قضية فلسطين

لن يبقى على ظهر أحد قميص…

جهاد الخازن
الكل يعرف ان حكومة إسرائيل نازية متطرفة أركانها يقيسون قتل النساء والأطفال في قطاع غزة باستطلاعات الرأي العام ومن استفاد ومن لم يستفد. والحكومة الإسرائيلية تهدد منذ أيام بالانتقال الى المرحلة الثالثة من خطة الهجوم على القطاع، إلاَّ أنها لا تفعل شيئاً غير أن تهدد، وتنتظر وساطات مصر والولايات المتحدة. أما الصحافة الإسرائيلية فتذكرني ببعض صحافتنا في حروب سابقة، فهي مأزومة كالحكومة المهزومة، وتردد الكذب الرسمي وتتحدث عن انقسامات في حماس، او أن الحركة قد تستسلم في أي لحظة، والانقسام الحقيقي هو بين أركان الحكومة الإسرائيلية.
اليوم عندي التالي على الجريمة المستمرة في غزة، وسأكتب بمنتهى الصراحة، وعندي أجوبة مناسبة لمن لا يعجبه كلامي.
هناك تخوين متبادل بين حماس وفتح والسلطة، والتخوين يدين جميع الفلسطينيين، لأنه يعني أنهم انتخبوا خونة لقيادتهم طالما ان محمود عباس وحماس فازا بالرئاسة والانتخابات بالنسبة نفسها.
أبو مازن ليس موظفاً عند كوندوليزا رايس، وأنا أتابع عمله عن كثب، وقد أطلق مبادرة في حزيران (يونيو) الماضي لم يستشر فيها أحداً، وهو أراني نسخة بالإنكليزية عنها توقع أن تطلبها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عندما تسمع عنها. وهي فعلت ووجَدَتْ الترجمة حاضرة، وفي الأمم المتحدة في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي كنت معه عندما رفض تكراراً طلب الدكتورة رايس ألا يحضر جلسة لمجلس الأمن عن المستوطنات أصرت عليها المجموعة العربية برئاسة الأمير سعود الفيصل.
أيضاً الأخ خالد مشعل لا يجلس في مكتبه في دمشق بانتظار تلقي الأوامر على الهاتف من طهران. أنا أعرفه معرفة مباشرة قديمة مستمرة كما لا يعرفه مطلقو التهم.
أنصار السلطة الوطنية الذين يتهمون الأخ أبو الوليد يتهمون أنفسهم معه، وأنصار حماس الذين يخوِّنون أبو مازن هم خونة للقضية كلها.
ما بين أبو مازن وحماس هو خلاف أساسي في الرأي فالرئيس الفلسطيني يقول إن المفاوضات هي الطريق الوحيد لأن الفلسطينيين لا يستطيعون أن يحرروا بلدهم بالسلاح، ورئيس المكتب السياسي لحماس يقول إن المفاوضات جُرِّبت وفشلت، وإن الكفاح المسلح وحده سيعيد فلسطين الى أهلها.
أبو عمار حاول أن يفاوض ويقاوم معاً وفشل، ولا أجزم هل البندقية هي الحل أو غصن الزيتون، لأن هذا في بطن الغيب وأنا أكتب عما أعرف، ثم إنني أعرف حدودي، فعندما كتبت في هذه الزاوية في 26/12/2008، وقبل إطلاق رصاصة واحدة أن إسرائيل تهدد باجتياح قطاع غزة إذا لم تتوقف الصواريخ، وبتدمير البنية التحتية واغتيال قيادات حماس لم أكتب رأياً بل معلومات يعرفها قادة حماس، فقد حذَّرهم الوسطاء المصريون مرة بعد مرة.
وفي حين أقدِّر حجة حماس أن التهدئة استمرت ستة أشهر، من دون نتيجة مع استمرار الحصار والقصف والإذلال، فإنني، من ناحية أخرى، أعتبر حماس في القطاع مسؤولة عن أرواح الناس، وهي لا بد من أن تعرف أن المواجهة ستؤدي مع قدرة اسرائيل على الجريمة الى ما رأينا، أي قتيل إسرائيلي واحد مقابل كل مئة شهيد فلسطيني، جلّهم من النساء والأطفال.
أعرف بالتالي أنه لا يجوز لأي إنسان أن يطلب من أهل غزة الفداء، أو الفناء، من «كنبة» أمام التلفزيون على بعد مئات الأميال أو الألوف من حيث ترتكب اسرائيل جريمتها.
لا يجوز لهذا الإنسان أيضاً أن يطلب من أي دولة عربية أن تغيِّر سياستها لتناسب فصيل مقاومة. لا يجوز أن يطلب هذا من أي دولة عربية، صغيرة كانت أو كبيرة، فواجب الدول العربية أن تساعد الفلسطينيين مادياً ومعنوياً. وكل حكومة بما فيها الحكومة الفلسطينية، سواء رأسها إسماعيل هنيّة أو سلام فياض، مسؤولة عن الشعب الذي تمثله قبل أن تتحمل مسؤولية الآخرين.
ليس هذا دفاعاً عن أي دولة عربية، فنحن لو نشرنا غسيلنا الوسخ لن يبقى على ظهر أحد قميص، إلا أنه الحقيقة مجردة عن أي هوى، وكل من يطلب غير ذلك جاهل أو وقح.
ونقطة أخيرة، عندما كتبت عن إسرائيل أنها دولة نازية قلت ان هذه أقسى تهمة يمكن أن توجه الى يهودي، وكما توقعت فقد تلقيت عدداً كبيراً من الرسائل بالإنكليزية، من يهود حول العالم، بعضها زايد في تطرفه على المتطرفين العرب شتماً وعنصرية، وبعضها كان موضوعياً رددْتُ رداً مباشراً على أصحابه.
النقطة الجامعة بين المتطرفين بالعربية والعبرية أنهم جبناء يكتبون بأسماء «حركية» وعناوين وهمية، ولا يجرؤون على مواجهة مباشرة، تماماً مثل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى