صفحات الشباب

الشباب السوري مشاكل وتحديات

كثيرة هي الطموحات التي يحلم بها الشباب السوري في ظل واقعه المزري، ويأمل أن تساعده الظروف بغية تحقيق لو جزء يسير من أحلامه. وهو الذي يعيش يوميا هواجس الخوف والقلق من المستقبل، لما قد يترتب عليه، نتيجة سياسة نظامه الحاكم. لذلك استحوذت قضايا الشباب على اهتمام المفكرين ورجال السياسة وصناع القرار في مختلف المجالات التربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وتأتي أهمية البحث في هذه القضايا من الموقع المميز الذي تشغله فئة الشباب في بنية المجتمع، فهي إضافة إلى كونها من أوسع الشرائح السكانية وأكبرها حجماً وأكثرها نشاطاً وحيوية، فإنها تشكل الأساس الذي يبنى عليه مستقبل الأمة وقوتها، ولذلك فإن الاهتمام بفئة الشباب وزيادة تمكينهم وتعزيز إندماجهم في عملية التنمية يعد اهتماماً بالمجتمع برمته.
وفي ضوء كل ما مضى، سألت النداء عددا من الشباب السوري بهدف معرفة أهم المشاكل والتحديات التي تواجه شبابنا، كما سألتهم عن الحلول الممكنة للتغلب على هذه التحديات؟
البطالة:
احتلت البطالة المرتبة الأولى بين مشاكل الشباب السوري، فهي تعتبر أهم المشكلات التي تعيق أحلام وآمال الكثيرين من الشباب، فرغم الوعود الكثيرة التي أطلقتها الحكومة من خلال مختلف المؤسسات والجهات المعنية وعلى رأسها تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، فهي لا تزال عالقة حتى اليوم في أزمة تأمين فرص العمل لمئات آلاف المواطنين.
إذ تحتاج سوريا إلى تـأمين 280 ألف فرصة عمل سنوياً، مع العلم أن معدل البطالة، وبحسب مصادر حكومية تبلغ نسبة البطالة في سورية8.5%، بعدما كانت تتراوح بين 10ـ11%، ألا أن العديد من الخبراء الاقتصاديين، يؤكدون أن  نسبة البطالة في سورية ترتفع إلى 20%.
تشغل قضايا العمل والبطالة والفقر حيزاً وافراً من اهتمامات الشعب السوري بشكل عام، والشباب بشكل خاص، وليس من المبالغة القول أن الحصول على فرصة العمل في سوريا، بات يتطلب دخولاً في (سباق المسافات الطويلة) ولا سيما بعد ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين مختلف شرائح المجتمع السوري، وصعوبة الحصول على فرص للعمل. وهذه الحالة تمخضت عن سياسات العقود الثلاثة الأخيرة، وهذه الظواهر التي لم يكن المجتمع السوري يعرفها من قبل.
ـ احمد خريج حقوق، برأيي أن الوضع الاقتصادي يأتي في الدرجة الأولى، مما يجعل أكثر الشباب يفكرون بالاستقرار المادي، والمقصود هنا تأمين عمل مناسب ودخل جيد يتناسب مع الغلاء المعيشي الذي تشهده سوريا منذ ما يقارب الخمس سنوات، والذي يمثله ارتفاع أسعار المواد الأساسي والغلاء الجنوني للعقارات.
بينما الحل برأيي بسيط جداً، وهو بدل أن يقوم الفريق الاقتصادي الذي يحاول معالجة مشكلة التضخم في سوريا والذي يترأسه الدردري، عليه أن يقوم بدراسة مشاكل الشباب السوري وإيجاد فرص عمل لهم، فسنويا يتخرج عشرات الآلاف دون أن يجدوا أي فرصة عمل، وبرأيي أن هذه المشكلة هي من أهم التحديات التي تواجه الحكومة السورية.
الفقر:
مشكلة الفقر لا تقل عن مشكلة البطالة من حيث ضرورة وضع حلول مناسبة لها، حيث تؤكد بعض الدراسات الاقتصادية، أن30% يعاني من الشعب السوري من الفقر ويعيشون في ظله، ويتأثرون بثقافته، وينتجون سلوكياته، ويُبعدون بواسطته عن المشاركة والحراك الاجتماعي، أي ما يقارب نحو 5.5 مليون إنسان، موزعين في مناطق سورية مختلفة وخاصة في المنطقة الشمالية الشرقية، والمنطقة الساحلية، فهذا الرقم مؤهل ومرشح للزيادة مستقبلاً بسبب التراجع الاقتصادي العام الذي يشهده الاقتصاد منذ سنوات، في ظل سياسة اقتصادية يرعاها نظام فاقد للشرعية، سارقاً لخيرات وثروات البلاد والعباد، وبسبب غياب برنامج متماسك للإصلاح الاقتصادي، واستمرار تفشي نموذج اقتصاد الفساد وسيطرته على مفاصل الاقتصاد الحيوية تحت حماية ورعاية الفساد والفاسدين، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لاتساع دائرة الفقر، وتكوين شريحة اجتماعية واسعة من المهمشين، وفي ظل تحول الدولة السورية إلى دولة ريعية بالمطلق بدأت تفقد توازنها النفطي، ولا تسيطر على عملية الإنتاج الاجتماعي، وتفتقد إلى بنية صناعية حديثة، ولا تملك مشروع تطوير مستقبلي لبنيتها الاقتصادية والاجتماعية، بل وتعيش على حساب الفقراء من أبناء سوريا من خلال، رفع الأسعار، وفرض الضرائب، وضغط الإنفاق، والاقتراض الخارجي، وتأجير القطاع العام. وتجدر الإشارة إلى أن معظم الشباب اللذين سألناهم اعتبروا أن الفقر سبب رئيسي لمشكلاتهم، وحملوا الحكومة سبب في هذا التراجع الاقتصادي.
