قضية فلسطين

غزة الشهيد وقمم الحروب العربية

طلال سلمان
ثلاث قمم عربية في خمسة ايام، والحرب الإسرائيلية على فلسطين (والعرب جميعا) في غزة مفتوحة على الجحيم، لم تتوقف مدافع طائراتها ودباباتها وحواماتها عن قتل الاطفال والنساء والبيوت والمدارس والجامعات والمستشفيات والأفران وأكواخ اللجوء الثاني أو الثالث في غزة التي صارت الامة جميعا وظلت وحدها تحترق ولا مغيث….
يا لعظمة الدم المسفوح غيلة في غزة هاشم جد الرسول، لقد أجبر القادة العرب على التنادي للتلاقي، بالتهيب او بالاشفاق او بدفع تهمة التواطؤ لكي يختلفوا بداية على ارض اللقاء ثم على النصاب القانوني له، ثم على جدول أعماله، وقبل الوصول الى مقرراته (التي لن تنفذ كما جرت العادة)، بينما آلة القتل الاسرائيلية تتابع حصد المزيد من الضحايا الذين قدموا نموذجا فذا في الصمود، وباللحم العاري وفي رفض الاستسلام لشروط المحرقة…
يا لهول الجبروت الإسرائيلي المصفح بالتأييد الاميركي المفتوح وبالانقسام العربي المستعصي على المعالجة والذي يدفع في اتجاه الاستسلام ويضيف الى الحصار ضغوطا أثقل منه وطأة وأمض إيلاما…
انه يمنع التوافق العربي على أي شيء ، أي شيء.
يا لمفارقة ان يتقدم بمبادرة مجانية للسلام مع عدو لم يخاطب هذه الامة الا بلغة الحرب، منذ أعد لمشروعه على ارضها وحتى اليوم، أولئك الذين لم يحاربوا يوما ولم يضحوا بجيل او جيلين من أبنائهم ولا هم دفعوا او يدفعون من حقهم في الحياة الآمنة او من ارضهم ضريبة الاحتلال وأعباء التحرير في مواجهة العالم كله، ومن ضمنه بعض الأشقاء ومعظم الاصدقاء !؟
في الدوحة كان الغائبون شديدي التأثير على الحاضرين الذين ارتضوا ارجاء التلاقي ثم تغيير عنوانه من (القمة العربية) الى (التشاورية)، ثم وبعد الجدل البيزنطي حول النصاب القانوني جعلوه (قمة غزة الطارئة)، ومع ذلك فقد ظل الحرص على الخروج باتفاق ما، ولو على قاعدة الحد الادنى يضبط ايقاع الكلمات وسقف المطالب… حتى لقد بدا قادة فصائل المقاومة الفلسطينية أشد حرصا على وحدة الموقف الفلسطيني من القائم بأمر سلطتها لتعذر الانتخاب الديموقراطي الذي يصعب ان تنجزه قنابل الفوسفور الاسرائيلية.
لم يأت احد الى الدوحة طلبا للحرب العربية العربية.
وعندما اضيف الحضور الاسلامي الكثيف، ولو كضيف شرف، كان ذلك بمثابة اعلان عن أ ن لا أحد يطلب الحرب العربية الاميركية، لا مباشرة، ولا خاصة عبر المواجهة العسكرية مع اسرائيل.
برغم ذلك فإن التخوف مشروع من أن تطيح القمة العربية، المكتملة النصاب والشرعية في الكويت، بعد غد، الحد الأدنى المأمول من زحمة القمم العربية والمتمثل في: وقف الاجتياح الاسرائيلي، وانسحاب القوات المحتلة، ورفع الحصار وفتح المعابر جميعا الى غزة التي تركت بالمليون ونصف مليون مواطن فيها وبالمقاومة المشرفة لوحدها لوحدها لوحدها تستبسل ولا منجد او مغيث.
ما بعد القمم الثلاث سنكون امام عالم عربي مختلف عن هذا الذي عرفناه قبلها.
لقد عادت الى الخطاب الرسمي العربي أقله بلسان سوريا ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية وبعض أصحاب القرار في دول عربية اخرى نبرة كانت قد غابت او خفتت في فترة طويلة، فغلب تعبير التحرير على السلام والمهادنة ولو مشروطة: العين بالعين والسن بالسن.
ومن أسف ان يشهد الواقع على ان خطر الحروب بين الدم العربي والمسالمين على حسابه قد تسبق المواجهات التي يمكن ان يفرضها جنون الحرب في اسرائيل مع اكتشاف قادتها ان معاركهم الانتخابية انما تحسم بأعداد القتلى العرب وليس بأصوات مواطنيهم المستوردين من اربع جهات الارض والمستعدين لأن يتهودوا ليربحوا بعضا من أوطان العرب وثرواتهم الهائلة التي تذهب الى رفاهية الأجنبي البعيد وتمنع من ان تحفظ حق الاخ العربي في الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى