جادك الحجب إذا الحجب همى
المحامي لؤي اسماعيل
يبدو ان الجهات المختصة بقرارات الحجب تسعى جاهدة لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية في عدد المواقع المحجوبة حيث ان حجب المواقع بات هو الأساس المتبع في الوقت المطلوب فيه من الإعلام بجناحيه العام والخاص مواكبة الأحداث والمستجدات الدولية بسرعة وتقنية خاصة وإن الإعلام بات جزءا من الحرب النفسية والثقافية التي تشنها الدول الكبرى لتنفيذ أهدافها والجدير ذكره ان الولايات المتحدة الأمريكية قد خصصت ملايين الدولارات لصرفها على حملات إعلامية غايتها ” تلميع ” صورة الولايات المتحدة الأمريكية عالميا ، من جهة أخرى نذكر الدور الكبير الذي قامت به مواقع الانترنت في سوريا للدفاع عن سوريا في وجه الحملات الإعلامية التي طالتها من أوساط عربية وأجنبية في الوقت الذي لم تستطع فيه وسائل الإعلام الرسمية من مواكبة الأحداث أو مجاراتها أو حتى الرد على الأبواق التي طالت سورية بالاتهامات والشتائم . وإن كنا نقف بحزم ضد كل ما من شأنه المساس بأمن ووحدة واستقرار وسلامة الوطن ولكن ذلك لا يعني أبدا الانطلاق من هذه العناوين العريضة للتضييق من حرية التعبير التي كفلها بالدستور السوري عندما أعطى لكل مواطن “الحق فى أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى… وتكفل الدولة حرية الطباعة والنشر وفقا للقانون ”
وكان تقرير صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود قد ذكر في وقت سابق تراجع ترتيب سورية عالمياً في مجال الحريات الإعلامية هذا العام إذ حصلت على الترتيب 159 من أصل 173 دولة شملها التقرير بعد أن أعطاها المرتبة 154 في عام 2007 والمرتبة 153 في عام 2006.
ورغم عدم وجود قانون ينظم عمل المواقع الالكترونية ولا آلية الرقابة عليها باستثناء بعض التعاميم التي صدرت سابقا كالتعميم الذي صدر عن وزير الاتصالات السابق عمرو سالم والمتضمن ” توخي الدقة والموضوعية في نشر أي مقال أو أي تعليق يرد والتثبت من الاسم الصريح لكاتب المقال أو التعليق المنشور والعنوان الالكتروني الذي ورد منه وضرورة كتابة اسم ناشر المقال أو التعليق بشكل واضح ومفصل ” كما حدد العقوبات الناجمة عن مخالفة هذا التعميم بثلاث عقوبات تبدأ بإنذار صاحب الموقع، ثم الحجب المؤقت، وتنتهي بالحجب النهائي للموقع في حال تكرار الأمر ، ورغم ذلك فإن المواقع الالكترونية – غالبا – ما تفرض من تلقاء نفسها رقابة صارمة على معظم المواد والتعليقات المنشورة فيها حتى ان بعض المواقع قد فرض على نفسه وقراءه قواعد صارمة لنشر التعليقات والمساهمات تفاديا لأي مشاكل أو حساسيات قد تنجم عن إطلاق الحبل على غاربه .
وقد حظي الإعلام الإلكتروني خلال الأيام القليلة الماضية باهتمام ومناقشات هامة تجلت من خلال عدة ندوات سواء على شاشة الفضائية السورية أو شاشة قناة الدنيا تم خلال هذه الندوات مناقشة آفاق وواقع الإعلام الإلكتروني في سوريا بهدف النهوض بالعمل الإعلامي وجعله قادرا على المنافسة الحقيقية وإيصال رسالة سورية إعلامية متميزة إلى العالم .
ورغم ضعف الإمكانيات المتاحة ورغم التضييق المفروض على عمل هذه المواقع إلا أن المواقع السورية استطاعت إثبات نفسها من خلال كادر دؤوب ومن خبرة تختزنها نفسية المواطن السوري الذي يستطيع بحسه الوطني المرهف تمييز الخبيث من الطيب ومواجهة جميع الحملات الإعلامية المضللة التي استهدفته وهو ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم عندما قال أن : ” الشعب السوري أثبت بالرغم من صعوبة نقل المعلومات في ظل وجود هذه الفضائيات والهجمة الإعلامية الشرسة على عقله ، تمكن من تمييز الأمور بشكل واع جدا ، وكما نقول بشكل صريح كأسرة واحدة لدينا ضعف في نقل المعلومات ومع ذلك تمكن من القيام بهذا الشيء وحافظ على استقراره ” .
لذلك فإننا نعتقد بضرورة الإسراع وليس التسرع بإصدار قانون للإعلام الإلكتروني ينظم عمل المواقع الإلكترونية وفق آلية محددة بالقانون بعيدة كل البعد عن التعليب المسبق لهذا الإعلام كما يكفل للمواقع الإلكترونية حرية العمل بشكل يسمح بتعدد الآراء والأفكار بما يسمح بتقديم خدمة إعلامية مميزة بعيدة كل البعد عن السجالات العقيمة التي لا طائل منها ونرجو أن يكون كما قال السيد وزير الاتصالات عماد صابوني “إن قانون الإعلام الالكتروني لن يكون قانونا قمعيا وليس الهدف منه على الإطلاق التضييق على المواقع الالكترونية ” كما نأمل وندعو أن لا تتكرر ظاهرة حجب المواقع الإلكترونية السورية والتي إنضم موقع زمان الوصل إليها مؤخرا راجين ألا نقرأ على صفحته الرئيسية أنه :” تم إغلاق هذا الموقع لأسباب تعود إلى الإدارة ” .
المصدر:كلنا شركاء