منظمة تحرير بديلة؟
رأي القدس
فجر السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة ‘حماس’ مفاجأة كبيرة يوم امس، عندما أعلن في محاضرة القاها في اجتماع جماهيري بالدوحة عن ‘وجود تحرك تقوم به فصائل فلسطينية لبناء مرجعية وطنية جديدة تمثل فلسطينيي الداخل والخارج، وتضم جميع القوى الوطنية الفلسطينية وقوى الشعب وتياراته الوطنية’.
السيد مشعل يتحدث عن اطار جديد، او منظمة تحرير فلسطينية جديدة، بعد ان تآكلت المنظمة في شكلها السابق، وتحولت الى ‘شيء من الماضي’ بعد ان تعثرت جميع المحاولات لاعادة تفعيلها وضخ دماء جديدة في عروقها المتيبسة.
وأهمية هذه الدعوة تنحصر في كونها جاءت بعد اعلان ثمانية فصائل فلسطينية، من بينها حركتا ‘حماس’ و’الجهاد الاسلامي’ سحب الاعتراف بشرعية الرئيس محمود عباس، باعتبار ان ولايته الدستورية انتهت في العاشر من الشهر الحالي حسب التفسير القانوني للنظام الاساسي للحكم.
وقبل مناقشة دعوة السيد مشعل هذه لا بد من الاعتراف بان الجسم السياسي الفلسطيني الراهن مهلهل، ويفتقد الى عناصر الشرعية، مثلما يفتقد الى الآليات، وشرعية التمثيل لالوان الطيف السياسي الفلسطيني في الداخل والخارج. فمؤسسات منظمة التحرير مترهلة، بل فاقدة للشرعية، لانها منتهية الصلاحية، فالمجلس الوطني الفلسطيني لم يعقد بشكل قانوني منذ عقد ونصف العقد، ولذلك فان كل ما انبثق عنه من أطر ومؤسسات مثل اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي للمنظمة، غير شرعي أساساً، وفاقد الصلاحية الدستورية.
أصبح الشعب الفلسطيني الآن يخضع نظرياً لرئيس منتهية مدته، وحكومة مؤقتة من المفترض ان لا تستمر إلا لشهر واحد، وبعد التصديق عليها من المجلس التشريعي، وهو ما لم يحدث. وحالة الشلل الدستوري هذه تتطلب تحركاً جدياً لملئها.
من المؤكد ان بعض فصائل منظمة التحرير مثل حركة ‘فتح’ والجبهتين الشعبية والديمقراطية، ستصاب بالصدمة من قبل طرح السيد مشعل هذا، وستعتبر الخطوة موجهة ضدها، وهذا صحيح ولكنها تتحمل المسؤولية الأكبر في حالة الشلل المذكورة سالفاً، لانها لم تفعّل المنظمة، ولم تبادر لانجاح الحوارات المتعلقة بهذا الأمر عندما كانت قوية وتتمتع بدعم كبير في الشارع الفلسطيني علاوة على امتلاكها الشرعية الرئاسية على الأقل.
لعل مفاجأة السيد مشعل التي القت بحجر كبير في البركة الفلسطينية السياسية الراكدة الآسنة، تعطي مفعولها، وتؤدي الى تنشيط الذاكرة الفلسطينية المتلبدة، وتقود الى حوار حقيقي يضم كل الشرفاء على ارضية المقاومة، وليس على ارضية المفاوضات العبثية.
الصمود الفلسطيني الرائع في قطاع غزة، سواء من قبل فصائل المقاومة، ومن بينها كتائب شهداء الاقصى التي تجسد ثوابت حركة ‘فتح’، او من قبل ابناء الشعب، يجب كل ما قبله من مؤسسات واطر، ولا بد من بناء سياسي جديد يعكس هذا الصمود الرائع، وتضحيات ابناء الشعب الفلسطيني.
منظمة التحرير الفلسطينية استحقت تمثيل الشعب الفلسطيني، والتحدث باسمه لانها كانت تضم فصائل مقاومة، ويتزعمها رئيس مقاوم اسمه ياسر عرفات. فالزعامة للمقاومين وليس للمفاوضين.