صفحات سوريةفلورنس غزلان

حــــا ميهــــا حــراميهــــا

null
فلورنس غزلان
في سوريتنا  الجريحة، الذئاب هي التي ترعى الغنم، والذئاب بحكم قدرتها الخارقة على الحماية بأنياب لا تعرف سوى الفتك والبطش، فلا حاجة بها للبحث بعيدا والاقتراب من الحدود الإسرائيلية على سبيل المثال،”  فجحا أولى بلحم ثوره”، وذئابنا أولى بلحوم أولادنا!…تقتل ليس فقط بحجة الجوع، لكن بفضل الرعاية والحماية القانونية للذئب القاتل، فقد قامت الرئاسة بسن قانون تشريعي جديد يبشر الشعب السوري بالمن والسلوى التي تهبط عليه قيادياً،  فتفتقت عبقرية القائمين علينا بعون العسكر والتهريب والفساد، وبما أن الوطن مزرعة للذئاب ومزرعة لتجريب الصيد بكل وسائل الإباحة، جاءنا رسول جديد بقاموس عهد فريد حمل الرقم ( 64) لا يدع مجالا ومنفذا لمقتول أو مظلوم أو معذب أو منتهك الكرامة والعرض إلا ويحرمه من حقه في رفع تظلمه لأصحاب القانون وأهله أو لأسياد القضاء ــ رغم أنه ثبت أنه الأكثر فسادا بنسبة 99% حسب تحقيق أجرته صحيفة الثورة” الشفافة”! ــ لكن يظل المواطن متعلقا بقشة الحلم في إنصافه ، فحتى هذه الأضغاث أحلام، مسحها التشريع الجديد ومنح كل الحق لمن يعذب ويقتل ويفتك ولا يحاكم إلا عن طريق المحاكم العسكرية التي تسير بعجلات  الطواريء الاستثنائية التي غدت دائمة ووقائية للسلطة التنفيذية عسكرية الهوى واليد والفعل ، وأول الغيث بل أول تجربة لتمرير القانون والحكمة من نفاذه وقيامته والعمل بدوره الهام في حماية العسكر والجنرالات، الذين يراد لهم أن يمثلوا أمام قضاء ما…وطني محلي أو دولي أممي، لكن عليهم قبل كل شيء  البحث عن قتيل أو ارتكاب الفعل الشنيع فالفاعل موجود ومهيأ لارتكاب الجريمة ، خاصة أن القيادة نشرت عشرة آلاف من الحرس الجمهوري المدرب لمحاربة الإرهاب القادم من الحدود الشمالية اللبنانية وطرابلس بالذات، على رأي رئيس البلاد، ومن أجل القضاء على التهريب والمهربين الذين لا يتقاسمون الأرباح بالنسب المطلوبة منهم للجنرالات الشركاء معهم في الصفقات التهريبية، وكي يثبت الضابط المسئول  ملاحقتة للمهربين وكي يخيفهم بالقول والفعل إن لم يدفعوا حصة الأسد المطلوبة منهم…قامت الدورية العسكرية محملة برشاشات  عيار (500) بإطلاق النار وعن بعد متر واحد فقط بقتل أربعة من شباب قرية ( المشيرفة) الحدودية مع لبنان الشقيق، الذي نعترف به اليوم كدولة ذات سيادة ونتبادل معه السفراء، رغم أننا لم نوافق بعد على السفير وربما تتوقف الإجراءات زمنا ريثما يسمي لبنان سفيرا يحصل على رضاء السلطة السورية ويكون مقربا من المعارضة الإلهية أو العونية.
وما كان من العميد المدعوم بالقانون إلا أن أقدم على قتل شباب يشربون الكولا أمام بيت أحدهم وهم من الشباب المثقف وصاحب البيت المغدور( سامي معتوق ) من المدافعين عن حقوق الإنسان وناشطيه في المرصد السوري
بل وابن شقيق المحامي الكبير المعروف والناشط في الدفاع عن كل مناضل يسعى للحرية وخاصة مناضلي إعلان دمشق وناشطي المجتمع المدني، فكيف يُقتَل من يقف أمام منزله بحجة ملاحقة المهربين، وهم العزل والمسالمين؟، وهل جريمتهم تكمن أنهم يقفون أمام البيت وربما مر من قربهم أو شارعهم مهربين ملاحقين؟ أم ربما تكمن جريمتهم بشرب الكولا، لأن الحكومة السورية تمنع شرب الكولا؟…أم أنهم يريدون إلصاق التهريب بغير المهربين؟ وكي يقال أنهم فعلا قاموا بملاحقة مهربين، أم لتخويف المهربين الذين لم يدفعوا بأن مصيرهم كمصير شباب يشربون الكولا أمام بيوتهم؟!…ثم وهو الأهم هل سيعاقب القاتل وهو العميد ( أ  ع ) في الجيش ويدعي ” أنه تلقى أوامر القتل من أكبر مرجع في البلاد”!!!.
أي أوامر بالقتل تلقاها؟ وهل يعني قتل من يسير في طريقه ويعيش في بيته مسالما؟…وماذا يعني ترويع أهالي المشيرفة؟ وهل في بلدة المشيرفة إرهابيين ومهربين؟…يعرف القتلة أن كل هذه البلدات مسالمة وأهلها خير المواطنين… لكن السؤال العالق في الحلق:.كيف سيحاسب من يقتل بحماية القانون الجديد (64).؟..وهذه الحادثة بالذات ستكشف للمواطن السوري كيف يستهان بحياته، وماهي قيمته لدى السلطة؟!، وأن الإرهاب يأتيه من أهل النظام لا من غيره…وأن هذه السلطة هي التي ترعى الإرهابي القاتل وتحميه ،  وحتى قبل أن يخرج هذا القانون ، هل سبق وحوكم  أي ضابط وضابط صف ارتكب العديد من  جرائم القتل  والتعذيب بحق أبناء الوطن؟ وبماذا عوقبوا وكيف حوسبوا وأين ومتى أدينوا؟.
إن كان من يفترض به أن يكون نصيرا للمواطن هو عدوه اللدود وهو قاتله، فإلى من يرفع تظلمه؟ وإلى أي محكمة يقدم دعوته؟ وما هو القانون الذي يحميه؟.
عندما يدعي النظام أن هذه الحدود مصدرا لتصدير الإرهاب نحو سورية، فهل نسي النظام كيف أنتج مجموعات كبيرة من الإرهاب وصدرها باتجاه العراق ولبنان، نذكر منها من هو سجين لديه وسبق وأطلق سراحه وزوده بالمال والرجال والسلاح( شاكر العبسي وصحبه من فتح الإسلام)، وجند الشام ، الذين يرسل بهم للمخيمات الفلسطينية بإشراف وتسليح من ذراع سورية في لبنان القيادة العامة تحت قيادة” أبو نضال “،وهل نسينا أبو القعقاع وما جنده من ( مجاهدين للقتال في العراق وعندما خرج عن الطاعة سددت إليه رصاصات القتل) ، وقبل أيام سمعنا باسم لجماعة جديدة تدعى( سيف الحق)، وتنشط في محافظتي حلب وإدلب.
إلى من يشكو المواطن السوري ظلمه، أي الأبواب سيطرق وقوانين الإجحاف تتقاطر لإدانته وهو القتيل في وطنه؟ لقد أوغل هذا النظام كثيرا وعميقاً بدماء أهلنا ، ويغلق يوميا وعن سابق إصرار وتصميم كل الآذان وكل المنافذ أمام المواطن السوري وحقه المشروع في حياة كريمة مصانة، .وهل لدي ما أقوله حيال هذا الاستخفاف بحياة الإنسان؟.
لك الله يا شعب سورية، لك الله ونفسك وصحوتك ولا أدري إلى متى تظل كاظماً لغيضك غافياً فوق جراحك ؟.
ــ باريس في17 / 10/2008
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى