«الغرافيـك ديزايـن» تصميـم وفكـرة… الألـوان مشـاعر والأفكـار صـور بصريـة
نور الحلبي
الغرافيك الرقمي مهم لصناعة الأفلام التاريخية لكنه لا ينقل الإحساس
قطعة متوسطة الحجم من الـ« لينوليوم »، وأداة حفر أو إزميل صغير من الفولاذ، والهدف حفر فنيّ يجسّد (قلعة بعلبك). تقول ديانا (طالبة في كلية الفنون فرع الغرافيك ديزاين ) ونظرها مسلّط على العمل الذي بين يديها «بداية نرسم الصورة المراد تنفيذها بقلم رصاص، مع مراعاة قوانين اللوحة التشكيلية. كما ويُفضل إظهار التفاصيل الدقيقة لخلق إحساس بطبيعية اللوحة. ثم نبدأ بالحفر. ويجب توخي الدقة والانتباه التام كي لا يحصل اي خروج عن مسارات الخطوط المرسومة. وبعد ذلك نقوم بتحبير الجزء الذي حفرناه أو تلوينه بالـ(جواش) ومن ثم نطبعه على ورقة أو أي مسطّح آخر بواسطة المكبس» وتضيف «الغرافيك ديزاين هو عمليّة تصميم لشكل ما تمهيداً لحفره وطباعته على مسطّح معين، بواسطة مكبس«.
إذا فن الغرافيك بمعناه التقليدي هو فن الحفر على الأسطح الخشبية أو المعدنية أو أي مادة أخرى بهدف الحصول على أشكال فنية مختلفة عن طريق طباعتها. ويُسمى أيضاً بفن الرسوم المطبوعة وفن الحفر والفن المطبوع أو التصميم لكن اختلاف المسميات بين قطر وآخر لا ينفي عن هذا الفن وحدة التعريف والمضمون والغاية بين جميع الأقطار.
وقد استعمل الصينيون هذا الفن لعمل الزخارف الخاصة ولطباعة الأقمشة. وكان نوع الحفر المستعمل هو الحفر على الخشب. ويرجع تاريخ أول صورة ظهرت في الشرق مطبوعة من لوح خشبي محفور على ورق الى سنة 858 ق.م.وفي اليابان فقد عُرفت طباعة الكتب في القرن الثامن، أما في اوروبا فإن طباعة الأقمشة من اللوحات الخشبية المحفورة لم تُستخدم الا في العصور الوسطى. وفي العالم العربي فقد بدأت الأكاديميات والكليّات تفتح أبوابها لتدريس هذا الفن منذ النصف الثاني من القرن العشرين.
يقول الفنان التشكيلي والغرافيك محمد أمين «ثمة قيم جمالية فنيّة قد نتبينها في اللوحة المحفورة والمطبوعة ولا نجدها في الأعمال الفنية الأخرى» ويضيف شارحاً رأيه «توجد تقنيات مختلفة في الحفر تتجلى أوجهها الجمالية قبل وبعد الطباعة، فعندما أطبع من سطح بارز، أي بعد تحبير المكان البارز من لوح الخشب أو المعدن، تمنحني البروزات حالة شعورية مختلفة عمّا هي عليه عندما أطبع من سطح غائر أي بعد تحبير الجزء الغائر من لوح الزنك أو البلاستيك أو النحاس وهذا الاختلاف ناجم عن مدى ما تملكه كل مادة من نكهات جمالية تنفرد بها عن غيرها بالإضافة الى خصوصية العلاقة وما فيها من تناغم وانسجام بيني وبين المادة التي أعمل بها. هذا عدا عن الحفر الليثوغرافي الذي يعتمد على نظريّة تنافر الدهن والماء. إذ يُرسم على الحجر الجيري بقلم دهني ثم تتم تندية الحجر بالماء، فيغطي الماء سطح الحجر الا الأماكن المرسومة بالمادة الدهنية، وعند تحبير الحجر بحبر الطباعة، يغطي الحبر الأماكن المرسومة بالقلم الدهني وتتم الطباعة بعد ذلك من خلال مكبس خاص بتلك النوعية من الطباعة. هنا نحصل على عملين فنيين مختلفين تماما ً ومتطابقين تماما ً واحد على الحجر وآخر على المسطّح المطبوع عليه لكن لكل منهما شكلا وإحساسا وتعبيرا فنيا مختلفا».
