صفحات سورية

إدارة بوش و حقوق الإنسان

null


علي محمد

إنها لمهزلة مقصودة أن تصدر إدارة بوش تقريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان في العالم. موحية بأنها ما زالت ترعى في سياساتها مع الدول علاقة هذه الأخيرة بشرعة حقوق الإنسان.

إن سيرة جورج بوش الإبن الذي قال يوما بأن الله يكلفه باتت تشي بأنه يسير على خطى الامبراطورالروماني نيرون، الذي ارتكب من الآثام (قتل أمه رفسا بقدميه) قدرا لم يعد يشفع فيه سوى أن يصبح هو الله فذهب لذلك. وبوش لم يقتل فقط أطفال العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان، بل يعمل على قتل أم الحياة؛ اللأرض برفضه المستمر لحماية البيئة من مخلفات إدارته الصناعية والعسكرية. وربما يختتم إدارته بفعل جنوني من موقع أرفع عتها من المكلف.

مهزلة مقصودة لأنها تشي بفتح باب لولوج الموقع الجديد. وإلا فكيف للمنطق أن يتعاطى مع تقرير إدارة بوش ذلك ومعتقل غوانتانامو على مرمى حجر من مقرها وصور أبو غريب تبز صور معتقلات النازية بشاعة. هل يطرحون أنفسهم كآلهة يعرف برؤيتها كل شيء ليغدو التعذيب في أبو غريب وغوانتانامو عملا لصالح حقوق الإنسان.

ولادة شرعة حقوق الإنسان جاءت من الضرورة إثرحربين عالميتين قتل فيهما ما يزيد عن 2% من أبناء البشرية(بعض الشعوب خسرت 20%) وجرح وشرد أكثر من ذلك، ناهيك عن العاهات النفسية التي خلفتها.

لمنع موجات عنف مماثلة، ومن أجل تلمس صيغة سلمية لإدارة حياة البشر على الكرة الأرضية ولدت شرعة حقوق الإنسان التي استنارت بعض الأمم بمضمونها، وقرأت في الامتثال لها وفي تطويرها مصدرا للقوة وللازدهار.

معظم إدارات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة بعد الحرب بدت غير مكترثة بذلك، بل خاضت داخليا وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة حرب التطهيرالمكارثية القذرة لكبح وترويض رد فعل المجتمع الأمريكي ضد استخدام القنبلة الذرية بدون مبرر، سوى توجيه رسالة مفادها أن يدها هي العليا، وأنها قادرة على ارتكاب البشاعة بحدودها القصوى. ثم شنت حربها على كوريا أزهقت أرواح ما يقارب خمسة ملايين من البشر، وكانت على وشك أن تستخدم السلاح النووي، وتبعتها بحرب على فيتنام ولاوس وكمبوديا، قتل فيها ما يقارب الرقم الكوري، مضافا إليه فتك غير مسبوق بالطبيعة وثقته عشرات الأشرطة المصورة والكتب التي تحدثت عن قرى أبيد أطفالها ونساءها ورجالها وبالكامل، وعن غابت أبيدت بكاملها أيضا.

لم تهمل تلك الإدارات حق الجيران في بلدان أمريكا الجنوبية التي دفعت مجتمعاتها ثمنا فادحا جدا على يد الشركات الأمريكية بحماية وكالة المخابرات المركزية وقوات التدخل الخاصة ذوي القبعات الخضر، ويجب أن لا تنسى البشرية أبدا دعمهم للطاغية بنوشيه في اسقاط السلطة الديمقراطية التي رأسها المنتخب ديمقراطيا من الشعب سلفادورالليندي (الشيوعي)، وكيف ساعدوه على ترسيخ سلطته بقتل عشرات الآف من سكان التشيلي الذين رفضوا عودة الديكتاتورية للسلطة. يجب أن لا ننسى ذلك كي لا ننسىمحاولات راهنة لإسقاط اسماعيل هنيه (المسلم) المنتخب من الشعب ديمقراطيا عبر مساعدة إسرائل على تحويل قطاع غزة إلى معتقل يتفوق سوء شرط العيش فيه على مثيلاته من معتقلات النازية حيث يقصف الأطفال لتتناثر أشلاءهم ويمنع الماء والطعام والدواء.

ما اقترف ويقترف اليوم في العراق وفي فلسطين وأفغانستان من مجازر تشبه وتزيد بشاعة عن تلك الفيتنامية. يمارس صيد البشر كما الأرانب والبط، و تستخدم الأسلحة المحرمة دوليا من يورانيوم منضب وفوسفور أبيض وحتى يورانيوم مخصب كما حصل في حرب تموز وفي احتلال العراق. الذخائر أمريكية واستخدمتها يد أمريكية أو إسرائيلية بموافقة بوش وتشيني وكوندي وشارون وأولمرت وبيرز.

ما يحدث هو هجوم جبهي ومباشر على العقل في هذه المنطقة من العالم. فهل الهدف هو تدميره وتحويل سكانها إلى معتوهين يفتكون ببعضهم بعضا؟ وهل ذلك تمهيد لاتهامهم لاحقا بأنهم خطر على الجنس البشري؟هل نحن أمام محاولة لصنع مشهد الغروب الأخير لشمس حقوق الإنسان!؟.

أم نحن أمام تحد للنضال كي تشرق بنهار أطول من نهار قطبي

هذه المنطقة بترابها وشجرها وناسها مستهدفة، وهي أرض صراع حاسم مع “القاتل الأبشع” اليوم: القاتل الأمرو إسرائيلي.

إنه لمؤلم غاية الألم أن يرى أحد أبناء المنطقة محصلة موجبة في مجمل ناتج ضربات المبضع الأمريكي في العراق. وأن يرى آخر في إدارة بوش فرصة لالتقاط إعلان يبثه بخطابه من موقعه كمشروع حاكم جديد يقف على رصيف التاريخ ويأمل بأن يأتي دوره كطاغية مستعد لخدمة بوش ومخططاته منظرا لاحتلال سوريا وشن حرب على إيران وتصفية حزب الله وحماس حتى جسديا.

من أجلنا جميعا وقبل فوات الأوان دعونا نشحذ عقولنا ونحرر أنفسنا من شهوة السلطة، دعونا لا نخاف أن نخرج خارج خيمة عداواتنا السابقة وخيمة الحالة العرفية، دعونا نبيض القصد والسجون ونتآزر لنكتب معا المعلقة العربية في حقوق الإنسان، فنصنع بها مصدر قوة جبار نواجه به ذلك القاتل الأبشع. دعونا نتفق على مسؤولياتنا جميعا تجاه التراب والنبات والبشرونتلمس الحكمة في القول والفعل، قبل أن تذهب مجازرهم وأخطاءنا بالحلم وبالعشيرة معا.

( كلنا شركاء ) 15/3/2008

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى