإلى هيئة الأمم المتحدة التي لم تتحد في موقف تضع حدا لبؤس هؤلاء المغلوبين على حالهم , ينتظرون القمة العربية التي لن تفعل لهم شيئا فالكل يؤكد إنهم خارج أجندة المسئولين وصناع القرار ثمة ما هواهم بوجهة نظر الساسة خطفت قضيتهم من الأضواء , كثيرون وكثيرون يريدون أن يوصلوا صوتهم من أي منبر , قلت لهم يمكنكم متابعة التقرير خلال الكثير من المنابر الإلكترونية ليقول لي أحد الذين كانوا متواجدين في المكان وهل معنا أن نتابع التلفزيون حتى نذهب لمقاهي النت اكتبوا ما يمليه علكم ضميركم والبؤس الذي ترونه

داء بلا دواء

التقيت بالطبيب أبو علي الذي رفض أن يعطينا اسمه خوفا أن يطرد أو يحرم من بعض الحقوق التي لازال يحلم بها أطلعني على وثيقة منحته الحكومة السورية مهور عليها ممنوع مزاولة العمل وهو الطبيب الذي عاش في عز ورخاء طيلة ثلاثين عاما في ممارسة مهنته واليوم هو على حافة وضع سيضطر أن يمد يده بحثا لمن يطعم أولاده لقمة عيش بسيطة تليق بعراقي كريم ,سيدة أخرى هربت مع عائلتها بعد أن قتلت إحدى الجماعات أخوها فهربت بنفسها مع زوجها وابنها بطل العراق في الجمباز تركوا محلات ومتاجر لصناعة الذهب كانوا من أثرياء العراق حسبما أفادتنا واليوم تبحث عن جمعية خيرية تساعدها ببعض الملابس وتؤمن لها فرصة عمل ,ولا أنسى عيون الشباب العراقي الذي ضاعت أحلامه وتحطمت أمام طوفان الظروف الصعبة فالكثيرون تركوا مقاعد الجامعة بعد أن كانوا في رحلة متقدمة من تقرير المصير ضاع في مهب الريح كما مصير العراق عموما ,أخريات أكدن إنهن يعشن ظروفا أسرية بائسة , ورجل آخر طلق زوجته بعد أن ضاقت المعيشة به وأثرت في مزاجه العام ليحوله إلى رجل عصبي المزاج وأخرى مديرة مدرسة تبيع مع ابنها جوارب وملابس أطفال على إحدى البسطات في السيدة زينب, والعم حسين الذي أمضى نصف عمره يخدم في إحدى الدوائر اليوم لا يجد حتى بسطة يلقي همومه ويأكل كسرة خبزا وأخريا ت بعنّ جسدهن في بيوت الدعارة التي كثرت في الشام بعد سقوط بغداد وآخرون فرقتهم حدود وغابت عنهم أخبار الأحبة وبعضاً لازالت جسده وآثار الشظايا من تفجير عبثي مجنون قد تركت أثره على نفسيته وجسده , قصص وروايات لعراقيين فرقتهم مخططات الساسة وجمعتهم المعاناة والغربة

مناطق بائسة غلاء في المعيشة وفقر في الحال

حينما تتابع مشهد المهجرين العراقيين في سوريا ستؤلمك أحوالهم وعدم تكيفهم مع الغلاء الفاحش لأسعار دور السكن فالأسر التي تملك بعض المال قد تعيش في شقة معقولة ولكن الأغلبية لازالت تكابد لقمة العيش وتعيش عائلات كثيرة في شقة واحد في ظل ظروف أقل ما يقال عنها إنها أعشاش الموت البطيء , سألت أحد الموظفين في الهلال الأحمر المكلفين بتوزيع المعونات حول أسباب تأخر الهلال توزيع المعونات عليهم والكل يرجح السبب إلى الأعداد الكبيرة للنازحين العراقيين في سورية وافتقاد الجمعية للتمويل الكافي لتغطية النفقات البسيطة لهؤلاء المهجرين

المهجرين العراقيين معاناة برسم صمت المجتمع الدولي

المتتبع لمأساة المهجرين سيعي تماما إن هناك أزمة حقيقية لهؤلاء اللاجئين والعالم يتجاهل بشكل كامل أوضاعهم ومن غير المستبعد أن تأخذ هذه الأزمة بعدا اشد صعوبة والمهجرين أنفسهم لا يعلقون آمالا على جهة دولية لا الأمم المتحدة التي تعيش راكعة تحت سلطة أمريكا ولا الحكومة العراقية التي تتخبط في فشلها في مختلف المفاصل في العراق ,ولا أي دولة عربية , مليوني عراقي في سوريا وحدها دفعتهم الهمجية الغريبة في قتل الإنسان أن يهجر مئات الآلاف بيوتهم بحثاً عن حياة هي موت ولكنها لا تشبه كما موت العراق , في أمكنة فقيرة ومناطق لازالت مهمشة نزل هؤلاء النازحون إلى بلد من بلاد العرب أوطاني فكان غربة الوطن ومعيشة محكومة بالموت في انتظارهم

، وقسم كبير من هؤلاء المهجرين لم يسجلوا أسماءهم لدى المفوضية التي تسمي نزوحهم بالصامت ، ويرزحون تحت وطأة ظروف مادية صعبة وتعاني المناطق التي تستضيفهم من ضغوط شديدة في وقت تتصاعد الأصوات المطالبة بحسم ملفات هؤلاء المهجرين لدى المفوضيات السامية ،خاصة بعد إجراءات الإقامة الجديدة التي تفرضها السلطات السورية على المتواجدين هناك , كثيرون بعد أن ضاقت بهم بلاد العرب أوطاني يفكرون بموت آخر بطريقة السمسرة المعروفة في قوارب الموت التي عاشها العراقيون قبل عقود هاهم يعيدون الكرة فقد تصل السفينة البالية وقد تغرق في عرض البحر قبالة شاطئ عربي أو آخر
تقول الآنسة شذى التي كانت طالبة في كلية الصيدلة في بغداد الآن متوقفة بسبب الرسومات الباهظة المفروضة على الطلبة العراقيين تضيف : نحن أذلاء ويائسون لا نثق بأحد ولا بأي تحرك توفيت والدتي هنا في دمشق قهرا على حالنا , باتت مسالة مساعدة اللاجئين وكشف أوضاعهم المتردية من الأمور الهامشية عند الجميع هربنا من أوضاع أمنية منفلتة ومتدهورة إلى حيث اللاشيء ستبقى قضية المهجرين عالقة ف أمريكا نفسها عاجزة عن احتواء هذه المشكلة فكيف بالعرب المغلوب على حالهم

كلمة حق
قد تكون الحالات التي التقيتها أفضل بكثير من آخرين لم تسمح الظروف بالمزيد من المقابلات فكثيرون من هؤلاء البائسين هم مهجرين في صحراء العراق وآخرين مشتتين في منافي وفي أجواء وظروف وضعتهم قسرا في فرن عراقي آخر ملتهب ، بين من يلقى حتفه بسيارة مفخخة أو من يلاقي مصيره جراء العنف الطائفي ، بشكل يسعى فيه من يقف وراء كل ذلك التهام المزيد من الضحايا ، وتسجيل أعلى الأرقام للنازحين داخليا أو الفارين من بلادهم نحو مصير هو مجهول حتما في جرح عراقي يبدو يبدوا أنه سينزف طويلا

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى