لا لجرائم الشرف
توصيات الملتقى الوطني حول جرائم الشرف: نعم لإلغاء المادة 548 نعم لتعديل المادة 192
نعم! إنها أرضنا وبلادنا! إنه وطننا الذي نفخر به قادر دائما على تجاوز عثراته وثغرات اعترت حياته! إنهم النساء والرجال الذين افتتحوا أبجديات العالم، ومهدوا أرضاً هي منارة!
نعم! هؤلاء هم الذين نفخر أنهم رجال ونساء نتشارك معهم وطنا واحد! حلما واحدا بمجتمع سام وعادل وخال من كافة أشكال العنف! هؤلاء هم الذين بتنا نعرف الآن أنهم لم يجتمعوا إلا ليقولوا صوتاً واحدا: لا لأي غطاء ديني لجرائم الشرف! لا لأي غطاء قانوني لها! لأي غطاء يستند إلى عادات أو تقاليد! ولا للمجرمين بكافة أشكالهم وألوانهم ومسمياتهم!
حقا عشنا أياما ثلاثة صعبة وقاسية بانتظار نتائج أهم مؤتمر في العالم يتعلق بـ”جرائم الشرف”! (في العالم! وليس هذا مجازا). مؤتمر بدا مفتوحا على كل الاحتمالات، بما فيها الأكثر سوءا! وفي كل لحظة من لحظاته كنا نترقب الكلمات العابرة، والهمسات، إضافة إلى ما يقال، أملا في أن لا يكون…
لكنها واحدة من أسعد لحظات الحياة! من أجملها! ومن أكثرها مدعاة للفخر!
هنا: في اليوم الأخير من الملتقى الوطني حول جرائم الشرف، والآن، في اللحظة التي تليت فيها التوصيات، لم نتنفس الصعداء فحسب، بل أشرقت شمس نعتز بها، ونرسمها فخرا لا يزول!
اليوم نستطيع أن نقول لكل من شارك في هذا المؤتمر: سلمت يداك! سلم فاك الذي لم يرض إلا أن يكون جديرا بانتمائه إلى إنسانيته، إلى مواطنيته، إلى دينه!
باسمنا في “مرصد نساء سورية”، وباسم آلاف النساء والرجال الذي عاشوا أوقاتا صعبة وهم يعملون ليل نهار في كشف الغطاء عن هذه الجريمة البشعة بكافة مستوياتها، هؤلاء الذين كاد أن يعتريهم اليأس، ولهم اليوم أن يبتسموا وهم يرون واحدة من أهم نتائج عملهم التاريخي بكل معنى الكلمة، وباسم جميع النساء اللواتي قضين على مذبح “العار” هذا.. باسم هؤلاء جميعا نوجه تحية حارة للملتقى، ولجميع من شارك فيه، ونؤكد أننا لسنا شركاء فقط في مواجهة هذه الجريمة على المستوى القانوني، بل إننا شركاء في مواجهتها ومواجهة أسبابها على كافة المستويات، وشركاء في بناء مستقبل أجمل، وأفضل، وأكثر إنسانية لبلدنا، لأهلنا، ولمستقبلنا.
وإننا، في “مرصد نساء سورية”، إذ نتبنى التوصيات الصادرة عن الملتقى، بدون أي تحفظ، فإننا نؤكد أننا سنعمل من مكاننا، وبأدواتنا، على تحقيق هذه التوصيات. ونضع كل إمكانياتنا المتواضعة من أجل إنجازها.
شكرا لكن/م، شكرا للهيئة السورية لشؤون الأسرة، لوزارة العدل، لوزارة الأوقاف، لكل من: م. سيرا أستورا (رئيسة الهيئة)، د. أحمد حسون (مفتي الجمهورية)، الأب أنطون مصلح (المحكمة الروحية للروم الكاثوليك)، د. محمد حبش (عضو مجلس الشعب)، د. علاء الدين الزعتري (أمين الفتوى)، رغداء الأحمد (الاتحاد العام النسائي)، د. توفيق البوطي (كلية الشريعة)، د. سام دلا (دكتور في القانون)، د. عبود السراج (دكتور في القانون)، د. جاك الحكيم (دكتور في القانون)، د. فاروق الباشا (دكتور في القانون)، الشيخ حسين جربوع (شيخ عقل)، الشيخ حسين شحادة (رئيس تحرير مجلة معارج)، المحامية ميساء حليوة (محامية)، القاضي فارس صطوف (قاضي)، المحامي ناصر الماغوط (محامي)، د. إنصاف حمد (أستاذة فلسفة)… ولجميع الذين واللواتي شاركن/وا في هذا الملتقى.
كذلك شكرا لكل الإعلاميين والإعلاميات الذين عملوا بجهد ومثابرة، في التلفزيون السوري بقنواته، وإذاعات الـ إف ام، والصحف والمجلات.. وكان، وما يزال لعملهم الأثر البالغ في هذا العمل.
وشكرا أولا، وأساسا، لكل المواطنين والمواطنات الذين بذلوا ما بذلوه من أجل إعلاء راية العدالة! لكل الصبايا والشباب الذين عرفنا أو لم نعرف أسماءهم، والذين عملوا وما زالوا يعملون ساعين إلى الحلم الجميل بوطن يليق باسمه، يليق بتاريخه، ويليق بتطوره وتقدمه في الإنسانية.
فيما يلي نص التوصيات الختامية للملتقى الوطني حول جرائم الشرف (14-16/10/2008)، الذي عقدته الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع وزارتي الداخلية والأوقاف، والتي تلاها د. فاروق الباشا، دكتور في القانون، وعضو مجلس إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة، ورئيس لجنة صياغة التوصيات في الملتقى:
بسم الله الرحمن الرحيم
توصيات الملتقى الوطني لجرائم الشرف
صدر قانون العقوبات السوري في عام 1994 مؤتلفاً مع مقتضيات زمانه وحاجاتها في سياسة التجريم والعقاب.
حدثت فجوة تجسّدت بعدم التلاؤم بين العديد من النّصوص ومعطيات الواقع نتيجة التطوّر المجتمعي والحضاري الوطني والإنساني خلال ستة عقود.
وفي ظل النهضة التشريعية التي تشهدها سورية، واستجابة لحاجات المجتمع السوري، قاد تأمّل بعض نصوص هذا القانون إلى كشف الحاجة عن وجوب تسوية تلك النصوص للتوافق مع الدستور ولمواكبة التطور. ويشار في هذا تحديداً إلى المادتين (192) و(548) من قانون العقوبات.
شكّل ذلك مناسبةً ألقت على الهيئة السورية لشؤون الأسرة واجب التحرك لفتح الموضوع بكلّ أبعاده. وبحكم واجباتها ومهامها عقدت الهيئة السورية لشؤون الأسرة، بالتعاون مع وزارتي العدل والأوقاف “الملتقى الوطني حول جرائم الشرف” خلال الفترة من 14-16تشرين الأول 2008.
وقد شاركت فيه فعاليّات دينيّة وأكاديميّة وفكريّة وأهليّة ومن أساتذة القانون ورجال العدالة والقضاء.
كما حضرها عدد من السّادة أعضاء مجلس الشعب.
وتتابعت الجلسات بعد الافتتاح الرسمي حديثاً وحواراً في الجوانب القانونيّة والدينيّة والمكونات الثقافيّة ذات الصلة بتلك الجرائم، وقد جسّدت الكلمات التي ألقيت ومداخلات الحاضرين عامة ما خلاصته:
1- أن المادة (548) من قانون العقوبات تخالف أحكاماً أساسيّةً في الدستور العربي السوري وتهدّد في مضمونها الوحدة الوطنيّة وتنال من هيبة الدولة وتقوض منطق دولة المؤسسات.
2- أن النصوص القانونية المتعلقة بمواجهة هذه الجريمة لا تستند في أحكامها النافذة إلى أصلٍ شرعي وإنما هي على خلاف الأصل الشرعي.
3- أن أحكام بعض المواد في قانون العقوبات لم تعد ملائمةً لمكوّنات التطور الثقافي والاجتماعي الذي وصلت إليه سورية.
4- أن القانون هو التعبير عن إرادة الأمّة المجسّدة في العقد الاجتماعي الذي ارتضى بموجبه الأفراد إسناد سلطة التجريم والعقاب إلى الدولة من خلال القضاء كطريق وحيدٍ وحصريّ لاستيفاء الحق ودفع الضرر.
بناءً على تلك الحقائق، وتجسيداً لأهداف الملتقى، انتهى المشاركون إلى التوصيات الآتية:
1- إعادة الصياغة للفقرة الثالثة من المادة (192) المتعلّقة بالدافع الشريفن والتي تبيح للاجتهاد القضائي النزول بعقوبة القتل إلى الحبس ستة أشهرٍ أو سنةٍ على الأكثر. وبحيث لا تقل عقوبة القاتل عن الاعتقال 15 سنة.
2- إلغاء المادة( 548) من قانون العقوبات.
3- تشديد عقوبة الزنا للرجل والمرأة على قدم المساواة، المنصوص عليها بالمادتين (473) و(474)، وعقوبة السفاح المنصوص عليها في المادة (476) من قانون العقوبات.
4- تعميم فتاوى تحريم ارتكاب جريمة ما يسمى بجريمة الشرف وامتناع إفادة مرتكبيها من العذر المحل أو السبب المخفف للعقاب.
5- زيادة العمل التوعوي المستمر بالتعاون مع المؤسسات والاتحاديات والنقابات والجمعيات ذات الصلة، لترسيخ ثقافة المساواة في المركز القانوني للجنسين من خلال التربية والتعليم ووسائل الإعلام والخطاب الديني، والعمل على إنشاء مرصد وطني لمتابعة هذا العمل التوعوي.
6- العمل على إصدار دورية تهتم بالشؤون الأسرية من قبل السورية لشؤون الأسرة.
7- تكليف الهيئة المذكورة بالسعي المستمر لدى الجهات المعنية لتفعيل هذه التوصيات والوصول بها إلى المستوى التنفيذي من خلال خطة وطنية شاملة.
8- إقامة ملتقى وطني لتمكين وحماية الأسرة.
عن موقع نساء سورية