التعليم:
عانى الشباب السوري من سياسة الحكومة نحو التعليم العالي الذي ارتبط منذ بداياته بها، وذلك من خلال مؤسساته التعليمية بمختلف مستوياتها، نظراً لتردي المناهج التعليمية، وانتشار البيروقراطية في التعليم، إلى جانب الارتفاع الجنوني بمعدلات الدخول إلى الجامعات الحكومية، إضافة إلى ارتفاع كبير في أقساط الجامعات الخاصة التي لا يتجرأ أي أحد من أبناء الطبقة المتوسطة وما دونها على التفكير بمتابعة الدراسة بإحدى الجامعات   الخاصة في مرحلة ما بعد الثانوي، إذ ان التكاليف الباهظة للجامعات الخاصة تجعلها موجهة لأبناء الطبقة الميسورة، فالحد الأدنى لقسط أي جامعة خاصة يزيد عن ألفي دولار أميركي ويصل بعضها إلى عشرة آلاف.
مما يبقي الشباب السوري حائر بين التعليم الرسمي ضعيف المستوى وبين التعليم الخاص الذي يفرض تكاليف عالية يصعب على غالبية السوريين تحملها خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
ويؤكد فيصل طالب في معهد التدريب المهني، بالنسبة لموضوع التعليم أنا مقتنع أن الشباب أمام تحدي حقيقي سببه الإهمال الحكومي إضافة إلى رغبة الحكومة بالتخلي عن العديد من مهامها، فقد أصبحت الجامعات حلم بالنسبة للشباب السوري سواء الحكومية منها أو الخاصة، ذلك في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع السوري ككل وخصوصا على الصعيد الاقتصادي مما يعني إلى إنهاء الحياة الدراسية للشباب.
في حين يعبر احمد طالب البكالوريا، عن أحلامه وأحلام جيله بالقول: “إن حلمي بسيط، وهو مقتصر على دخولي للجامعة. فالجامعة أصبحت حلما لكل الشباب برأيي، فارتفاع المعدلات أصبح يشكل كابوسا حقيقيا، إضافة إلى أن أغلب العائلات السورية فقيرة وهي لا تستطيع تحمل مصاريف التعليم الخاص، لذا الشباب السوري امام تحدي حقيقي هو حلم الدخول للجامعة.
الزواج:
أدى ارتفاع تكاليف الزواج كالمهور وغيرها وأسعار المساكن وتزايد معدلات البطالة، إلى تفشي ظاهرة العزوبية بين أوساط الشباب، إضافة إلى انعكاسات اجتماعية ونفسية غير مرغوبة في المجتمع.. وتشير نتائج المسح أن نسبة العزوبية بين الشباب وصلت إلى حوالي 65٪، أما الباقي فهم من المتزوجين عدا عن 1٪ كانوا مطلقين أو أرامل.
وعلى ذلك يعلق حسان طالب جامعي: أن الشباب السوري محاصر في مجتمعه بالوضع الاقتصادي السيئ والعادات والتقاليد ونقص التوعية الاجتماعية، فهو أما عاطل عن العمل أو من ذوي الدخل المحدود، مما يجعله غير قادر على تحمل الظروف الاقتصادية الصعبة مع ارتفاع المتزايد في الأسعار وفي مستوى المعيشة دون زيادة مساوية له في دخل، إضافة لما تراه من نقص الوعي من أهل الفتاة وذلك من خلال طلب المهور العالية، وتوفير المسكن، والملبس، والمعيشة الكريمة للزوجة التي تنتظر فارس أحلامها ولا تقبل بأي تنازلات.
وبرأيي أنه يجدر بالحكومة مساعدة الشباب من خلال تأمين الوظائف والمساعدات المادية، ليستطيع مواجهة ظروف الحياة السورية الصعبة، بإضافة إلى وسائل الأعلام التي يجدر بها نشر التوعية لتيسير الزواج وخفض المهور وتقليل الطلبات قدر الأمكان وإقناع البنات بضرورة تحمل مسؤولية والصبر مع زوجها.
وفي النهاية، فإن الشباب السوري يقف أمام تحديات مهمة تفرض عليه إيجاد حلول تجعله قادر على تخطي مشاكله، في ظل تراخي مؤسسات الدولة وتجاهلها لمشاكل المواطنين، ووسط استمرار وتصاعد الظروف المعيشية الصعبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى