المقاتلين السوريون في حزب العمال الكردستاني
عصام خوري
جبال قنديل هي الموطن الثاني للأكراد السوريين الثوريين. فحزب العمال الكردستاني يدين بالكثير للأكراد السوريين الذين يقودهم القائد بهوز ايردال “اسم حركي، له جنسية سورية”.
وتشكلت هذه القوى عبر سماح السلطات السورية زمان الرئيس الأسد الأب لنشطاء هذا الحزب بالكثير من النشاط داخل الأراضي السورية، مما كون أرضية جيدة للقتال سواء من حيث التدريب أو التمويل أو التسليح، وقد استغل النظام السوري النشاط الكردي للضغط على الحكومة التركية آنذاك بشأن قضية لواء اسكندرونة المحتل، وبدورهم الأكراد السوريين من حزب العمال الكردستاني وجدوا في سياسة الحكومة السورية سندا جيدا من أجل تحقيق حلم زعيم الحزب عبد الله اوجلان بتحقيق دولة الأكراد في تركيا، التي مع الزمن قد تتحول نحو ضم الأراضي الكردية السورية مستقبلا، لتحقيق الدولة القومية الكردية.
طبعا توقف الدعم السوري لهذا الحزب مع أزمة عبد الله أوجلان واعتقاله بعد هربه من سوريا في نهاية تسعينات القرن الماضي، وانعكس هذا الأمر سلبا على علاقة الأكراد السوريون بالنظام السوري.
فهربت أغلب طلائع مقاتلي حزب العمال الكردستاني نحو جبال قنديل، لتكون الجناح العسكري الذي يكبد القوات التركية حاليا الكثير من المشقة.
آلية وحجم التطوع والعضوية:
يجمع الكثير من الأكراد النشطاء في حزب العمال الكردستاني على أنهم قوميون أكثر منهم عشائريين، إلا أن الواقع الاجتماعي في مناطق الجزيرة السورية، يحتم البعد العشائري وإن كان أغلب نشطاء هذا الحزب قوميون، فأغلب النشطاء المسلحون من الأكراد السويون في جبال قنديل هم من أبناء المنطقة الممتدة من مدينة القامشلي “قامشلو” حتى مدينة المالكية “ديريك”، وخاصة من منطقة نصيبين التي يرجح بأنها مسقط رأس بهوز ايردال، ويقال بأن اسم عشيرة بهوز هي عشيرة “أمومرات”، ويلاحظ بأن الكثير من مقاتلي هذا الحزب هم من أصل هذه العشيرة.
ورغم هذا البعد العشائري، إلا أن الكثيرين من الأكراد القوميين وخاصة من فئة الشباب المندفع، قد تتطوع في صفوف الحزب من خلال علاقتها أو قرابتها مع أحد نشطائه الميدانيين، الذي يسهل من أمور تطوعهم من خلال اتصاله مع أحد القيادات داخل مدينة أربيل الذي سيقوم بدوره على توصيل المتطوع لطلائع المقاتلين في سفوح الجبال.
ويضاف لهذين النموذجين من السوريين المتطوعين، فئة الشباب المتعلمة داخل جامعات كردستان العراق، حيث سمحت حكومة إقليم كردستان العراق بالتعليم المجاني للطلبة الكرد السوريين، الذين بدورهم ارتبطوا مع اقاربهم في العراق، فإذا كان أحد الأقارب من الجناح العسكري للعمال الكردستاني، فإنه قد يجذب هذا الشاب للتطوع ضمن صفوف الحزب، خاصة وأن الوضع الاقتصادي لاقليم الجزيرة السورية هو وضع متنامي الفقر، وفرص العمل فيه باستثناء الزراعة هي فرص نادرة، وبهذا الخيار قد يجد الشاب الكردي نفسه فاعل كناحية قومية، ولا يشكل عبأ مادي على أهله مستقبلا.
عدد السوريون ووظائفهم:
يصعب تحديد عدد السورين ضمن الجناح العسكري للحزب، فالعدد متفاوت حسب حاجة الحزب لهم، خاصة مع غياب وجود موازنة مالية ثابتة وواضحة عند قيادته. فالكثير من المقاتلين عادوا لسوريا واستقروا فيها، لكن مع اشتداد الهجمات العسكرية التركية على الحزب، تراهم يغادرون نحو كردستان العراق.
لكن المتعارف حول نسبة السوريين الأكراد في جبال قنديل أنهم يقاربون نسبة 70% من مجمل المقاتلين، واللافت أنهم لا يعترفون بسوريا كموطن لهم، بل يصورون مناطقهم في سوريا كجزء بسيط من دولة كردستان الكبرى.
هذا الشعور القومي الواضح عند الأكراد السوريين يجعلهم محط ثقة أمام القائد إيردال، مما يوليهم نقاط حساسة على الجبهة، ومن الطبيعي أن لا تعرف هذه الوظائف للعامة نتيجة اعتماد أسماء حركية لغالبية المقاتلين على الجبهة. كثير من الأسر السورية التي هجرها أبنائها للالتحاق بالجناح العسكري لحزب العمال، لا تسر بهذا الأمر للعيان، وتكتفي بالقول أن أبنائها مهاجرين أو مستقرين في كردستان العراق إما من اجل العمل أو الدراسة…
أثر حزب العمال في سوريا:
تراجع عدد مؤيدي حزب العمال الكردستاني في سوريا، مع اختراقه أمنيا من قبل الأجهزة الأمنية السورية، مما جعل عدد كبير من قياداته السياسية في بعد عن نشطائه العسكريين المتطوعين.
إلا أن أثر أي تصريح لبهوز ايردال أو أي شخصية من جناحه، لها الوقع اللافت بالنسبة للاكراد السوريين، وحتى من الأحزاب الكردية الأخرى، وحتى تلك التي تناصر حزب العمال العداء، وترى فيه خصم يمتص الشباب الكردي بصورة غير مجدية.
فمجرد التزام ايردال بقضيته وبخطابه، يجعل الكرد السوريين في حالة اعتزاز، وفي حال تحقيق أي نصر له، فتداول هذا النصر يلمسه الناظر من العيون بشكل واضح وخاصة عند فئة الشباب المندفع في المدارس الإعدادية والثانوية الرسمية، وأي عملية عسكرية قوية الاثر تجاه أي منطقة ذات غالبية كردية سواء في تركيا أو العراق، ترى نتائجها سخط وشجب من قبل الاكراد السوريين عامة.
سبب تنامي القومية الكردية بين الكرد السوريين:
– ساهم النظام التعليمي السوري الرسمي في التركيز على القومية العربية واللغة العربية، مما سبب ردة فعل عند القوميين الكرد، الذين يرون في القومية العربية فرضا على قوميتهم، مما يجعلهم يتكلمون باللغة الكردية في منازلهم حصرا، ويشاهدون المحطات الفضائية الكردية بشكل خاص، ويحاولون جاهدون البحث عن أي جذر يربطهم في القرى السورية من منطقة الجزيرة وعفرين بغية منهم في ترسيخ هوية واضحة تثبت مطلبهم القومي.
– نجاح تجربة استقلال إقليم كردستان العراق، والدعم الأميركي للعراقيين الكرد.
– غياب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن مناطق انتشارهم، وتنامي الفقر.