الشتم وسياسة الإكراه
سياسة الإكراه العصرية التي انتهجتها حكومة عطري بمختلف قطاعاتها الوزارية، مكنتنا من تبيان الإستراتيجية التخطيطية التي تسعى لها هذه الحكومة.
حيث تقوم هذه الحكومة على عدم توفير المادة المتوجب رفع سعرها في الأسواق لمدة طويلة نسبيا، مما يؤدي لإشكالات بين المستهلكين تنتهي بهم نحو تمني توفير هذه المادة وبأي ثمن كان، وعند وصول الشعور الشعبي لهذا الحد تقوم الحكومة على توفير المادة من جديد لكن بسعر مرتفع جديد.
وبما أن الشعب السوري واحد من أطيب شعوب المنطقة، وهو الأكثر مرونة مع أي من هذه القرارات المؤذية له، فإنه وبكل أسف يتعامل مع هذا القرار أو ذاك من مبدأ عدم توفر البديل، وبالطبع يستعين بالشتم على هذا القرار في قراره نفسه، لكن الجديد مع حكومات عطري المتبدلة تواليا، هو قدرة المواطن شتم القرار وصانعه علنا “في السيارة، في المحال العامة…”.
نعم عملية الشتم وآلياتها المتنوعة بحق واحدة من مكرمات هذه الحكومة الكريمة.
وطبعا الحكومة تتعاطى مع أسلوب الشتم من مبدأ تحببي، فهي بمثابة الأب اللطيف والودود لطفل يدعى الشعب السوري، والحكومة تدرك أن الأولاد يلعبون ويشتمون والسبب دائما هو الفضائيات المسمومة، والبرامج المغرضة لها…
فتخيلوا أن الفضائيات المسمومة دائما تبث تجارب إنمائية عن بعض الدول، وتبين حركة تداول رؤوس الأموال، وموازين الاستثمار، وأرباح الشركات، وانخفاض أسهم بعضها… كل هذه الأمور تبثها هذه الفضائيات ومنها الفضائية السورية أيضا، لكنهم يتجنبون أي تذكار لخسارات القطاع العام السوري المتفاوتة في كل عام.
والتذكار الوحيد للشأن الداخلي السوري هو الإعلان عن التعديلات الوزارية التي لم تبخل بها حكومتنا الجليلة، فتخيلوا أن حكومة السيد ناجي عطري عدلت نفسها ست مرات متوالية خلال خمس أعوام. وهذه التعديلات إن بينت على أمر، فإنها تدلل أن حكومة السيد ناجي عطري تفتقر لأي بنية تخطيطية تكاملية بين مختلف الوزارات، وهذا الامر يؤدي لعرقلة أية برامج انمائية في سوريا، باستثناء تمكن المواطن البسيط الشتم بحرية.
فاشتموا يرعاكم الله.
عصام خوري