ليس للرئيس من يودّعه
خالد صاغية
قبل أن يغادر الرئيس الأميركي جورج بوش البيت الأبيض، بدأ الجميع ينفض يديه منه. المصفّقون لحرب العراق وقارعو طبولها يتنصّلون من تلك الحرب بعدما تكشّفت عن فشل ذريع. المستفيدون من الخفوضات الضريبية ورفع يد الدولة عن الاقتصاد باتوا ينتقدون غياب الرقابة بعد الأزمة الماليّة العالميّة. حتّى بيادق بوش الفكريّة والسياسيّة في لبنان باتت تتطلّع بشغف إلى التغيير الذي سينجزه أوباما. اليسار في العالم كلّه معجب بتجربة ذاك الشاب الذي حقّق صعوداً طبقيّاً، من التهميش إلى جامعة هارفرد إلى البيت الأبيض. إنّه فقير ابن فقراء لن يخذل أبناء طبقته السابقة. لكنّ اليمين معجب أيضاً بهذا الصعود. فهل سيرة أوباما ما هي إلا تجسيد للحلم الأميركي؟
اليسار الجديد معجب بأوباما وبتجربته في التغلّب على العنصريّة. فانتخاب رئيس أسود سيغيّر العلاقات بين البيض والسود في الولايات المتّحدة، إن لم يكن في العالم كلّه.
«وول ستريت» والصناعيّون الكبار يحبّون أوباما أيضاً. فهو لن يتّبع سياسات سلفه المتهوّرة. وفي الوقت نفسه، لن يتوانى عن تسخير مقدّرات الدولة لإنقاذ الشركات الكبرى ودعمها واستعادتها قوّتها.
«محور الشرّ» يحب أوباما. سوريا متفائلة، وأحمدي نجاد بعث برسالة تهنئة مليئة بالأمل بأن يستجيب الرئيس الجديد «بسرعة وبوضوح لمطالب التغيير الجذري والملائم للسياسة الأميركية الداخلية والخارجية». فنجاد وشعوب العالم ينتظرون من الولايات المتحدة، بقيادة أوباما، أن تتبنى «العدالة واحترام حقوق الأمم… وأن تتوقف تدخّلات الحكومة الأميركية عند حدودها الجغرافية»، بحسب ما جاء في الرسالة.
أميركيّو الهوى ومناصرو الإمبرياليّة سعيدون بأوباما. فقد أضناهم الخجل من بوش. إن من يريد الدفاع عن الإمبراطوريّة وعن عودة الاستعمار بحاجة إلى مستعمِر يُدافَع عنه، لا عن شخص من طراز بوش الابن.
حتّى بعد فشل نشر الديموقراطية، وفضائح الاحتلال في العراق، وُجد من يدافع عن بوش بحجّة أنّ الحرب على الإرهاب، رغم كلّ شيء، لم تفشل. فالولايات المتحدة لم تشهد اعتداءً آخر بعد 11 أيلول. أمّا الآن، مع ذلك الرجل القادر على إرضاء كلّ هذه التناقضات، فليس لبوش من يودّعه.