ما فائدة “قمم” عربية لا تغني ولا تسمن من جوع … ؟
د . علي حسين
لا فائدة من قمم عربية لاتحمي من القتل مسلماً واحداً ، أو مسيحياً من التهجير خارج وطنه ، ولا تتصدّى للأعداء كما يدعون بسحب السفراء أو المقاطعة أو المواجهة..! ، ما الفائدة المرجوة من القمم العربية بعد خراب ” البصرة ” ؟ ، العراق محتل منذ العام 2003 م
والحرب تمزقه إرباً إربا ، وشلال الدم يتدفق من البصرة جنوباً حتى الموصل شمالاً ، ومخططات التشطير والتقسيم الى ثلاثة دويلات تسير على ما يرام ، الفقر والجوع والتشرد حدث ولا حرج ، الصومال ممزق ورازخ تحت الإحتلال الإثيوبي ، السودان يعاني من عدم الإستقرار وبوادر عودة الإنفصال تلوح في الأفق ، ومشكلة دار فور والصراع بين الدول على تدويلها تسير بخطاً ثابته ، لبنان الجريح يعاني من فقدان الأمن والطمأنينة والإستقرار والفراغ الرئاسي منذ أكثر من ثلاثة أشهر ، وتعطيل الإستحقاق الرئاسي من قبل السياسيين اللبنانيين ومن يقف وراءهم أمثال نظام دمشق ونظام الملالي في قم وطهران على ما هو عليه ، فلسطين المحتلة من قبل إسرائيل والمشطرة الى دولتين ( غزة ستان ، والضفة ستان ) والجوع ونقص المواد التموينية والطبية بسبب الحصار الذي يعانيه الشعب الفلسطيني من إسرائيل وذوي القربى في الدين والحضارة واللغة والتاريخ على عال العال ، جزر الأمارات العربية محتله من قبل الشقيقة إيران منذ اكثر من ثلاثين عاماً ، النظام السوري تنازل عن لواء اسكندرون لتركيا ، وهو على استعداد لعقد صفقة مع إسرائيل بخصوص الجولان لقاء بقائه في السلطة ، الصحراء الغربية والخلاف بين المغرب والجزائر يراوح مكانه دون حل … أمام هذه المستجدات ، وأمام هول وعظم هذه المصائب ، ما الذي فعلته القمم العربية السابقة أكثر من قرارات على وريقات يتبخر فحواها بعد ساعات من انتهاء كل قمة وعودة أصحاب الجلالة والفخامة والرؤساء الى أوطانهم سالمين غانمين ؟ .
في مقال للسيد عماد عبد الرازق قمم عربية أو إسلامية أو بدونهما …. سيان ( خاص ثروة ) قال ( مع انطلاقة الشرارة الأولى للانتفاضة الفلسطينية في عام 1987م ، وشوارع العالم ما انفكت ان تتضامن مع الشعب الفلسطيني كلما حلت بالفلسطينيين المجازر والنكبات على يد المحتل . لقد أثر ذلك على الرأي العام في أوربا لدرجة أن استفتاء أجرته مجموعات ” سبر آراء عالمية “، أظهر أن الأوروبيين وضعوا أمريكا و إسرائيل على رأس قائمة الدول التي تهدد الأمن والسلم الدوليين ، الأمر الذي كان خارقا للعادة ومربكا لأبعد الحدود لكل الحكومات الأوروبية التي رفضت الحقيقة، ووعدت بعدم السماح بتكرار مثل هذا النوع المسيء من الاستفتاء.. ) ، ومع انطلاقة مؤتمرات السلام والحديث عن التعايش السلمي والعرب يدعمون الفلسطينيين بالنصائح والخطط السلمية والقانونية لكي ينتصروا في معركة سلام الشجعان على إسرائيل ، ولكي تكون مساعداتهم حقيقية قاموا بالاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات اقتصادية وأمنية معها لطمأنتها وتشجيعها.
إن أي شيء من قبيل الدفاع عن النفسس أو مواجهة العنف الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني مرفوضة كلها عند العرب؛ لأنها تتناقض مع القانون الدولي الذي يعرّف ما يحدث في فلسطين على أنه شأن إسرائيلي داخلي ليس من حق أحد في العالم التدخل فيه إلا من خلال مجلس الأمن ، وهنا تكمن الحقيقة المدهشة .. أما بخصوص العراق فقد تركه الأخوة العرب تتقاذفة الرياح الإيرانية الصفراء الممزوجة بالحقد والكراهية للعرب أثر انتصارهم عليهم في معركة القادسية والقضاء على إمبراطوريتهم الفارسية ، لقد تركتم أيها العرب الأقحاح أخوانكم العرب العراقيين يقاتلون ويقتلون ويصدون المد الصفوي الحاقد على العرب والعروبة ، لقد تركتموهم دون دعم وغطاء وأنتم ترون زحف الصفويين نحو إبتلاع العراق وسوريا ولبنان ، وهم لم يكلوا أو يملوا عن إفتعال الفتن الطائفية في دول الخليج العربي ، ويحتلوا جزر الأمارات العربية المتحدة ( طنب الكبرى ،وطنب الصغرى وأبو موسى ) … ماذا فعلت قممكم العربية ؟ ، وماذا فعلتم لإسرائيل التي رفضت مبادرتكم العربية التي قدمها المللك عبد الله ونالت موافقة ورضى كل الدول العربية ؟ ، وماذا فعلتم مع نظام الملالي في طهران الذي يحتل جزر الأمارات ويشعل فتيل الحرب الأهلية في البحرين ؟ ، وماذا فعلتم للنظام السوري الداعي لمؤتمر القمة في دمشق وهو الذي يماطل في أتمام الإستحقاق الرئاسي في لبنان كي لا يحرج أمام القادة العرب ويدعوا الرئيس اللبناني للقمة وهو غير معترف بدولة لبنان أصلاً .
أيها القادة العرب ، هل أنتم آتون لدمشق الفيحاء لتقديم التهاني للرئيس الفذ بشار الأسد على المجزرة التي إرتكبها مساء يوم الخميس 21/3/2008 بحق شباب الكرد المحتفلين بعيد الحرية والمحبة والسلام عيد النوروز ؟ ، أم آتون لتقديم العزاء للشعب السوري بمصابه الجلل ؟ ، أم أنتم آتون لتباركوا للرئيس الأسد تعطيل المبادرة العربية لانتخاب رئيس للبنان ؟ ، أم آتون لتشكروا الرئيس الأسد على تطاوله على القادة العرب عندما وصفهم بأنصاف الرجال ؟ ، أم آتون لدعم نظام آل الأسد حليف النظام الصفوي الذي يحاول تمزيق كيان العرب ليسهل عليه السيطرة على المنطقة وإعادة مجد الإمبراطورية الفارسية التي هزمت على أيدي العرب المسلمين ؟ ، الم تصلكم أيها القادة الكرام رسالة تهديد ووعيد آل الأسد للمملكة العربية السعودية ومتهماً إياها بتحريض القادة العرب بعدم حضور القمة المزمع عقدها في دمشق حيث قال الأسد ( إذا استمر السعوديون في سياستهم سنفهمهم بطريقة أخرى ) ؟ ، لا نريد منكم القول والتبرير بأنكم آتون لقمة عربية دوريه مقرها هذا العام دمشق ، وكم من مرة تغير الزمان والمكان لقمم عربية سابقة .
في الختام نقتبس قليلاً مما جاء في مقال للسيد شاكر النابلسي تحت عنوان ( تفاهة مؤتمر القمة العربية – إيلاف ) ، حيث يقول ، قمة دمشق في نهاية هذا الشهر هي قمة اللطم والبكاء على الأطلال بامتياز . البكاء على فلسطين ، والبكاء على لبنان ، والبكاء على العراق ، والبكاء على من لم يستحقوا البكاء بعد .
وقمة دمشق هي قمة اللطم ولكن بدون تطبير، فصاحب الطبر (السكين الكبير) الأكبر (أحمدي نجاد) لن يُدعى للمؤتمر، خوفاً من (العُذّال) العرب ، ورفعاً للعتب! وقمة دمشق هي قمة التنديد والوعيد ، لأعداء الأمة العربية ، الذين يتزايدون كل يوم ولا ينقصون منذ انعقاد القمة العربية عام 1966.
وقمة دمشق هي قمة المقاومة ، وتسنيد المقاومة في لبنان وغزة التي تتفق مع ممانعة سوريا وإيران لإحلال السلام في المنطقة وبناء الدولة الفلسطينية ، بعد أن تبين الخيط البيض من الخيط الأسود، وأن السلاح والسلام لا يلتقيان في الشرق الأوسط ، في ظل وجود دولة ذات جيش ضارب ، وتسليح حديث وغزير كإسرائيل.
أن الواقع العربي منقسما على ذاته ومتشرذم ويعتريه الكثير من الضعف والوهن وبالتالي لا يستطيع ان يفرض رؤية عربية تتطابق والمصالح العربية والمساندة لقضايا الشعوب … وبالتالي ان انعقاد القمم العربية او عدمها سيان وكما في المثل الشهير ” فاقد الشيء لا يعطيه ” لان حكام العرب والمسلمين اليوم باتوا مسلوبي الإرادة لا يعرفون ما يدور حولهم من خطط عسكرية وأمنية واقتصادية .. فماذا عسانا أن ننتظر من عقد قمة ان خرجت بقرارات لا تنفذ ولا ترى النور كسابقاتها وتبقى طي الادراج يعتريها الغبار لا حول لها ولا قوة .
وفقكم الله وسدد خطاكم على طريق تحرير القدس والجولان والعراق ولبنان من نير الهيمنة السورية – الإيرانية ودمتم .
دكتور علي حسين – كاتب سوري
24/3/2008
المصدر : المرصد السوري