من هالة إلى فداء حوراني…نساء سوريا في المعتقل
حسن الهويدي
لم تكن فداء حوراني هي المرأة الوحيدة التي اعتقلت في سجون النظام السوري ، بل سبقتها العديدات من حرائرنا، هالة وهبة دباغ ،وسحر الخ……
كانت السجون السورية تعج بالعشرات من نساء سوريا ، منهن من تعرضن للتعذيب ومنهن من تعرضن للاغتصاب على إختلاف انتماءاتهن السياسية والفكرية.
هالة
امرأة من مدينة اللاذقية اعتقلت في بداية عام 1982 ، طالبة من أسرة متدينة تدرس في كلية العلوم في مدينتها ، كان لهالة ابن خال في الصف الحادي عشر، يعتمد عليها أحيانا، بعض المرات في حل وظائفه وفهم دروس الرياضيات التي تستعص عليه، كانت هالة تساعده في ذلك.
مرت الأيام اعتقل ابن خالها مع مجموعة من الشبان ، دخل الشاب جحيم الموت من بوابة فرع المخابرات –امن الدولة ، تعرض لتعذيب وحشي شديد ،نزع منه الاعتراف الكاذب قسرا .
سأله المحقق من الذي كان يدرسك
أجاب الشاب .. بحسن نية
هاله سيدي
من هالة يا ابن الكلب
إنها قريبتي
هي كانت تدرسني
اصدر المحقق أوامره باعتقال هالة
وصاح بأحد العناصر … بسرعة خد دورية وجيب الفاجرة هيدي بسرعة
حاضر سيدي ……….
لم يدرك الشاب سؤال المحقق الذي كان المقصود منه للوصول إلى المسؤول عن التنظيم
لم ينتظر الزمن طويلا
سرعان ما جاؤوا بها مقيدة كحمامة أسيرة ، ترفرف بجناحيها ، عند وصولها تكالبت الكلاب المسعورة من حولها ومزقوا ثيابها وأضحى جسدها نصف عار، مورست بحقها أبشع أنواع التعذيب الوحشي
حاول رئيس الفرع وثلاثة من عناصره الاعتداء عليها واغتصابها ، ثم القوا بها وحيدة في غرفة مهجورة
تصفر الريح فيها فتجعلها تنتفض .. ويعرك البرد القارس جسدها العاري فترتجف خوفا ، يمر القمر حزينا يداعب شعرها المتنا ثر فيفصل عن الطفولة مساحات شاسعة وتهزم الحضارات ، ويموت الحلم والرداء الأبيض ويسقط الفارس عن صهوة الجواد،توقفت الريح عن الهبوب وألقى القمر ضياياَ قزحي الألوان فوق جسدها الممد يفيض بالأسى والمرارة.عندما يمر الجلادون بالقرب منها فيدب الرعب فيها ويلفها.
فضلت الموت كي تحافظ على ما تبقى لها من كرامة ،توقعت ان يدخلوا عليها في كل لحظة ثم يعيدون الكرة معها ثانية ويعتدوا عليها من جديد وسط رهبة المكان ،نزف الدماء ورائحة الموت ، هدر كرامة الإنسان وحياته ،والحقد الدفين الذي يكنه من حولها لها، وجدت هالة قطعة حديدية صدئة ظنت انها حبل النجاة ، قامت وهي لا تكاد تعي فقطعت شريان يدها وظلت تنزف لم يشعروا بها حتى حان وقت التحقيق معها وتعذيبها ثانية فوجودها في الرمق الأخير،لا تسمع أي صوت عائد من مرحلة الطفولة، بل دائما صرخة الألم والخلاص من يد الجلاد ، وسرعان ما نقلوها إلى المشفى ليس رأفة بحياتها بل لعلها تعيش ثم يعذبونها من جديد ويجبرونها على الاعتراف بذنب لم تقترفه ،بعد تقديم الإسعافات الأولية لها تم نقلها إلى عاصمة الموت والتعذيب دمشق حيث أقبية المخابرات هناك تعج بالعشرات من مثيلاتها ، نزعوا عنها ثيابها وجاء المحقق بقضيب معدني مكوي بالنار شديد الاحمرار تصل درجة حرارته الى 100 درجة مئوية وكوى بها هالة على ساقيها وسرعان ما فاحت رائحة اللحم المحترق في المكان، وفقدت وعيها وباتت على هذه الحالة الى حين أصيبت بصدمة نفسية أفقدتها القدرة على الكلام ولم تعد تستوعب ما الذي يدور حولها ، وبعد المبيت في المنفردة لم يكفوا عن تعذيبها والتحقيق معها رغم حالتها الصعبة.
وبعد فترة من الزمن تمت إحالتها الى سجن قطنا للنساء بعد ان فقدت كل أشيائها الجميلة التي تعتز بها
كامرأة وأصبح الليل والنهار لديها أشبه ببقع حبر هائلة ، والذئاب تحوم من حولها ، وتحطمت الأحلام لم يعد هناك للعرس ثوب ابيض و لا للعين رسم الكحل ولا للأكف لون الحناء، بل هرب القمر خجولا من عذريتها، لتنتظر عذاب سنين طويلة بين جدران السجن وظلم الحاقدين دامت ثمانية سنوات ،أفرج عنها في عام 1989 وهي لا تعلم لم سجنت .
يتبع …………