إسرائيل لا تريد السلام لأن العرب لا يهددونها !
سركيس نعوم
– 17 –
أجاب المسؤول في “ادارة” اميركية مهمة اخرى عن سؤال: هل تريد اسرائيل السلام فعلاً ما دامت لها مصلحة فيه اكثر من سوريا وربما غيرها كما تقول؟ قال: “اسرائيل لا تريد السلام لأنها لا ترى انها في حاجة اليه. العرب لا يهددونها. سوريا لا تهددها فعلاً. لكن لديها جيشها وسلاح كيميائي وصواريخ. وقد شرحت لك ماذا تفيد من السلام معها. مصر أنور السادات احرجت اسرائيل ووضعتها امام اختيار السلام بل أمام “اجتياح” السلام. قام السادات بعملية كسب للرأي العام الاسرائيلي جعلت حكومة اسرائيل عاجزة عن الرفض فتجاوبت مع دعوته للسلام واسترجع منها ارضه المصرية المحتلة.
الاردن وتحديداً العائلة الحاكمة فيه لم يكن على مشكلات مع اسرائيل. ولا بأس في صلح معه يعيد اليه قطعة أرض صغيرة محتلة لا قيمة لها، وربما يعزز ذلك وضع الاردن الصديق. أما الفلسطينيون فان اسرائيل لن توقع سلاماً معهم. ولماذا توقعه؟ حالتهم تعسة. لا يُضبطون ولا يستطيعون ان ينضبطوا. لم يشعروها بالحاجة الى الاتفاق معهم. وعملية السلام على المسار الفلسطيني تشارف نهايتها. الافضل، في رايي، هو اعلان الفلسطينيين تخليهم عن حل الدولتين أي اسرائيل وفلسطين ووقفهم الكفاح المسلح والاعلان انهم مواطنون في دولة واحدة هي اسرائيل، واعلانهم ايضاً العزم على الكفاح لاكتساب حقوق المواطنة الكاملة في هذه الدولة. وبذلك يخلقون حالة تمييز عنصري أو فصل عنصري (Apartheid) كما كان الامر في جنوب افريقيا وفي روديسيا التي تحولت لاحقاً زيمبابوي. بذلك يضع الفلسطينيون اسرائيل في مواجهة العالم كله. ولا تعود قضية اللاجئين قضية الفلسطينيين بل تصبح قضية العالم. هذا أمر يرعب اسرائيل. ذلك انه يهدد يهودية الدولة فيها. وبعد نحو خمسين سنة يصبح اليهود أقلية في هذه الدولة او تصبح دولة اسرائيل ثنائية القومية. وفي وضع كهذا فإن اسرائيل هي التي ستلهث وراء الفلسطينيين لاعطائهم دولة خاصة بهم. على كل، هذا اقتراح بدأ يتحدث عنه نخبويون فلسطينيون واسرائيليون. أما لبنان فإن مشكلته مع اسرائيل بسيطة”.
وختم المسؤول الاميركي المهم اللقاء قائلاً: “تبدو سوريا (النظام) قوية ومسيطرة على أوضاعها بنسبة 80 في المئة. انها تتعاون مع الاصوليين الاسلاميين، أو تستعملهم، لكن هذه لعبة خطيرة قد لا تنجو منها في المستقبل. لا أحد يعرف متى ستصبح هشة وقابلة للعطب (Vulnerable) وايران تساعدها، تُسلّح لها الوية عسكرية وتدربها وتقدم اليها صواريخ ونفطاً مدعوماً واستثمارات. هل تستطيع الخروج منها (اي من ايران)؟ ربما لا تريد الخروج منها”.
ماذا عن العراق لدى مسؤول مهم آخر في “الادارة” الاميركية الأخرى المهمة نفسها يتعامل مباشرة مع اوضاعه والمنطقة التي هو جزء مهم منها؟
بدأ الحديث معه عن مستقبل الاتفاق الذي كانت اميركا والعراق تتفاوضان عليه والذي ينظم الوجود العسكري الاميركي فيه بعد انتهاء التكليف الدولي لهذا الوجود، وهل يقره مجلس النواب العراقي أم لا (اقر لاحقاً). قال: “هناك احتمال ثالث بين الاقرار والرفض هو التأجيل لشهر كانون الأول أو بعده لمزيد من الدرس والتشاور، ولأن هناك عيداً هو الاضحى. وهذا أمر قد يريح ايران التي ربما تريد اعطاء هذا الاتفاق للادارة الجديدة وليس للرئيس بوش الذاهب الى منزله بعد اسابيع. لكن الاتفاق سيقر. فهو حظي بدعم الاكراد. والسنة معه أو يجب ان يكونوا معه. والشيعة معه على تنوعهم باستثناء مقتدى الصدر الذي تحركه ايران”.
هل تعتقد ان لإيران مصلحة في هذا الاتفاق؟ ذلك انها اذا كانت ضده فلن يحصل على الموافقة النيابية المطلوبة. اجاب: “ايران ذكية. لا أعتقد ان لها مصلحة في خربطة الاتفاق ومنع اقراره. على كل اذا تكلمنا على الذين يعارضون الاتفاق في مجلس النواب علينا ان نعرف انهم يفعلون ذلك للحصول على مطالب ومكاسب سياسية او شخصية لا علاقة لها بالاتفاق نفسه وبجوهره. لكنهم سيمشون في النهاية. أما ايران فالجميع يعتقدون ان لها مصلحة في الاتفاق، وربما تخربط من خلال مقتدى الصدر لتحسين بعض الشروط. ولكن في النهاية الاتفاق الذي عُدّل مرتين يتضمن امراً مهماً لها هو عدم استعمال اراضي العراق لشن أي اعتداء على جيرانه أو للقيام بعمليات عسكرية ضدهم او ضد أي منهم. اعتقد ان ايران في وقت “الحزة” ستطلب من مقتدى الصدر الكف عن اثارة المتاعب. وستتم الموافقة (وقد حصل ذلك)”.
منْ مِن دول الجوار العراقي مع الاتفاق بين واشنطن وبغداد سألت؟ فاجاب: “كلها. باستثناء دولة تريد تحسين شروطها كما اسلفت هي ايران ودولة تريد ان تبيع “موقفاً عراقياً” لاميركا باراك اوباما وليس لاميركا بوش وتريد في الوقت نفسه مقابلاً لذلك. هذه الدولة هي المملكة العربية السعودية. اما سوريا فهي مهتمة بالعراق لكنها اقل تأثيراً فيه مما تعتقد”.
هل تعتقد ان العراق تجاوز الحرب الاهلية والتقسيم؟ سألت. فأجاب: “خذ الأكراد مثلاً. أحلامهم قد تبقى كما هي. ولا أحد يمنعهم من رؤيتها في اثناء نومهم. لكن الواقع بدأ يختلف، واظهر تعاملهم مع احداث عدة انهم واقعيون علماً ان لا شيء يمنعهم من الحلم. منها انهم تركوا مدينة او منطقة خانقين التي وضعناهم فيها نحن الاميركيين في السابق لمواجهة أي تسلل أو أي عمل ارهابي أو عسكري ايراني. تركوها للجيش العراقي. وعلاقتهم مع تركيا تحسنت. كانت تركيا ترفض استقبال البارازاني ولا “تحكي” معه لأنه كان وآخرون غيره يتعاملون مع “حزب العمال الكردستاني” الانفصالي (التركي). الآن صار هناك تعاون بين هؤلاء وأنقرة حيال هذا الموضوع. وعلاقة الأكراد جيدة مع اميركا وبين الأخرى وتركيا. هذا التعاون أدى الى نجاح الضربات الجوية وأحياناً البرية التي نفذتها القوات المسلحة التركية ضد الحزب المذكور في كردستان العراق. الاكراد يوقعون اليوم عقوداً متنوعة مع الخارج، ووافقوا على ارجاء الاستفتاء على مصير مدينة كركوك وعلى الاشتراك في الانتخابات المحلية المقرر اجراؤها قريباً. هذه كلها علامات ايجابية وتصب في سلم العراق وابتعاده عن التقسيم”.
تحدثت عن الاكراد للاشارة الى صعوبة خياري الحرب الاهلية والتقسيم في العراق. ماذا عن سنته وشيعته؟