في الذكرى الأولى لرحيل سركون بولص: شعراء وكتاب عرب يستذكرونه ويقرأون قصائده
لندن ‘القدس العربي’ ـ من عدنان حسين أحمد: أقامت مجلة ‘بانيبال’ أمسية ثقافية استذكرت فيها الشاعر الراحل سركون بولص الذي تُوفي صبيحة يوم الاثنين المصادف 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2007 في برلين. وقد شارك في الأمسية كل من الشاعر والكاتب العراقي فاضل العزاوي الذي قَدِم من برلين خِصّيصاً لإحياء هذه الأمسية، والشاعر الأردني أمجد ناصر، والشاعر فاضل السلطاني، ومارغريت أوبانك، محررة مجلة بانيبال، والكاتب صموئيل شمعون، وعازف البيانو جوزيف بولص، ابن شقيق سركون بولص، والذي قَدِم من جنوب أفريقيا لكي يبث لواعجه المتعلقة بالرحيل المفاجئ لعمه سركون بولص.
كان صموئيل شمعون يفكر باقامة أمسيتين استذكاريتين للشاعر الراحل سركون بولص، واحدة في لندن والثانية في سان فرانسيسكو، غير أن الرحيل المفاجئ أيضاً للشاعر محمود درويش في 9 آب (أغسطس) قد أربك القائمين على مجلة بانيبال، مما دفعهم لإحياء هذه الأمسية الاستذكارية المختصرة، على أمل إقامة أمسية موسّعة في سان فرانسيسكو العام القادم، يشترك فيها أكبر عدد من الشعراء والأدباء والنقاد الذين يعرفون سركون بولص عن كثب.
سركون يعود من جديد
منذ زمن ليس بالقصير ونحن ننتظر الفيلم الوثائقي الذي صوّره صموئيل شمعون عن سركون بولص، غير أن اخراج وانتاج هذا الفيلم يحتاج الى دعم مادي كبير كي يكون فيلماً موازياً لأهمية سركون بولص الانسان والشاعر والبوهيمي الذي خلّف بصماتٍ واضحةً في المشهد الشعري العربي. ومع ذلك فقد أحضر لنا صموئيل، كومبيوتر الابتوبب وعرض لنا سركون وهو يقرأ بعضاً من قصائده من بينها قصيدة اشهود على الضفافب وهي تحمل العنوان ذاته لسيرته التي نُشرت بالألمانية. وقبل أن يقرأ سركون هذه القصيدة تحدث عن نهر االخاصةب الذي يكون في العادة جافاً في معظم فصول السنة، لكنه يفيض عندما تذوب الثلوج في أعالي الجبال أو عندما تتساقط أمطار غزيرة في ذروة فصل الشتاء. وهذا المشهد رآه سركون بولص عندما كان ذاهباً الى المدرسة ذات يوم. ومن المفيد أن نقتبس بعض المقاطع من هذا النص الشعري. افي البدء سمعنا الهدير / في البدء قبل النهار / عندما اصطكت رِكَب الجبال / وانهارت سدة العالم الخفيف / جاء هادراً ليحمل أبواب البيوت / جاء يحمل أشجاراً منزوعة من جذورها / أعشاش اللقالق والتوابيت، عرباتٍ وخيولاً / يحمل صندوق حارس / تعلوه راية ودولاب عروس له ثلاث مرايا / قبل أن نرتحل / قبل أن نرى المهد يجري على الأمواج / والمرأة تسبح وراء المهد /عيناها جديلتها الطافيةب الى أن يقول ارجل واحد ألقى بنفسه لاعناً في التيار / تلقاه النهر الهائج كأنه ذبيحة /صارع قليلاً / صاح مرة واختفى / هذا ما رأيناه في صباح الفيضان / نحن الشهود على الضفافب للمناسبة لم أقتبس الأبيات المحذوفة لأنني لم أسمعها جيداً في التسجيل الصوتي. كما أنني أخشى على قصائد سركون من التشويه غير المتعمد. أما القصيدة الثانية التي قرأها سركون على مسامعنا فهي قصيدة ا شاحذ السكاكين ا وقد عرفت من صموئيل وماغي بأنه كان يحب هذه القصيدة بالذات، ولهذا فقد هيمن العنوان على المجموعة الشعرية برمتها والتي انضوت تحت العنوان المذكور ذاته والذي سيصدر عن منشورات مجلة ابانيبالب. تقول القصيدة: االعالم فتحة تحرسها كسور مرآة على دكة من الطين / تعبر منها مختلف أشكال الخليقة / يأتي الجميع ليدلفوا الى هذا الزقاق / يأتي دراويش عاشوا زمناً في الكهوف مع العقارب والثعابينب هذه الفتحة في ذاكرتي / عندما أتبع ظلاً يأخذني عطر المواسم / وأصغي الى نغمة شبه دفينة / تتردد في مكان قصي من نفسي. االى أن يُنهي القصيدة بالقول ا يظهر شاحذ السكاكين / في ملكوت الأشياء الصغيرة / مثل نبوءة نسيناها / ويقدح بين يديه الحجر / ناعقاً للنائمين بأنه جاء / جاء ليشحذ السكاكينب
ملاحقة طويلة
أكد صموئيل بأن القصائد التي قرأها سركون بولص إنما هي حصيلة ملاحقات طويلة قام بها مذ تعرف على سركون في أواخر التسعينات من القرن الماضي، خصوصاً بعد أن تناهى الى سمعه بأن سركون ستُجرى له عمليه كبرى في القلب
االغريب أن سركون بولص كان يسمي هذه العملية الكبرى تداخلاً جراحياً بسيطاً حينما كنا نلتمسه أن يهتم بصحتهب كان سركون مُسترخياً وبطيئاً حتى في إيقاعه اليومي، لذلك لم يتحمس كثيراً لموضوع التصوير الذي قد يفضي الى انجاز فيلم وثائقي عن تجربته الحياتية والشعرية. فلا غرابة في أن نراه يتذمر من ملاحقات صموئيل، ومتابعته إياه في سان فرانسيسكو وبرلين وباريس وغيرها من عواصم العالم ومدنه التي يتردد اليها سركون زائراً أو مدعواً لاحياء أمسية شعرية أو ثقافية. ولولا الجهد الذي بذله لما سمعنا هذه القصائد بصوت سركون. هناك تفاصيل أخرى مهمة وثّقها صموئيل من بينها اللوحات الكثيرة التي رسمها سركون في فترات مختلفة من حياته. هذه اللوحات صوّرها صموئيل من دون موافقة سركون وأعطى نسخاً منها الى الشاعر نوري الجراح الذي كان ينوي اصدار عدد خاص عن سركون بولص، لكن هذا العدد الخاص لم يرَ النور حتى هذه اللحظة. لقد استسلم سركون الى اصرار صموئيل على تصويره في كل مكان وبالذات في سان فرانسيسكو غير أن سركون قال له: هذا هو آخر يوم سأمضيه معك في سان فرانسيسكو. أنا ذاهب الى أوروبا ولن أعود الى هذا البلد ثانية. وبالفعل وافاه الأجل في برلين غير أن أهله أعادوا جثمانه الى أمريكا، ودفنوه في المكان الذي لم يعد يحبه كثيراً.
العزاوي أقدم مَنْ عرفه
من بين ثُله أدباء اجماعة كركوكب لبّى الشاعر والروائي فاضل العزاوي الدعوة وجاء من برلين الى لندن خصيصاً لاحياء هذه الأمسية الاستذكارية. وقد قال بعض الجُمل المؤثرة قبل أن يشرع في قراءة بعض قصائد سركون. قال العزاوي بأنه ربما يكون أقدم من عرف سركون بين الحاضرين. وقد عاد بالذاكرة الى عام 1958 حينما كان العزاوي طالباً في المدرسة حيث جاءه شاب آشوري صغير وقدَّم له بعض القصائد قائلاً: أنا سركون بولص وهذه قصائدي. كان العزاوي في تلك الفترة قد نشر بعض قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية، أي أن شهرته قد سبقت مجايليه بعض الشيء. وأكد العزاوي بأنهما كان يقضيان كثيراً من الوقت معاً، ويحاولان اكتشاف الشعر الانكليزي والأمريكي إضافة الى انهماكهما بالشعر العربي الحديث. وفيما يتعلق باحياء الأمسية قال العزاوي لصموئيل بأنه لا يحتمل رؤية الراحل وهو يقرأ شعراً أمام عينيه، ولا يطيق أن يراه غائباً عن هذه الأمسية. ومع ذلك فقد حضر العزاوي وقرأ بعض القصائد من بينها قصيدة اشعراء في المنفىب التي نقتبس منها المقاطع الآتية: اكيف أن شاعرنا الذي تسبقه شهرته / ويلتف بها كالوشاح حتى في عز الظهيرة / عندما يكتب بريشته التالفة في العطل الرسمية عادة عن مواضيعه الأثيرة /
لا يعرف أننا أتينا منذ زمن على الرغيف بينما كان يتحدث عن الخميرة / إذاً فهو ما يزال يحتل مكان الصدارة في زوايا الصفحات الثقافية / ويلوك نفس الأعشاب االى أن يقولب هناك أومأ صديقي باتجاه السوربون / حيث وصلنا ايماءة الحنين الى طالب يكتب شعارات بفرشاة صباغ على الجدار / شاخصاً بعصبية الى المداهمة لكنه لا يأبه بالشاهدة / وهذا ما كُتب على الجدار / لنقوّض هذه الأنصاب / فمن شيدت باسمه لم يعد من نريد / ولنستعمل حجارتها في بناء كوخ آخر لمتشرد جديدب. ثم قرأ العزاوي لاحقاً قصيدتي ا السندباد ا و ا المحطة ا وأنهى مداخلته حينما اعترض على فاضل السلطاني الذي قال بأنه عرف سركون قاصاً قبل أن يعرفه شاعراً، غير أن العزاوي يؤكد بالدليل القاطع بأن سركون قد بدأ شاعراً لكنه كتب بعض القصص القصيرة الجميلة التي لا يتجاوز عددها خمس أو ست قصص، وقد نشرت في مجموعة قصصية تحت عنوان اغرفة مهجورة ا صدرت باللغتين العربية والألمانية. أما الشاعر فاضل السلطاني فقد قرأ قصيدة ارجل خلف الستارب وقصيدة ااختفى دون أن ينطق بكلمةب وقال: عرفت سركون بولص قاصاً حينما كان ينشر قصصه في مجلة االآدابب البيروتية. وكنت معجباً به كقاص، وليس كشاعر. وهذا رأيي الشخصي في تجربته الابداعية. وكنت أقول في نفسي يا ليت لو استمر في كتابة القصص القصيرة، لكنه بدأ بكتابة الشعر، وأخذ الناس يعرفونه كشاعر وليس كقاص. وفي موضع آخر قال السلطاني بأنه سمع اسم سركون من زميله في الكلية حسين حسن، إذ جاء هذا الأخير وأخبره بأنه تعرف الى شخص مذهل، وحينما ذهب معه الى غرفته لم يجد فيها موطئ قدم لأنها كانت مليئة بالكتب المكدسة. وقد اتفقنا على أن يعرِّفني عليه لكن الفرصة لم تكن مؤاتية.
تأثيره في الجيل الجديد
كان الشاعر الأردني أمجد ناصر، المحرر الثقافي للقدس العربي، الأوفر حظاً بين المشاركين، إذ تحدث عن سركون الشاعر والانسان، كما قرأ خمساً من قصائد ديوانه الأخير ‘عظمة أخرى لكلب القبيلة’ والذي صدر عن دار ‘الجمل’ في ألمانيا بعد رحيله. قال أمجد ‘كلنا، هنا، نعرف سركون بولص إنساناً وشاعراً. كان سركون مليئاً بالكسل’ وكان يبدو لنا ان كسله بالذات هو الذي سيبقيه طويلاً بيننا. ولكننا للأسف فقدناه مثلما فقدنا كثيرين اعتقدنا انهم لن يصدمونا برحيلهم المبكر والمفاجئ. وأضاف ناصر: صحيح أن سركون لم يعد موجوداً بيننا، لكنه موجود ليس بشعره فقط، وإنما بحكاياته التي نعرفها كأصدقاء، وبمئات الضحكات والنكات التي كان يطلقها. فهو، كما تعرفون، شخص مرح، وغير ميال للكآبة والحزن والرثاء.
فأمجد ناصر، بوصفه شاعراً من الجيل اللاحق لجيل سركون، يرى أن سركون موجود في قصائده التي نقرأها الآن، وفي مجمل تجربته الشعرية التي كان لها تأثير أساسي ربما أكثر من جميع مجايليه من جيل الستينات على الأجيال اللاحقة. ا ويبدو أن أمجد هو الأكثر إطلاعاً على السيرة الذاتية والابداعية لسركون بولص حيث تقصى في كلمته المرتجلة التي نالت استحسان الحاضرين مواقف ومجازفات عديدة من بينها اأن سركون المنفي أو المهاجر العراقي الذي عبَر الصحراء الغربية العراقية واختفى في بيروت قبل أن يشد الرحال الى أمريكاب. ظل يحمل هذه الميزة: النأي الذي جعل صورته تتحول الى ما يشبه الايقونة لدى الأجيال اللاحقة. وأضاف ناصر، ان سيرة سركون وشعره توافرا على ما يبدو انها مفارقات: آشوري يكتب شعرا بالعربية يبرز في قصيدة النثر وهي شكل من العجمة في نظر الاغلبية الساحقة، ثم يقيم في امريكا، وهي اقصاء آخر. ويرى ناصر اأن تجربة سركون الشعرية لم يفِها النقاد حقها، كما أن مستوى تأثيره الشعري على الجيل اللاحق لم يأخذ حقه من النقد والدراسة والتحليلب. ويعتقد أمجد ناصر أن سركون هو أحد أبرز الشعراء الذين عرّبوا ما يسمى عندنا قصيدة النثر، واجترحوا لها شرعية فنية وجمالية. اوقد وصف أمجد الشاعر سركون بولص ابأنه عاشق كبير للغة العربيةب ثم قرأ ست قصائد انتقاها من ديوان اعظمة أخرى لكلب القبيلةب وهي على التوالي االكرسيب، ‘حصاة’، ‘حمّال الكلمات’، ‘سقط الرجل’، ‘المظروفب و االى سيزار فاييخوب. وقد كانت قراءة أمجد ناصر موفقة جداً لوضوح مخارج الحروف، ودقة الحركات الاعرابية. هذا ناهيك عن أن الشاعر كان متماهياً ومندمجاً مع أجواء القصائد التي قرأها وكأنه هو كاتبها.
تقول قصيدة ا حمّال الكلمات ا ا صوامعُ تنهارُ بنُسّاكها المُلتحين إلى الهاوية / وفي الشارع يعبرُ الحَمّالُ وعلى ظهره أثاثُ بيت: / سَجّادةُ كاشان، طابعة عربيّة، ستائرُ مخمليّة، هَرمٌ من الكراسي. /وفي غدير الصباحِ أحرّكُ سرّا ً أخضرَ، مثلَ ضفدع، بإصبُعي. / أكتبُ كلمةً واحدة في دفتري، وأغلقهُ. / حركة ٌ واحدة تكفي / لكي تتغيّر الدُنيا. ا أما القصيدة الأخرى التي توقف عندها أمجد ناصر فهي قصيدة االى سيزار فاييخوب كما تحدث عن البيروفي سيزار فاييخو الذي يعتبر من رواد الحداثة في أمريكا اللاتينية والذي توفي عام 1938. وأشار أمجد ناصر الى واحدة من أبرز قصائده التي وصلت الينا عن طريق الترجمة وهي قصيدة احجر أبيض على حجر أسودب يتنبأ فيها فاييخو بموته في باريس في يوم ماطر. وفعلاً مات في باريس وفي يوم ماطر. وأضاف أمجد بأنه لا يعرف لماذا أهدى سركون هذه القصيدة الى فاييخو، ولكنه قال ربما نعرف السبب إذا ما قرأنا القصيدة.
ذكريات ثانية
بعد أن انتهى أمجد ناصر من كلمته وقراءاته الشعرية أتاح صموئيل المجال لجوزيف بولص، ابن أخ الراحل سركون بولص. وجوزيف للذين لا يعرفونه عازف بيانو ماهر. له تجربة مع هذه الآلة الغربية تمتد لثلاثين سنة تقريباً. وقد سبق له أن عزف في حضرة العائلة المالكة الاسبانية، والملك حسين، والرئيس الرواندي. ولأن جوزيف عاطفي جداً فانه لم يستطع أن يتحدث طويلاً أمام الحضور خشية أن يجهش بالبكاء. قال عن سركون بأنه لم يكن يتحدث عن عائلته كثيراً لأن علاقتهم بالأدب والفن ضعيفة، باستثناء حديثه المتواصل عني لأنني أعزف على آلة البيانو. قال عن سركون بأنه انسان جاد خصوصاً على صعيد الشعر، وأن لديه إلماماً بالموسيقى. وذات مرة سألني عن طبيعة شعوري حينما كنت أعزف للعائلة المالكة في اسبانيا فقلت له بصراحة اانني لم أكن أشعر بيدي وقدميَّ في أثناء العزفب ثم اعتذر عن مواصلة الحديث خشية أن تسيطر عليه مشاعره الجياشة.
ذكريات حميمة
تركت مارغريت أوبانك المجال واسعاً أمام جميع المشاركين في الأمسية ثم دلت بدلوها لاحقاً متحدثة عن خصوصية سركون بولص بالنسبة اليها كانسان وشاعر وصديق حميم. كما أنه للمناسبة محرر من المشاركين في مجلة بانيبال منذ تأسيسها. ترى أوبانك أن سركون مُحب للغتين العربية والانكليزية. وتعتقد أنه يمثل ظاهرة غريبة بوصفه شاعراً آشورياً يكتب بالعربية، وأصبح جزءاً من المشهد الشعري الأمريكي منذ ستينات القرن الماضي. بدأ سركون بنشر قصائده في مجلة اشعرب وقصصه القصيرة في مجلة االآدابب البيروتية.
حينما هاجر سركون الى أمريكا فقدهُ العالم العربي حتى عاد وظهر من جديد في أواسط الثمانينات عندما أصدر ديوانه الشعري الأول بالعربية وهو االوصول الى مدينة أينب. ثم ظهرت قصائده وترجماته في عدد من الصحف والمجلات والدوريات العربية. قالت أوبانك بأن سركون قد ترجم لإزرا باوند، ودبليو. إتش. أودِن، ودبليو. اس. مروِنْ، وشكسبير، وشيللي، ووليم كارلوس وليامز، وألين غينسبيرغ، وسيلفيا بلاث، وروبرت دنكن، وجون آشبيري، وروبرت بلاي، وآنا سكستون، وجون لاغون وشعراء آخرين بضمنهم ريلكة، ونيرودا، وفاسكو بوبا وهوشي منه. ثم قرأت قصيدة اشاحذ السكاكينب بالانكليزية وتركت صموئيل لكي يواصل حديثه وذكرياته العديدة مع سركون بولص. أكد صموئيل بأن سركون كان له العديد من الأصدقاء الأجانب ومن بينهم رسام يوغسلافي كان سركون ينام في بيته. وحينما تعرف على ايتيل عدنان اشترت له تذكرة سفر ودعته الى بيتها في كاليفورنيا. كما أشار الى أن أحد الهنود الحمر الذين تبناهم سركون قد حضر ومعه زوجته وأطفاله مراسيم دفنه. واختتم صموئيل حديثه بالقول أن سركون حينما كان صغيراً أراد له أبوه أن يتعلم مهنة لكي يعتاش منها فجاء به الى أبي وهو كما تعرفون أخرس وأطرش، وعصبي المزاج. وحينما كان يكتشف تكاسل سركون كان يضربه برأس الخشبة التي يدفع بها الخبز. لم يحتمل سركون هذا التعامل فترك المخبز وهرب، ووجد نفسه بالنتيجة في الشارع، فاضطر لكتابة الشعر، ولولا قسوة والدي لكان سركون خبازاً، وليس شاعراً كما نعرفه الآن. ويستغرب لماذا لم يكتب سركون هذه القصص في سيرته الذاتية اشهود على الضفافب كما فعل صموئيل في سيرته الروائية المعنونة اعراقي في باريسب التي قال فيها كل شيء تقريباً. بقي أن نقول إن سركون قد ولد في الحبانية في عام 1944 وتوفي في برلين عام 2007. أصدر عدداً من الكتب والدواوين الشعرية وهي االوصول الى مدينة أين’، ‘الحياة قرب الأكروبول’، ‘الأول والتالي’، ‘حامل الفانوس في ليل الذئاب’، اإذا كنت نائماً في مركب نوح’، و اعظمة أخرى لكلب القبيلةب بالاضافة الى ارقائم لروح الكونب وهي مختارات شعرية مترجمة الى الألمانية، و اشهود على الضفافب و اشاحذ السكاكينب الذي سيصدر عن منشورات ابانيبالب خلال الأشهر القليلة القادمة.
القدس العربي