صفحات سورية

تفخيخ زيارات سوريا

null
غاصب المختار
بالتأكيد ذهب الوزير زياد بارود الى دمشق ممتعضاً من محاولات بعض القوى السياسية اللبنانية وبعض مراكز السلطة، »تفخيخ« زيارته الى سوريا، بالحملات المبرمجة التي سبقت الزيارة، تحت حجة رفض اعترافات شبكة التفجيرات التابعة لما يسمى »فتح الإسلام«، ورفض تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين لبنان وسوريا، وقبلها حجة تصدير سوريا للإرهاب الى لبنان، مع أن الإرهاب ذاته هو الذي ضرب في لبنان وسوريا، وهو ما دفع رئيس الجمهورية الى القول إن إسرائيل والإرهاب واحد بالنسبة الى لبنان.
وقد بدأ تفخيخ زيارة الوزير بارود لسبب أساسي يبدو أنه يتعلق بعدم رغبة بعض الطاقم الحاكم وبعض »قوى ١٤ آذار« بفتح صفحة جديدة سليمة مع سوريا، برغم كل الكلام الذي يقولونه حول وجود مثل هذه الرغبة لديهم، والتفخيخ ذاته مورس قبل مدة بعد عودة رئيس الجمهورية من دمشق، حول موضوع التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا، بالحملة المسبقة التي شنت على السفير السوري والسفارة السورية من قبل أن يكونا في بيروت، وبالكلام عن كيفية ممارسة هذا السفير العتيد لدوره بعد تسلمه مهامه وعدم تحويل السفارة الى وكر مخابرات، الى آخر المعزوفة التي طالت، وتحولت الى سبب لتفشيل أي مسعى فعلي لتصحيح العلاقة مع سوريا.
يمكن لتيار »المستقبل« أن يدافع عن نفسه بوجه الاتهامات الموجهة اليه بدعم »فتح الإسلام« أو سلفيين مسلحين في الشمال ـ وهذا حق له ـ لكن جاء دفاعه متأخرا كثيرا، وبطريقة ملتوية لم تحقق النتيجة المتوخاة منها، خاصة أن معظم مسؤولي السلفيين في الشمال أقروا علناً عبر شاشات التلفزة بعلاقة ما أو باتصالات لهم بـ»فتح الإسلام«، كما أنهم أنفسهم أقروا علناً بعد توقيع الاتفاق مع »حزب الله« ومن ثم سحبه، أن تيار المستقبل هو مرجعيتهم السياسية ولم ينكر تيار المستقبل أنه هو المرجعية، ما يفترض ظن الكثيرين بوجود مسؤولية سياسية ومعنوية ما لتيار المستقبل عن هذه التيارات السلفية وعن أعمالها. ودفاعه عن نفسه بعدم دعم »فتح الأسلام« أمر يتقرر في القضاء وعبر التحقيق لا عبر المناكفات وتبادل الاتهامات من فوق السطوح. ولعل توصل الوزير بارود الى اتفاق على تبادل المعلومات عن سير التحقيقات التي أجرتها سوريا مع الشبكة، وتقاطعها مع تحقيقات لجنة التحقيق الدولية قد يفيد تيار المستقبل في دفاعه.
ليس من حق أي مسؤول رسمي أو طرف سياسي أن يمنع تصحيح العلاقة بين سوريا ولبنان من دولة لدولة، لأسباب سياسية أو شخصية على الأغلب، وما قام به وزير الداخلية هو استكمال لمسيرة تصحيح العلاقة كما أرادها كل اللبنانيين والأطراف السياسية، وبناء لقرار من مجلس الوزراء، وكما أرادها رئيس الدولة، وهناك زيارات اخرى لمسؤولين آخرين مرتقبة الى دمشق، أهمها زيارة وزير الدفاع وقائد الجيش، فهل سيتم تفخيخ زيارتيهما ايضا بمواقف وشروط مسبقة؟
يبدو أن رئيس الحكومة يريد فرض إيقاعه وشروطه وتوقيته على سوريا، قبل أي بحث جدي بإمكانية زيارته الى دمشق، بل يُخشى ألا يكون راغبا بزيارة سوريا أصلا ربطا بحسابات أخرى، ولعله مع بعض أركان »قوى ١٤ آذار« يريد تصحيح العلاقة مع سوريا على وقع ضغوط سياسية خارجية واستخدام لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية لفرض شكل العلاقة مع سوريا. وهذا لن يقدم أو يؤخر شيئا، بل سيضر به شخصيا، لأن مسيرة تصحيح العلاقة مع سوريا ستستمر ولن يوقفها نزق شخصي، أو قرار متسرع وارتجالي. ولا تفخيخ الزيارات. وكما نجحت زيارة الوزير بارود في كسر الحواجز المصطنعة، فستنجح كل مساعي تصحيح العلاقة بسوريا لأن فيها مصلحة للبنان أولا.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى