صفحات الناس

باسيسكو…تشاوشيسكو

null
درويش محمى
طوال فترة حكمه قاد الطاغية الروماني تشاوتشيسكو بلاده رومانيا بقبضة من حديد, معتمداً على جيش عرمرم من البوليس السري “السيكوريتات”, وفي الوقت الذي كان شعبه يعاني مجاعة حقيقية ويعيش معظمه تحت خط الفقر, كان الديكتاتور وعائلة الديكتاتور والى حد ما حاشية الديكتاتور يعيشون ببذخ وترف, وكغيره من اقرانه كان تشاوتشيسكو يعتقد بأن حكمه سيدوم الى ما لانهاية لذلك نجده لم يكترث للحظة بالمتغيرات التي احاطت ببلاده, رغم الخطر الوشيك الذي كان يهدد عرشه في اخر ايام حكمه, كانت وسائل اعلامه وعلى مدار الساعة لاتتوقف عن تمجيده وتعظيمه .
الرئيس الروماني الحالي باسيسكو على عكس الرئيس الروماني الراحل تشاوتشيسكو, هو رئيس ديمقراطي منتخب ويحظى بشعبية واسعة في بلاده, بسبب محاربته للفساد ولجهوده الجبارة في ضم بلاده الى الاتحاد الاوروبي, لكن الزيارة التي قام بها باسيسكو أخيراً الى دمشق, ومع كامل احترامنا لسيادته, لم تكن موفقة بتاتاً وهي تعيد الى الاذهان شبح العلاقة “التاريخية” المشؤومة بين النظامين الروماني والسوري خلال حقبة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي, رغم كل المستجدات التي طرأت على تلك العلاقة والتي حدثت حصراً في الجانب الروماني, حيث اختفى تشاوتشيسكو واعدم مع زوجته, وتحولت رومانيا من بلد توليتاري الى بلد ديمقراطي, اما في الجانب السوري فبقيت الامورعلى ما هي عليه ولم تتغير قيد أنملة, والاسد لازال يحكم البلاد ويعصر العباد بقبضة من حديد, معتمداً على جيش حقيقي من البوليس السري (الاستخبارات), كأمن الدولة والأمن العسكري والأمن السياسي والأمن الجوي والأمن البحري والأمن الخارجي والأمن الداخلي, غير مكترث ولا مبال لكل المتغيرات العالمية والاقليمية, معتقداً انه سلطان زمانه, ووسائل اعلامه لا تتوقف للحظة عن تمجيده وتعظيمه في الوقت الذي يعيش الشعب السوري مجاعة حقيقية .
الرئيس الروماني باسيسكو وهو يزور دمشق, لا شك انه كان يحمل في جعبته مصالح بلاده فوق كل اعتبار, لكن من الممكن جداً وليس مستبعداً على الاطلاق ان يكون الرجل قد حن قلبه للماضي و “لايام زمان”, وبالسفر ساعتين فقط على الطائرة الرئاسية الرومانية من العاصمة بوخارست الى العاصمة دمشق, سافر نيكولاي باسيسكو عبر الزمن عقدين من الزمن الى الوراء, ليجد رئيسه السابق نيكولاي تشاوشيسكو حياً يرزق وليلتقي به وجهاً لوجه في خريف دمشق الفيحاء.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى