منتقيات من فجر السوريالية الذهبي
ليس ثمة أنواع عديدة من الشعر يتميّز واحدها عن الآخر في طبيعته. ثمة فقط الشعر، الذي تتبدّل مظاهر التعبير فيه ووسائله الى ما لا نهاية، بحسب عصور التاريخ، والحضارات، ومصاير البشر. وما السوريالية، سوى نوع من هذه الأنواع. عرفها مطلع القرن العشرين على أيدي حفنة من الشعراء الفرنسيين الشباب برئاسة اندره بروتون الذي ظلّ وفياً لها حتى مماته، فيما تفرّق الآخرون كلّ في اتجاه، فضلا عن الذين استُبعدوا (أو طردوا) من هذه الحركة. لكنّ ما أثبته تاريخ النقد الأدبي لاحقاً، أن هؤلاء الشعراء، سواء أكانوا مستبعدين أم مطرودين أم منكفئين، لم يستطيعوا من بعد أن يمحوا تماماً وشم السوريالية عن أبدانهم. قد يكون بعضهم تخلى عن ألعابها المفرطة في الهذر على سطح اللغة، خارج حراسة العقل، إلاّ أنه بقي يتجمّل بأزيائها تحت وصاية العقل. هكذا حظي الشعر، للمرة الأولى، بفضل هؤلاء الشعراء المبدعين، “الخونة الشرفاء” كما يحلو لي أن أنعتهم، بماهيته الحقيقية التي لا تقبل تفكيكاً ولا تحليلا ولا تحويراً أو نثراً، كما درجت عليه ذائقة الأنواع السابقة. وكانت جاذبية هذا الضرب من الشعر، من القوة، أشبه بعاصفة على العالم، فلم يسلم أيّ شاعر أو فنان عرفه، من الوقوع في أسره. لكن هذا الضرب ابتُلي بشعراء الحماقات الذين توهموا أنهم يكتبون نصوصاً سوريالية. وقد علّق لويس أراغون على ذلك بقوله في “مقالة عن الأسلوب”: “اذا كنت تكتب، على طريقة السوريالية، حماقات تعيسة، فلن تعدو كونها حماقات تعيسة”. وللأسف، تكاد هذه الحماقات تطغى ظاهرتها، وبصورة عالمية، على الأبداعات الحقة، مما شوّه صورة هذا الضرب لدى القارئ العادي، وحتى المثقف، في حال افتقاره الى الحسّ النقدي الكافي. في ما يأتي نماذج سوريالية، انتقيتها من “فجر السوريالية الذهبي” في الأدب الفرنسي، بين الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي. وقد تعمدت أن أقدم أسماء بقيت امينة لـ”بيانات المعلم”، ما عدا اسماً واحداً أقدره، هو إيف بونفوا، حيث لفتت نظري قصيدته الواردة أدناه، لأدراجها في الأنطولوجيات السوريالية، بينما خلَت منها مجموعته “الجامعة”، الصادرة عن “سلسلة غاليمار الشعرية”. فهل تنكر بونفوا، كلياً، لماضيه السوريالي، “والقصير العمر على كل حال”؟ وتعمدت انتقاء جورج شحاده، لأنه كلبناني فرنكوفوني، سبق، وبإبداع مشهود له، كل شعرائنا الحداثيين الذين بدوا لنا أنهم جاؤوا متأخرين عنه نحو 25 سنة تقريباً. وكذلك شأني مع جورج حنين وجويس منصور المصريين الفرنكوفونيين، اللذين لو كتبا بالعربية، لكان لهما تأثير مباشر وسريع، ولما تأخرت “الشعرية المصرية” نحو 75 سنة تقريباً، عن اللحاق بمد الحداثة السوريالية العالمي. أما الأسماء الأخرى فقد اخترتها لأنها رافقت الحركة السوريالية منذ البدايات. وساهمت مع “المعلم” في نشاطها ولم تفتر. لكنها لسوء حظها قلما تتردد على الألسنة، مع أنها لا تقلّ شاعرية وإدهاشاً لنا عن السوى.
