بالرغم من التواجد الأمني الكثيف: كرد سوريا يحيون الذكرى الخامسة لانتفاضة قامشلو
مسعود عكو
أحيا آلاف الكورد في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، الذكرى الخامسة لأحداث الملعب البلدي والتي تحول فيما بعد إلى انتفاضة كردية عمت أرجاء المدن الكردية بما فيها دمشق وحلب، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
ووقف الآلاف من أبناء الشعب الكردي خمس دقائق صمت في الشوارع الرئيسية من المدينة، وتلاها تصفيق حار من الجماهير الواقفة، بالرغم من تطويق المئات من عناصر مكافحة الإرهاب والشرطة العسكرية والمدنية والأجهزة الأمنية المختلفة، إلا أنها وقفت دون تدخل.
وفي تمام الواحدة والنصف بالتوقيت المحلي، أحيت لجنة التنسيق الكردية والحزب اليساري الكردي، حفلاً خطابياً على مقبرة الشهداء في حي قدور بك، تخللها كلمة مشتركة للأحزاب الداعية للاحتفال، تلاها غربي حسو القيادي في تيار المستقبل الكردي، وكلمة باسم عوائل وذوي الشهداء، ألقاها الأستاذ عبد القادر الخزنوي.
الكلمات التي ألقيت في الحفلة، تحدثت عن الذكرى الأليمة لكثير من الناس، وكيف فتحت قوات الأمن نيرانها ضد الجماهير الكردية التي جاءت لتشجع فريق كرة قدم، والتي بدأها محافظ الحسكة الأسبق سليم كبول، ومن ثم تطرقت الكلمة إلى المعتقلين الكورد في القابعين في سجون البلاد وذكروا منهم الأستاذ مشعل التمو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي، والسيد مصطفى جمعة القائم بأعمال سكرتير حزب أزادي الكردي واثنين من قيادة حزب أزادي. ولم تنسى الكلمة المرور على الآثار السلبية للمرسوم التشريعي 49 والتي شلت الحياة في المناطق الحدودية وخاصة الكردية منها، وحيت الكلمة معتقلي إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي.
بالرغم من أن قوات الأمن والشرطة العسكرية وقوات مكافحة الإرهاب، منعت المئات من دخول المقبرة، وأغلقت بابها الرئيس، إلا أن الكثير من الشبان حاولوا دخول المقبرة عن طريق القفز من فوق أسوارها.
هذا وكانت أحزاب كردية سورية، قد دعت إلى الوقوف خمس دقائق صمت على أرواح شهداء انتفاضة قامشلو، ولم تستجب الأحزاب الكردية الأخرى إلى نداء لجنة التنسيق وحزب اليسار الكردي، في إحياء احتفال خطابي في مقبرة الشهداء بحي قدور بك شمال مدينة القامشلي.
كلمة لجنة التنسيق الكردي و الحزب اليساري الكردي في سوريا
بمناسبة الذكرى الخامسة للانتفاضة و يوم الشهيد الكردي
يا أبناء و بنات شعبنا الكردي
أيها الحضور الكريم …
اليوم نحي ذكرى انتفاضة شعبنا في وجه الظلم والقهر، أجلالا وأكراما لأرواح شهدائنا البررة، الذين سطروا لنا قيما نضالية ومعاني جديدة في إرادة الحياة الحرة، ومقاومة الطغيان، وسالت دمائهم الزكية على ارض آبائهم وأجدادهم كقربان على طريق شعبنا في انتزاع حقه في الحرية و العيش بكرامة مثل سائر شعوب الأرض، وحقه في تقرير مصيره، حسب القوانين والمعاهدات الدولية .
لقد شهد يوم 12 آذار 2004 مجزرة رهيبة بحق كوكبة من شبابنا الذين كانوا ضحية الغدر، و إطلاق نار متعمد من قبل السلطات و بالأخص محافظ الحسكة آنذاك سليم كبول، و كان الهدف كما ظهر فيما بعد، هو كسر إرادة شعبنا و إذلاله و لجم تطلعاته نحو حياة آمنة، خالية من الاضطهاد و القمع و التمييز، غير إن شعبنا سرعان ما بادر إلى الدفاع عن وجوده و حقوقه، عبر المظاهرات الصاخبة، السلمية التي بدأت في قامشلو ثم امتدت إلى سائر المدن و البلدات الكردية و إلى أماكن التواجد الكردي في دمشق و حلب، و تحولت إلى انتفاضة عارمة، اثبت فيها شعبنا، بأنه شعب حي و مناضل و لن ترهبه آلة القمع، و كانت التضحيات كبيرة تمثلت في استشهاد أكثر من ثلاثين شخصا و جرح المئات و اعتقال الآلاف و اللذين تعرضوا للتعذيب الوحشي لكنهم صمدوا كالأبطال، و غطت وسائل الإعلام أنباء الانتفاضة و أخذت القضية الكردية بعدا دوليا و بات القاصي و الداني، يدرك إن هناك شغبا كرديا يعيش في وطنه التاريخي كردستان ويعاني من سياسة التمييز و المشاريع العنصرية و يرفض سياسة الإنكار و طمس الهوية .
لقد تمادى النظام في استبداده و استمر في القمع و التنكيل بحق أبناء و بنات شعبنا و امتدت أيادي الغدر و القتل إلى بعض الشباب الكرد اللذين كانوا يؤدون الخدمة الإلزامية العسكرية، و هذا التصعيد الخطير لم يتوقف حتى الآن و حاولت الأجهزة الأمنية منع و إيقاف نشاط أحزاب الحركة الكردية، و التي أصرت على حقها في النضال الديمقراطي السلمي، و طالبت بإصدار قانون عصري للأحزاب على قاعدة حرية التعبير و النشاط السياسي طالما انه يعتمد الأسلوب النضالي الديمقراطي السلمي و يرفض العنف، و استخدام القوة، كما استمرت السلطات في التنكر لحقوق شعبنا القومية والإنسانية عبر استمرار المشاريع العنصرية من التجريد من الجنسية، و حزام استيطاني عنصري و حظر للغة و الثقافة الكردية، و بلغ التعامل العنصري مستوى خطيرا اثر صدور المرسوم 49 و الذي يمنع حق التملك و التصرف بالعقارات و المساكن و المحلات في المناطق الكردية، من خلال المطالبة بالحصول على الرخص التي يكاد يستحيل على الكرد ضمانها لان هناك إيعازات متعمدة للأجهزة الأمنية ووزارة الزراعة و الدفاع و الداخلية برفض طلبات الكرد و بذلك تخرق السلطات كافة القوانين و الأعراف الدولية التي تنص على حق كل إنسان في التملك و التصرف و البيع و الشراء، و إن شعبنا يدرك انه مستهدف في وجوده و إن السلطات تسد كافة منافذ الحياة في وجهه ليترك مناطقه التاريخية و يتعرض للفقر و التشرد
أيها الحضور الكريم ….
عندما نتذكر شهداء الانتفاضة ينبغي إن نتذكر أيضا شهيد قول الحق الشيخ الدكتور معشوق الخزنوي رحمه الله، و الذي تعرض للخطف و الاغتيال لأنه ناصر شعبه المظلوم، و دافع عن حقه في الحرية و المساواة، و علينا تذكر شهداء نوروز بدءا بشهيد نوروز الأول سليمان آدي و انتهاءا بالشهداء الثلاثة اللذين قتلوا ظلما و عدوانا عشية نوروز 2008 .
علينا إن لا ننسى احد معتقلي الانتفاضة و الذي حكم عليه بالسجن 18 عاما وهو السيد رمزي عبد الرحمن من كوباني و ندعو إلى إطلاق سراحه،
و نؤكد على ضرورة إجراء تحقيق نزيه و محايد لتحديد و محاسبة المسؤولين عن قتل الكرد و تعذيبهم .
و بهذه المناسبة نعرج على سياسة كم الأفواه و قمع الحريات العامة و الخاصة لكافة القوى الوطنية و الديمقراطية في البلاد التي تتطلع إلى وطن تشاركي و نظام تعددي تداولي يحفظ حقوق الجميع دون تمييز و تعلو فيه راية الحق و القانون فالمناضلون و النشطاء السياسيون الكرد يقيمون في السجون بالعشرات و نذكر منهم الأستاذ مشعل تمو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا و الأستاذ مصطفى جمعة القائم بأعمال سكرتير حزب أزادي الكردي في سوريا و العضوين القياديين معه و هما محمد سعيد عمر و سعدون شيخو، و كذلك المناضل نظمي عبد الحنان محمد و رفاقه من حزب يكيتي الكردي و آخرين غيرهم من القوى الكردية و من قوى إعلان دمشق و الذي يقبع 12 من قادته في السجون و صدرت بحقهم أحكام قضائية جائرة .
إن ممارسات النظام و سلوكه الأمني و إصراره على رفض الوجود التاريخي لشعبنا الكردي و إتباع سياسة القمع و الخنق الاقتصادي و سد منافذ العمل و عدم الالتفات إلى قضايا الوطن و الدخول في مساومات و مقايضات خارجية، و استمرار النظام في نفيه للآخر، و رفضه للشراكة المجتمعية القائمة على تبادل المصالح و حاجات الأفراد و مستلزماتهم كل ذلك حول الوطن إلى سجن كبير و جحيم لا يطاق و بالتالي يتحتم على القوى السياسية الوطنية و الديمقراطية في سوريا على اختلاف انتماءاتهم، إن يوحدوا صفوفهم و يتصدوا للمهام المطلوبة منهم من اجل التغيير الديمقراطي السلمي و توفير مستلزمات النهوض الشامل الذي يوفر الأمن و الكرامة و العيش اللائق للجميع أما الكرد فلا خيار أمام قواهم الديمقراطية سوى الاتفاق على رؤية سياسية مشتركة وإستراتيجية واضحة و الالتزام بالنضال الجاد و الفاعل من اجل انتزاع حقوقهم القومية و الديمقراطية في إطار وحدة البلاد و بذلك فقط يستجيبون لإدارة شعبنا و تضحيات مناضليه و شهدائه .
تحية للانتفاضة و شهدائها
الحرية لكافة معتقلي الرأي في سجون البلاد
لجنة التنسيق الكردي في سوريا – الحزب اليساري الكردي في سوريا
12/3/2009
برقية الأستاذ مشعل التمو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا من معتقله في سجن عدرا المركزي بدمشق بمناسبة يوم الشهيد
أنا أعتز وأسمو بكم أيها الشباب، فلقد أثبتم للاستبداد بأنكم خير من يجسد إرادة الحرية وفعل المقاومة، المقاومة المدنية، طريقنا وطريق شعبكم الأصيل لانتزاع حقه في الحرية والحياة، فانتم عشاق للحياة الحرة الكريمة، و تضحياتكم أكاليل غار على طريق بناء الدولة الديمقراطية، دولة كل السوريين بكل مكوناتها القومية والدينية ، يكون فيها الكرد شركاء كاملي الحقوق والواجبات.
أننا إذ نحيي الذكرى الخامسة ليوم الشهيد الكردي، فإننا مطالبين بتوحيد الموقف والخطاب والهدف السياسي، ولعل قيم الانتفاضة تفترض منا جميعاً العمل والإخلاص لهذا الهدف النبيل ، حيث كان تكاتف شعبنا وتوحده إبان الانتفاضة المباركة في وجه آلة القمع والبطش، عنوانا صارخا لما يريده هذا الشعب وما يتمناه من كافة الأطر الحزبية والسياسية والثقافية، خاصة وان ما يخطط لنا جميعاً من قبل دوائر السلطة ومخابراتها ، يستوجب الرؤية الإستراتيجية الشاملة وليس الحزبية الضيقة لان سلسلة المشاريع القادمة لن تستثني أحدا من أبناء شعبنا حتى وان كان في بيته، ولعل قتل الشهداء الثلاثة وهم يرقصون ليلة عيد النيروز في 20/3/2008، خير دليل على ذلك.
إننا في الوقت الذي نعتز بما سطره شبابنا من قيم الشهادة والحياة وصورها الناصعة، أحييكم وأشد عل أياديكم وأقول لكم صبراً فان الليل لا بد إن يعقبه النهار.
إن خير وفاء للشهداء في ذكراهم هو السير على خطاهم واستلهام أفكارهم،حتى انتزاع حقنا القومي والديمقراطي وبناء سورية تعددية وديمقراطية لكل السوريين.