من يحكم سورية؟
مواطن سوري
هذا السؤال مازال يتردد هنا وهناك في الخارج وفي الداخل، ولكن طرحه من الخارج له غايات ومآرب وأهداف أقلها زعزعة الوضع في سورية من خلال التشكيك بطرح ذلك السؤال الخبيث” هل يحكم الرئيس بشار الأسد فعلا سورية؟” أما طرح هذا السؤال في الداخل السوري ومن قبل السوريين أنفسهم ، فإنما يُطرح على خلفية دفاع السوريين العاديين عن رئيسهم وتمنهيم أن يكون أكثر قوة باعتباره ملاذهم الأخير والوحيد في ظل سيطرة جهتان على سورية، الجهة الأولى هي تلك الليبرالية المتوحشة التي يمثلها الفريق الاقتصادي والتي ردت على قول رئيس الجمهورية في أحد خطبه الأخيرة “بأنه لن يكون هناك أي رفع للدعم إلا إذا صدر قرار من مجلس الأمن بذلك” ولم تمض أيام حتى رد الفريق الاقتصادي برئاسة عبدالله الدردري على قول الرئيس الأسد بأن قرر رفع الدعم. وهذا ما أشار إليه الكاتب السوري ميخائيل عوض في مقالته التي سبق أن نشرتها كلنا شركاء قبل حوالي شهرين بعنوان :”متى يُحكّم الأسد ورؤيته الاجتماعية بديلاً عن الارتجال والليبرالية؟”
أما الجهة الثانية وهي الأخطر باعتبارها تحمي القرارات التي يتخذها الفريق الاقتصادي، وهي الجهات والأجهزة الأمنية التي باتت تتحكم في كل شاردة وواردة في سورية، حتى أنها تحصي على السوريين أنفاسهم. وأي قرار يصدر في سورية ولو حتى على صعيد تعيين مختار يجب أن يحظى أولاً بموفقة الأمن. وخلافاً لما أورده الدكتور عماد فوزي الشعيبي بمقالته بعنوان ” الوجه الآخر للحقيقة .. هل يحكم الرئيس بشار الأسد سورية ؟” التي أكد فيها بقوله :” قيل لأحدهم: هل يحكم الرئيس السوري سورية فأجاب بدهشة : لا يحكم …! عجباً ، إنه لا يحكم فحسب ، بل يحكم ويحكم …”
ولن أدخل في جدل سفسطائي مع كل من السيد ين عوض والشعيبي بمن يحكم سورية؟، ولكنني أطرح عليهما بعض التساؤلات : إذا كان الرئيس بشار الأسد يحكم سورية فعلاً ، فلماذا جرى ما جرى في قرية المشيرفة مثلاً ؟ وهل لم يسمع الرئيس بشار الأسد فعلاً بتلك الجريمة المروعة التي حدثت في تلك القرية رغم كل مناشدات المواطنين له من داخل سورية وخارجها بالتدخل والأمر بإجراء تحقيق فوري في تلك الجريمة وإحالة المتورطين أيا كانوا إلى القضاء ؟ ومن الذي منع القضاء من التحقيق في تلك الجريمة؟ ولم يسمع أيضاً بمئات البيانات التي تندد بتلك الجريمة وتدعوه إلى التحقيق فيها؟ ولم يسمع بتقرير لجنة تقصي الحقائق السورية الخاصة التي كشفت على مكان الحادث واستمعت إلى الشهود وصورت مكان الجريمة…ودعت في تقريرها إلى إجراء تحقيق فوري و…و…الخ.؟
ترى ألم يسمع الرئيس بكل ذلك ومعظم السوريين سمعوا بتلك الجريمة؟ أين هم مستشاريه ؟ ألم يخبروه بتلك الجريمة وما حصل فيها والملابسات التي رافقتها؟ ألم يخبروه بالحريق الذي أتى على مكان الجريمة في محاولة لطمس معالمها؟ ماذا يفعل هؤلاء المستشارين إذاً؟ أم أن قرية المشيرفة ليست سورية ومواطنيها الذين قتلوا وجرحوا ليسوا سوريين أيضاً؟
لن أطيل أكثر، مع أن الكثير من تساؤلات السوريين مازالت تدور بينهم حول الكثير مما يجري في سورية، ولا يجدون تفسيراً واضحاً لها سوى أنهم باتوا قلقين فعلاً مما يشاع بأن الكلمة الأولى والأخيرة باتت بيد الأجهزة الأمنية السورية وأن الحل والربط بات بيدها وحدها فقط.
ومع ذلك فإن السوريين الذين سبق أن منحوا ثقتهم للرئيس بشار الأسد وفي مقدمتهم أهالي قرية المشيرفة السورين أباً عن جد وبرغم تلك الجريمة المروعة التي أصابتهم في الصميم ، مازال يحدوهم الأمل برئيسهم بشار في أن يضع حداً لتلك التجاوزات الخطيرة التي تمارسها الأجهزة الأمنية، بدون أي حسيب أو رقيب، والتي تسيء إلى مقام الرئاسة بالدرجة الأولى وتضعف ثقة الناس برئيسهم ،وهم الذين مازالوا يعتقدون أنه يبقى ملاذهم الأخير
المصدر:كلنا شركاء