كيف نُنقِذ فلسطين؟
سعد محيو
ثلاثة تفسيرات قُدمت لتفسير خطوة استقالة حكومة سلام فياض:
الأول، هو ما قاله فياض نفسه، ومعه أبومازن، من أن هدف الاستقالة “نبيل”: إزالة العقبات أمام إنجاح جهود الحوار الفلسطيني الفلسطيني في القاهرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.
الثاني، هو أن هذه خطوة تكتيكية “ملعوبة” من جانب فياض/عباس، هدفها الحقيقي الضغط على حماس لحملها على تليين معارضتها لتكليف فياض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية العتيدة. هذا إضافة إلى تحميل حماس مسؤولية أي فشل في وضع حد للانشطارات الفلسطينية.
والثالث، هو أن فياض فقد الأمل من إمكان التوصل إلى تسوية ما مع “إسرائيل”، خاصة مع تصاعد وتائر الاستيطان في الضفة الغربية وصعود اليمين “الترانسفيري” (الترحيلي) المتطرف إلى السلطة في “إسرائيل”، فقرر أن تكون استقالته صرخة احتجاج في وجه واشنطن أساساً لقيامها بقطع الحبل به وهو في منتصف البئر.
أي التفسيرات الأقرب إلى الدقة؟
اختر ما شئت، فهذا لن يغيّر من الأمر شيئاً. إذ، سواء كان حسن النية أو سوؤه هو الغالب، وسواء توصلت الفصائل الفلسطينية المتحاورة إلى اتفاق أم لا، حول حكومة الوحدة الوطنية وموعد الانتخابات المقبلة وشكلها، فهذا لن تكون له أي تأثيرات، ولا حتى لمسات، إيجابية على القضية الفلسطينية.
لماذا؟ لأنهم يتصارعون ويتفقون ويختلفون في إطار قفص أو فخ وقعوا فيه جميعاً، هو مشروع الدولتين الفلسطينية و”الإسرائيلية” المتجاورتين والمتعايشتين جنباً إلى جنب في سلام ووئام.
ففتح قوّضت كل شرعيتها كحركة تحرر بسبب وضع كل بيضها في سلة هذا الرهان منذ العام 1991 وحتى الآن. وعلى رغم أن حماس لم تضع أي بيض في هذه السلة، إلا أنها قررت أن تفعل ما هو أسوأ: اللعب وفق قواعد ومؤسسات وشروط هذا المشروع نفسه. وهذا حدث حينما قررت خوض الانتخابات في إطار اتفاقات أوسلو، ثم حين وقعت في إغراء بناء سلطة إسلامية داخل سلطة أوسلو أو على حوافها.
الكل الآن يدفع ثمن هذه الأخطاء التاريخية. والكل يبدو عالقاً في حفرة حفرها لنفسه وهو يعتقد أنه حفرها لأخيه، بتصفيق وتشجيع من جانب أطراف دولية وإقليمية عدة.
تريدون أدلة؟
واحد منها قد يكون كافياً: الأطراف الفلسطينية لم تكن لتجلس إلى طاولة الحوار مجدداً، لولا أن ثمة 5 مليارات دولار من المساعدات الدولية تنتظر اتفاقهم، خاصة لإعادة بناء غزة، ولولا أن حماس وفتح لم تنجحا في تقويض سلطة بعضهما بعضاً، ثم لولا أن إدارة أوباما تخلت (ولو جزئياً) عن تكتيك إدارة بوش القاضية بتفجير الصراعات الفلسطينية الفلسطينية.
كل هذه المعطيات تعني أمراً واحداً على الأغلب: الفصائل الفلسطينية الرئيسة الحالية، لم تعد قادرة على إنقاذ القضية الفلسطينية من ورطتها التاريخية الخطيرة الراهنة. إنها حالياً أشبه برجلين كانا يتسابقان على ادعاء إنقاذ فتاة جميلة تغرق في مستنقع، فإذا بهما (وبسبب استراتيجيتهما الخاطئة) يغرقان في رمال المستنقع المتحركة.
ولأن الغريق لا يستطيع إنقاذ غيره، توجب البحث عن وسيلة ل “إنقاذ فلسطين من الفلسطينيين (أي الفصائل) أنفسهم”.
الخليج