جورج شحاده
– 1 –
مذاق يديك الغريب
حين تكون الأبقار قرب البحر
أنت سجينة صورتك الأجمل
لأنّ البياض لون الصبر
سأكون ذكراك
الجبال تشيخ وتتدثّر بالأوراق
وأنت ستموتين
لأن شعراً كثيراً في الرماد
– 2 –
الى الذين يرحلون لينسوا منزلهم
والجدار الأليف ذا الظلال
أنبىء بالسهل والمياه الصدئة
وتوراة الحجارة العظيمة
لن يعرفوا أبداً
– ما عدا الحديد وياسمين الأشكال
الليل السعيد بنقل العوالم
العمر في الاستراحة كنُسغ
ما من نشيد لهم
بل ندى البحر المحرق
بل حزن الينابيع الأزلي
– 3 –
يجهلون أنهم لن يروا أبداً
رياض المنفى والشواطىء الأليفة
النجوم تسافر بسيقان ملحية
حين يحزن الليل من جمالات عدة
ينسون أنهم لن يسمعوا أبداً
ريح السياج وكلب الصور
الماء الذي يغفو على لون الحجارة
الليل بكمانات المطر
كثير من السحر من أجل لا شيء
لولا تلك الذكرى من عالم آخر
بطيور من لحم في المرج
بجبال كأهراء
يا طفولتي يا جنوني
جورج حنين
جمال ثابت
في خمس سنوات سأصبح…
في عشر سنين سيكون لي…
في خمس عشرة سنة…
المستقبل يشغل رجلا
المستقبل يستعجل رجلا
للمستقبل جيبان عريضان وأحدهما بالذات
يتخذ الشكل الذكوري لمسدس
نظرة الى ورقة لعب، هنا يبرعم العاج،
هناك التنغستين
الظلام يخيّم في هذه الجزيرة حيث يدنو من الشاطىء رجل
ثمة صراخ غريب في هذا المرفأ حيث ينزل رجل
أصوات وصمت يبحث بعضهما عن بعض – كل شيء سيىء التوزيع
لا أتعرف الى صمتي، تقول امرأة قلقة
وجهها لا يوصف
في مركز الجمرك يصرّحون بذكريات طفولتهم
رجل وحيد في شارع وحيد في جزيرة
أعطي رجل عناوين خاطئة في جزيرة
من أكثر الجزر انغلاقاً
ليس لك سوى أن تستشهد بي وسترى
نفسك مدللا ومحاطاً
لكن رجلا من أقلهم دلالا وإحاطة
في جزيرة لم يكن يتوقعها مغلقة كذلك
ثمة مركب في كل جيل، قيل له، بضجر،
في مكتب استعلامات جزيرة
في عشرين سنة سيجذّف رجل ثانية
المستقبل في الرأس
الرأس المبيض
جويس منصور
لا تأكلوا…
لا تأكلوا أطفال الآخرين
لأن أجسادهم ستنتن في أفواهكم المجهزة جيدا
لا تأكلوا أزهار الصيف الحمراء
لأن نسغها دم الاطفال المصلوبين
لا تأكلوا خبز الفقراء الاسود
لأن دموعهم الحامزة قد أخصبته
وسيتجذّر في أجسامكم الممددة
لا تأكلوا حتى تذوي أجسامكم وتموت
فتبتكر الخريف
على الأرض المتلفّعة بالحداد
المكائد العمياء…
مكائد يديك العمياء
على نهديّ المرتعشين
التحركات البطيئة للسانك المشلول
في أذنيّ المثيرتين
كل جمالي الغريق في عينيك البلا بؤبؤين
وموتي في حضنك الذي يأكل دماغي
كل ذلك يجعل مني فتاة غريبة
في الليل أنا المتسكعة…
في الليل أنا المتسكعة في بلد الدماغ
ممددة على القمر الباطوني
تتنشّق نفسي التي تسيطر عليها الريح
والموسيقى العنيفة لأنصاف المجانين
الذين يمضغون قشَّ المعدن القمري
والذين يطيرون ويطيرون ويسقطون على رأسي
بنشاط واندفاع
وأرقص أرقص من الفراغ
أرقص على ثلج جنون العظمة الأبيض
بينما أنت وراء شبّاكك المحلّى بسُكّر الحنق
تلطخ فراشك بالأحلام في انتظاري
إيف بونفوا
القلب – الفضاء
I
في عز برد الصيف وجهك الحجري.
أعرف ان ثمة عمال مناجم يسرعون نحو نبع وحيد
من الحصى والصراخ
هكذا اجتزت وجهك في العشب.
لكن الضوء أصبح كامداً،
رؤوس تزمجر الآن على علَم الارض،
والبرق الداخلي يشجّك بطفولة.
أيّ زمن يرتسم على وجهك، أرى عقباناً
تتنازع الشتاء
وتدمغ ببراثنها المسارح.
يا عملة الطفولة، إن ظلك يثقل على
الخضرة الرائعة،
وتنزلقين، قناعا أسود، على الأعشاب الجليدية،
أيتها العجلة الشمسية، يا وجه الصيف الزيتي.
II
أيها الطفل، لقد صعدتُ الى النوافذ العليا،
قطعتُ الفضاء.
وشقت يداي في عصب الجاذبية
طريقاً من الضجيج البغيض.
شاهدت كلاب الريح تمزّق الشواطىء الصخرية
القماش المصمت متدحرجاً في حلقي (لكنني عشت
في هذا البيت ذي المسام)
شاهدت الريح تحفر عوارض الساعات الست،
والارض تائهة في وهادها الفضائية،
كان ثمة مقبرة من القراص، وحول الصخور كانت تتجمع البراهين غير المؤكدة.
شاهدت النهار يتقصف، شاهدت تلك النهارات من اضطرابات المكان.
لقد أوصوني بالعاصفة،
واستقبلت ملوكاً كانت رؤوسهم تتجمل
بنيران الخلنج
التي تضفي على التلال قلق المصادفة.
III
شاهدت قطاراً من المجانين يحزز كيلومترات
من الارض السوداء،
شاهدت قطارا من الموت يحزز رؤوساً
نضيدة على مقربتي،
شاهدت طيورا كبيرة تحط على رؤوس مشتهاة،
فأنا جئت الى مسرح الحجارة.
شاهدت، وماذا لم أشاهد، إن لك مذاق النجوم
والمدن التي تُعتبر عند الفجر، وفي أيديهم تلتهب الوحدة.
وعلى الطريق هناك يمضي الموت
بلباسه الأرجواني
والماء في شعره كدولاب، نبع
لأجل ترميدية “Grisaille” طيور.
IV
… لا أذكر أبداً اسم النجوم التعبى في السماء،
من زمن طويل ماتت بالنسبة إليّ السموات
قاطعة الرؤوس،
تحمل لي الريح هذه الليلة وقع خطى على شواطىء، إنه قدوم غامض لنار اخيرة.
– من خرائب الشاطىء صعد البرد وفي المرايا
تشوّه الأرض الوجه الجليديّ الذي تمده النساء
على طرف رماح معرّضة للريح.
V
… لا أذكر أبداً اسم تلك الصداقات الصهباء
التي كانت لنا في المدينة،
غير أنّي أراني جالساً الى طاولة
في صالون حنَق، ونحن عائدون في المساء
برأسٍ طُعمةٍ لشُعَل الفضاء الأبدية.
يقترب طفلان من شاطئ مهجور،
والليل يعلوهما كمصباح
ففي قعر أي وهْدٍ، كان
يُنتن وجهاهما ويمتزج ثغراهما
تحت أغصان اسميهما الثقيلة؟
VI
… وأخيراً كنتُ وحدي في حديقة.
صرختُ، كانت تخدش وجهي أغصان الموت،
وكان القلق يسقط عليّ من الكواكب في وضح النهار.
– كنتُ أكيداً، كنتُ أكيداً أنّنا كنّا نمشي في حديقةٍ وأنّ في لحظةٍ
ستظهر لا أعرف أي شحّاذة على العتبة وهي تهزّ رأسها الغورغونيّ
والريح تدفع ابنها ككومة بياضاتٍ ممزوجةٍ بالسماء.
VII
لا أذكر أبداً،
غير أن الحديقة في آخر العام ما زالت تنفتح،
والسياج لا يعرف أبداً أن يصرخ
أنا لم أنسَ صمت الحدائق الرهيب.
جان – بيار دوبريه
وردة الرماد
يدٌ من ورود مسبوكة على مادّة سوداء…
ماذا يبقى، ماذا يبقى؟
من السماء، ليس سوى نسيجٍ مدعوكٍ من الأشباح
والعيون لا تملأ غير محاجر الفراغ.
عنكبوت تُغيّر وجهةَ الليل، إنّها حلم امرأةٍ ميتة.
لها فرج الليل المفتوح وصغارها تسعى
لتُسَوّد نوم الأحياء
خطوةٌ خفيّة تُغلق ثقب الصمت.
والنجمة تشحب.
في غرفة العرس، ثقافة القلوب السوداء. لوريتا… أوليم، يطاردهما ظلّهما. الميزان انقلب من ناحية الهاوية. وعلى طول الجدران تشتعل الشماعدين غير المضيئة، لكنها تعكس عيون الموتى: القاطنين.
“والآن، قبل أي شيء!” مُر العريفَ الشبح.
حذار! غورٌ ديماسيّ نداءٌ من أسفل العوالم – يُخرس مٍسبارَ العهد السابق المعتم. نداء طويل!… إنّه جواب أجراس الفراغ لأجراس الفراغ، لفراغٍ تحت جرس…
الفُرضة – الحفيرة في قلب الحياة.
أيها الشوك المغروس في تاريخ العالم!
ثوبٌ من ورودٍ بيضاء
النافذة الحمراء المفتوحة على الجميلة،
هل أتصوّر الحبّ هكذا؟
جرائم من دموع في حجارة مرسومةٍ بالدم،
أشجار زيتون، في شيخوخة مخيفة، تستعيد نضارتها.
ولأسلحتي لون الرخام
الذي، على مدى عالم،
يخطو على الشارع المنْسيّ
حيث خطاي تنسج حسراتٍ وتَحلّ.
في ما يحيط بي، أريدني أميناً،
في التيه الأبيض، في إثر جنيّاتي
ولتأتني الفصول
تموت وتبكي أجسادي وأجسادي مفكّكة.
جان آرب
العمر يعيش من شعرةٍ الى شعرة
العمر يعيش من شعرة الى شعرة
عبر الجوّ الذي أصبح يتيماً
يعيش كبيضة
تحضن ثمرة
على حبل موتِّرٍ بين جناحين
الجوّ في سنّ الجناحين
تولد الثمار من الجناحين
وأوراق الجناحين تنزف
على أذيال الجوّ
الفصول نجومها وبيادقها
زُرقتك جيّدة يا ربيعي
لم تقصّر خدمة نفسك
وأسفاً للصيف اذا لم ينتفع
الشعورُ المستعارة الخضراء تدقّ
كم الساعة الآن
إنّه الصيف إلاّ ربعاً
النجوم تحلّ رباط صدارها
وتفرط وروداً شهوانيّة
أُبَر الأيام تشير الى تمّوز
ها هو الشتاء يصل ثانيةً متأخّراً
يتوشّح برجلٍ أصفر كالثلج
لقيَ حتفه على أثر الأصياف اليوميّة للشتاء
أصياف كثيرة دوَّرت حتى المربَّع
كلّ اثنين شتاء
الشتاء ينشر البياض من السواد الى اثنين
ويهاجم كلّ قسمٍ على حدة بنَصلٍ حادّ
فيما ربّ البيت ينام على جذورٍ معطَّرة
ولم توقظه مجموعة الأسلحة المنبعثة من القهوة السوداء
ولا الثلج المتساقط مبكراً تلك السنة
على العفاريت العابسة
عندما تنفجر زردات شبكة الأثداء
والأيام الثابتة تفتح صنابيرها
كي تفجّر أمواج الأوراق الانسانية
لقد عدنا صغاراً جداً
ونتابع مواكب الشمال المأتمية
بمشاعل في الأيدي
وفأرة في الفم
تحت مظلاّت الأرقام
وللغذاء المؤلم شكل الخريف بغموض.
أنطونان آرتو
شاعر أسود
يا الشاعر الأسود، نهد عذراء
يسكنك،
يا الشاعر الساخط، الحياة تغلي
والمدينة تُحرق
والسماء تنسرب مطراً،
وريشتك تخدش قلب الحياة.
يا غابة، يا غابة، عيونٌ تزدحم
على نوى الصنوبر المتكاثرة؛
ويا شَعر العاصفة، الشعراء
يمتطون أحصنةً، كلاباً.
العيون تستشيط غيظاً، الألسنة تدور
والسماء تنصبّ في الأنوف
كحليب مُغذٍّ وأزرق؛
وأنا معلّقُ بثغوركنّ،
أيتها النساء، يا قلوباً من الخلّ اللاذع.
الليل يعمل
في قِرَب القماش المنفوخة
حيث الليل يتنفّس بملء رئتيه
يُحسّ الشاعر بشَعره
يطول ويتلبّد.
على كلّ كونتوارات الأرض
تعلو أقداحٌ مستأصَلة
ويشعر الشاعر بأنّ ذهنه
وعضوه التناسلي يهجرانه
لأن الحياة هنا هي موضوع الخلاف
مع بَطْن الذهن؛
القناني تصدم جماجم
الجمعيّة الجويّة.
الكلمة تنبت من النوم
كزهرة أو كقدح
مليءٍ بالأشكال والأدخنة.
ويتصادم القدح والبطن
والحياة واضحة
في الجماجم المزجّجة.
مَجْمَع الشعراء النشيط
يلتئم حول طاولة خضراء
والفراغ يدور
الحياة تجتاز ذهن الشاعر
الى شعره الكثيف.
لا شيء في الشارع غير شبّاك
أوراق اللعب مخلوطة؛
والمرأة بعضوها التناسلي على الشبّاك
تعرض بَطْنَها للتداول.
روبير ديسنوس
باب اللانهاية الثانية
المحبرة المنظار الأفقيّ تترصّدني في المنعطف،
مسكة ريشتي تعود الى صدفتها
الورقة تبسط جناحيها الابيضين العريضين:
قُبَيل أن ينتزع مخلباها عينيّ
لن أرى فيهما غير جسدي المرحوم
أيّها المرحوم يا جسدي!
لقد سنحت لكم الفرصة لتروه كبيراً في يوم السخريات
النساء وضَعن حلاهنّ في أفواههنّ كديموستينس
لكنني مخترع جهاز تلفونٍ من زجاج بوهيميا وتبغ انكليزي
على علاقة مباشرة مع الخوف!
أيّام الشاعر العظمى
لم يبتكر قطّ رُسل النور غير ظلمات قليلة الكمدة.
النهر يدحرج جسد امرأة صغيرة وهذا يعني ان النهاية وشيكة.
الأرملة في ثياب العرس أخطأت موكب الجنازة؛
كلّنا نصل متأخّرين الى قبورنا
سفينة من لحم تغوص في رمال شاطئ صغير. يأمر النوتي الركّاب بالصمت.
الأمواج تنتظر بفارغ الصبر قربك يا إلهي.
يأمر النوتيّ الأمواج بالتكلّم. وتتكلّم.
الليل يختم قنانيه بنجوم ويجني ثروةً من التصوير.
وتنشأ كونتوارات كبيرة لبيع العنادل. لكنها لم تكن تُلبّي رغبات ملكة سيبيريا التي تريد عندليباً أبيض.
كومودور انكليزي يُقسم بأنّه لن يُستخدم لقطْف الناعمةِ في الليل بين قواعد النصُب الملحيّة.
في المناسبة مملحة “سيريبوس” صغيرة تنتصب بصعوبة على سيقانها النحيفة. إنّها تُفرغ في صحني ما بقي لي لأحيا.
بماذا يُملَّح الأوقيانوس الباسيفيكي
ستضعون على قبري عوّامة إنقاذ.
لأننا لا نعرف ابداً ¶
هنري فريد صعب