المحاكمات الصورية الجائرة في سورية الأسيرة ..؟؟
جريس الهامس
استند الحاكم الجائر الذي أصدرته محكمة جنايات دمشق بحق معتقلي إعلان دمشق على مواد أربعة في قانون العقوبات العام بالسجن عامين ونصف والتجريد من الحقوق المدنية , وسبق لهذه المحكمة وغيرها أن استخدمت هذه المواد للحكم على مناضلين وطنيين سوريين في غير محلها القانوني في قضايا السادة عارف دليلة وأنور البني وميشيل كيلو وعلي العبدالله ومحمود عيسى على سبيل المثال لا الحصر والمئات غيرهم من مناضلي شعبنا من العرب والأكراد .. وبهذا يكون القضاء السوري التابع لأجهزة المخابرات والقمع والنظام الديكتاتوري المتعفن قد كيّف مواد القانون على هوى أسياده الذين يسلبون استقلاله في نظام قائم على إرهاب الدولة ومافياتها المسيطرة على جميع مفاصل الحياة في سورية الأسيرة بفرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية وقوانين ومحاكم إستثنائية لامثيل لها في أنظمة العالم المتمدن , وغير المتمدن في العالم المعاصر _ هذا إذا جاز لنا أن نسمي النظام الأسدي دولة بالمعنى العلمي للكلمة –
ومع هذا لابد كما وعدنا من تشريح هذه المواد التي تستند إليها ا لأحكام الجائرة التي تختبئ وراءها أجهزة القمع ,,
وقبل تشريحها لابد من الوقوف عند نبأ وردني الاّن : بأن أجهزة القمع رفضت تنفيذ قرار محكمة النقض العليا في دمشق القاضي بإطلاق سراح المناضلين : ميشيل كيلو ومحمود عيسى بمنحهما حق وقف الحكم النافذ حسب قانون أصول المحاكمات الجزائية بعد قضاء ثلاثة أرباع مدة حكمهم في السجن , رغم أن قرار محكمة النقض هذا الذي صدر عن هيأتها الجزائية برئاسة القاضية السيدة : سلوى قضيب هو قرار مبرم قانوناً يجب أن ينفذ . لكن قضاء المخابرات المسمى نيابة عامة برئاسة مروان اللوجي رفض تنفيذ القرار وإرساله إلى سجن عذرا لإطلاق سراحهما ..
ليست هذه الحادثة الأولى والأخيرة مع معتقلي الرأي والضمير في سورية سبق أن حدثت مع المحامي الصديق المرحوم زهير الشلق ( أبو محمد ) الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات لإصداره كتاب ,, سقوط الجولان ,,, التقيت به في سجن المزة عام 1974 ,, وبعد انتهاء ثلاثة أرباع المدة بل بعد انتهاء العشر سنوات رفضوا إطلاق سراحه وأصدروا أمراً عرفياّ باعتقاله ثلاث سنوات أخرى وهذا ما حصل معي شخصياً فبعد الحكم على بالسجن عامين بتهمة مناهضة أهداف الثورة وفق المرسوم 6 النازي في المحكمة العسكرية وبعد انتهاء السنتين أصدروا أمراً عرفياً لإبقائي في السجن عامين اّخرين … أو يمكن للمخابرات الأسدية تلفيق تهمة جديدة لإبقاء المعتقل السياسي في المعتقل دون حسيب أو رقيب أمام العالم كله الأصم الأبكم بل أمام أدعياء الدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية , الصامتون أمام جرائم هذا النظام النازي العنصري الصغير….
أعود للمادة رقم 285 من قانون العقوبات التي استخدمت في غير مكانها للحكم على أحرار سورية الإثني عشر بتاريخ 29أوكتوبر المنصرم , وهذا نصّها :
تحت عنوان – النيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي – المادة 285 ( من قام في سورية في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية , عوقب بالإعتقال المؤقت … )
1- هل سورية في زمن الحرب أوتوقع نشوبها ؟؟؟
لن نعود إلى خيانة تسليم الجولان دون قتال في حزيران 1967 وقد شرحتها تفصيلاً في كتابي ( كيف ضاع الجولان ) تفصيلاً , كما لن نعود لحرب التحريك التي تمت في تشرين الأول 73 التي ذهبت قيادة الأسد – السادات بانتصارات وتضحيات شبابنا في العبور العظيم وتحرير مرصد وجبل الشيخ والجزء الأكبر من الجولان أدراج الرياح ,, للوصول إلى إتفاقية الأسد – كيسنجر وكاممب ديفيد مع السادات المذلة ..
و منذ توقيع اتفاقية كيسنجر الأسد السرية 1974 حتى اليوم ووقف إطلاق النار الدائم على جبهة الجولان والإختباء خلف القوات الدولية التي يمدد لها كل عام . تحول النظام الأسدي إلى حارس مخلص لحدود الجولان المحتل لم يطلق عبرها رصاصة واحدة منذ عام 74 قبل وبعد تصفية المقاومة الفلسطينية والوطنية في سورية ولبنان على أيدي المخابرات الأسدية والإسرائيلية معاً قبل اجتياح بيروت وبعده …
وفي زمن وريث المملكة الأسدبة العتيدة صرح هذا الوريث مراراً أن السلام مع اسرائيل هدفه الإستراتيجي . وكانت ومازالت الإتصالات الأسدية – الإسرائيلية تحت الطاولة وفوقها متواصلة لم تنقطع أبداً وكان اّخرها مفاوضات أنقرة وتقبيل النظام الأسدي حذاء أمريكا لرعاية هذه المفاوضات .. والصلات معروفة بين اللوبي الطا ئفي العنصري للجانبين منذ اغتصاب الأسد للسلطة .. فعن أي زمن حرب أو توقع نشوبها يتحدث قضاء المخابرات الأسدي و يصدر حكمه الجائر ضد أحرار سورية …
— وهل مطالبة أحرار شعبنا منذ عشرات السنين بإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ المستمرة سوطاً فوق رؤوس السوريين منذ الثامن من اّذار 1963 ( الأسود ) حتى اليوم .. والقوانين والمحاكم الإستثنائية , وتطبيق أبسط مبادئ حقوق الإنسان , والإحتكام لصناديق الإنتخابات الحرة والنزيهة بإشراف الأمم المتحدة لانتخاب السلطات الثلاث .. بعد إلغاء المادة الثامنة من الدستور وإصار قانون إنتخاب ديمقراطي شأن قوانين العالم المتمدن وإصدار دستور جمهوري ديمقراطي مبني على مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء …. هل كل هذ ا الحد الأدنى من المطالب المشروعة ينا ل من هيبة الدولة الأسدية العتيدة ؟؟؟ .. أو يخدش الشعور القومي ويوقظ النعرات العنصرية أو المذهبية ..؟
2– حرصاً على الشعور القومي الذي يتاجر به النظام وقضاؤه المملوكي مع الأسف سأورد مثالين اثنين على قومية هذا النظام الفاقعة
أ – أثناء أيلول الأسود 1970 دخلت قطعات من الجيش السوري بقرار من القيادة السياسية إلى شمال الأردن لإنقاذ المقاومة الفلسطينية من الذبح على يد قوات الملك المدعومة من الجيش الإسرائيلي بقيادة رابين , لكن حافظالأسد ما لبث دون إذن القيادة السياسية أن أمر القطعات السورية بالإنسحاب من شمال الأردن , وإلا سيقصفها بالطيران السوري , من يصدق هذا من أجيالنا الجديدة المنسلخة عن تاريخها مع الأسف ..؟__ وزير الدفاع يهدد جيشه بالقصف – قال كيسنجر مهندس رئاسة حافظ الأسد و حرب تشرين التحريكية في مذكراته عن أيلول الأسود, مايلي : ( كنا قلقين على مصير المملكة الأردنية الصديقة – في أيلول 1970 – , لكن تلقينا أخباراً طيبة أثناء اجتماعنا في البيت الأبيض , بأن الأردنيين شجعتهم ردود فعلنا لأن سلاح الجو السوري بقيادة حافظ الأسد امتنع عن التدخل , فأخذ الأردنيون بمهاجمة الدبابات السورية المتمركزة حول إربد بطائراتهم ويمكن تقدير الخسائر السورية بتدمير 120 دبابة .. إلخ – الجزء الثاني ص 477 ) وبعدها مباشرة جاءت المكافأة – رئاسة الجمهورية –
ب – قال بندر بن سلطان سفير السعودية في واشنطن على شاشة ال mbc العربية بتاريخ 27 م 2 / 1997 في برنامج حرب الخليج حرفياً :
( ذهبت إلى دمشق لأطلب من الرئيس حافظ الأسد المساهمة في تحرير الكويت عسكرياً مع قوات التحالف فقال لي الأسد : أنتم واثقون من مساعدة الأمريكان وإرسال قواتهم لتحرير الكويت مئة بالمئة .؟
فأجبته : نعم نحن واثقون من ذلك .
قال الأسد : إذاً ليست القوات السورية وحدها تحت تصرف السعودية والتحالف , بل نحن جميعاً تحت تصرفها … )
وهكذا أرسل الجيش السوري إلى حفر الباطن تحت راية أمريكا وحلف الناتو لذبح شباب العراق وشعبه باسم تحرير الكويت , وليقبض المليارات من دول الخليج لم يدخل دولار واحد منها الخزينة السورية . (رغم موقفنا يومها ضد احتلال صدام للكويت الذي كان فخاً أمريكياً سقط فيه الديكتاتور الأحمق ) .
أين هو الشعور القومي من كل هذا ؟؟؟
وهل ذبح الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان أولاً ثم في غزة بعد إنقلاب حماس وتمزيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بدعم أسدي – إيراني اليوم .. أو اغتيال المقاومة اللبنانية والفلسطسنية في لبنا ن منذ احتلال الجيش الأسدي له بموافقة أمريكا وإسرائيل عام 1976 حتى اغتيال الشهيد الحريري ورفاقه وسائر الشهداء اللبنانيين بعد عام 2005 هومن الدفاع عن القومية وشعورها القومي ,, وهل تطويق لبنان الاّن وتهديد أحراره المستمر هو الشعور القومي ؟؟ هل تجويع شعبنا في سورية…إلخ .. واستعباده ونهبه وإذلاله وتهجيره وبث الرعب والخوف وخنق الكلمات في الحناجر, وسرقة المال العام والخاص والفساد العلني ونشر الدعارة والمخدرات .. بل ترسيخ عسكرة طائفية سافرة من سائق الدبابة إلى الجنرال وسائر مفاصل مايسمى ,, دولة ,, هل كل ذلك انتصاراً وتطبيقاً للشعور القومي …؟؟
وهل الشعور القومي تمزيق وحدة المجتمع و الأسرة , وانتهاك أبسط مبادئ حقوق الإنسان هل كل ذلك من مبادئ القومية العربية , وهل ارتهان سورية لنظام الملالي وولاية الفقيه ورشوة الفقراء للتشيع من مبادئ الشعور القومي ؟؟
وهل التمييز العنصري الهمجي الفاضح ضد شعبنا الكردي في سورية وتهجيره من أرضه وقراه وحرمانه من أبسط حقوق المواطنة من الشعور القومي العتيد ؟؟؟
وهل ,إذا تكلم أي مواطن عما يعاني الوطن والشعب من استبداد وجور ينا ل من الشعور القومي وهيبة الدولة العتيدة …؟؟ وأية دولة هذه التي ينتصر لها النظام الأسدي التي تحرم شعبها من حق الرأي والكلام وحتى التنفس بحرية .. أليست هي الدويلة المصطنعة التي وصفها
أرسطو معلم الفلاسفة قبل ثلاث وعشرين قرنا بما يلي :
( إن أمام الطاغية في الدويلة المصطنعة وسيلتان للحفاظ على سلطته :
1- الوسيلة التقليدية , وهي أن يزيد ظنون الناس بعضهم ببعض ويباعد بين الأصدقاء بالشحناء والبغضاء
2- . 2-أن يفقر الناس ويستعبدهم ويضعفهم مادة ومعنى حتى يعجزوا عن الثورة ضده . – من تاريخ الفلسفة اليونانية – كرم ملحم كرم ص 35 )
ننتقل للمادة 285 من قانون العقوبات العام التي تنص على مايلي :
1- يستحق العقوبة نفسها من نقل في سورية في الأحوال عينها أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة .
2- إذا كان الفاعل يحسب هذه الأنباء صحيحة فعقوبته الحبس ثلاثة أشهر على الأقل .
إن كل ماصدر عن مؤتمر إعلان دمشق الأخيرعلني لايخرج عن الواقع ولايتجاوز القانون قيد أنملة .. إلا عندما يعتبر النظام أنه أمة لوحده وهو لايمت للعروبة بصلة ..و إن الكلام عن الفساد العلنى والنهب العلني وامتهان أبسط حقوق الإنسان والتركيبة الطائفية والعنصرية القائمة في كل مكان , يوهن نفسية الأمة ,,,و إذا صرخ المضطهدون والجياع والعبيد في وجه جلادهم يوهنون نفسية الأمة , أية أمة هذه توهنها المطالبة السلمية بأبسط الحقوق ؟؟, أم هم في السلطة مجموعة من القتلة واللصوص ترعبهم الأصوات الحرة التي تقول لا لا لا للإستبداد والديكتاتورية الطائفية الهمجية العنصرية لا لنظام المافيا ,, نعم للجمهورية ودولة القانون والإحتكام لصندوق الإقتراع …
أما المادة 306 عقوبات عام الواردة في القانون تحت عنوان الإرهاب – والتي تنص على مايلي :
كل حمعية أنشئت بقصد تغيير كيان الدولة الإقتصادي أو الإجتماعي أو أوضاع المجتمع الأساسية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 304 تحل ويقضى على المنتمين إليها بالأشغال الشاقة المؤقتة..
وتنص المادة 304 المعطوف عليها حكم المادة الأولى على ما يلي :
( يقصد بالأعمال الإرهابية – تحت هذا الفصل – جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر , وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطراً عاماً .)
أترك للقارئة والقارئ الكريم الحكم على علاقة هذه المادة بمعتقلي الرأي والضمير المناضلين سلمياً بالكلمة الحرة في سورية . والتي يطبقها قضاء الجلاوزة المماليك عليهم في كل المهازل التي مرت أمام محكمة أمن الدولة أو أمام جنايات الحلاق في دمشق , لقد تجاوز النظام الأسدي إسرائيل وأمريكا التي تتهم حركات التحرر الوطني والنضال الوطني من أي نوع كان بالإرهاب .. وذهب ليتهم المناضلين سلميا بالكلمة ًفي سبيل الحرية والديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان بالإرهاب …. ياللعار في القرن الحادي والعشرين , هل بقي غير هذا الطاغوت في العالم ..
فصبراً يا أبناءنا وإخوتنا المعتقلين ظلماً وجوراً , زوراً وبهتاناً في نظام المماليك الذي يرتعش من الكلمة الحرة , ويفقد صوابه من سماع كلمات الحقوق والشعب والديمقراطية…
وألف تحية وقبلة وباقة ورد لكل واحد منكم من ,, توليب ,, هولندا … لكم يافداء أكرم الحوراني , ورياض سيف وأكرم البني وأحمد طعمة وعلي العبداللة وجبر الشوفي ووليد البني ومحمد حجي درويش وياسر العيتي ومروان العش وفايز سارة وطلال أبودان … ولعائلاتكم وأمهاتكم واّبائكم الكرام .. المستقبل للأحرار وللحقيقة الساطعة كالشمس التى ستشرق لتبعث الدفء والخير في أرضنا مهما طال الظلم والظلام واستأسد….
بقيت مادتان تستحقان الدراسة في هذه العجالة : الأولى 307 تحت عنوان – الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية وتعكر الصفاء بين عناصر الأمة – والثانية تحت عنوان الجنايات الواقعة على الدستور رقم 391 / 392 وتتهم المواطنين الأكراد بسلخ أو اغتصاب جزء من الأرض السورية إذا طالبوا ببطلقة هوية أوبحقوقهم القومية المشروعة .. فإلى الحلقة القادمة – مع تحياتنا لجميع الأصدقاء الشرفاء الذين غمرونا بحبهم واتصالاتهم للإطمئنان علينا __ لاهاي _ 8 / 11
الحوار المتمدن