والطباعة في البداية كانت تقتصر على اللونين الأبيض والأسود لكن اُدخلت فيما بعد الألوان عليها مما شكّل عامل جذب للفنانين إذ راحوا ينفّذون أعمالهم مستخدمين هذا الفن لضمان وصولها وانتشارها. فاللوحة المحفورة التي ينتهي الفنان من تنفيذها هي في الواقع لوحة أصلية صممّها الفنان بنفسه، وبالتالي سيروق للجمهور أمر مشاهدة عمل من اعمال الفنانين الكبار ومن ثم اقتناؤه.
وعن كبار الفنانين العالميين الذين عملوا في مجال الغرافيك والتصميم يقول د.مأمون شعبان (استاذ الجرافيك في الجامعة اللبنانية) «سلفادور دالي فنان تشكيلي اسباني من روّاد أهم المدرسة السريالية، ولكنه مع ذلك أمضى وقتاً طويلا ً من حياته في تصميم المجوهرات، ومواقع المسرحيات والأزياء والديكورات والأفلام السينمائية».
ودالي أنجز العديد من الأعمال الغرافيكية بتكوين سريالي على الرغم من انه لم يكن معروفاً كحفّار الا أنه كانت له تجارب متعدّدة في ورشة عمل الغرافيكي الإسباني (خوان باربرا) الذي أصيب بأمراض حادة ومزمنة بسبب الأتربة والمواد السامة التي كان يستخدمها في محفوراته. بالإضافة الى ليوناردو دافنشي الذي صمّم العديد من الآلات التي لم تخطر على بال أحد من المعاصرين له كتصميمه لطائرة مروحيّة، ومنطاد وغواصة وبراشوت. وقد احتضنت مدارس الحفر الإسبانية أيضا تجارب كل من بيكاسو وخوان ميرو وريتشارد هاملتون في الأعمال الغرافيكية.
هذا وقد تكفّل فن الغرافيك كغيره من الفنون بسرد بعض الأحداث التاريخية الكبرى. اذ تمّ تصميم سجّاد «بايو» بشكل يصوّر قصة غزو النورمانديين لإنجلترا بطريقة حيّة ومدهشة عبّرت عن الحالة التراجيدية التي رافقت هذا الغزو مما يكرس أهمية وعراقة هذا الفن وما له من اتساعات وتشعبّات تغني الساحة الفنية.
وانطلاقاً من مبدأ أنّ الغرافيك بمعناه التقليدي هو فن متكامل تسري عليه بعض أو معظم قواعد الفن التشكيلي، وله نكهته وخصائصه وتأثيراته الفريدة والمميزة يثور تساؤل عن التحدّيات التي تواجه فن الغرافيك التقليدي إزاء طغيان موجة الغرافيك الرقمي أي اعتماد الكومبيوتر كخامة أساسية للتصميم والرسم..
الغرافيك الرقمي
وضع المهندس والجرافيكي محمد سليمان يده على الـ(ماوس) وشرع يشرح العمل الذي يقوم به على الكومبيوتر «بداية نرسم يدوياً أحداث الفيلم أو القصة المزمع إخراجها، وغالبا تكون قصة قصيرة وهادفة. ثم نرسمها على أحد برامج التصميم (فوتوشوب، الاسترايتر أو الفلاش) ونقوم بعد ذلك بإدخال الصوت والحوار الى ان ننتهي الى فيلم كرتوني تكون له مدة معيّنة» وتابع شرحه قائلاً «يمكننا أيضاً استخدام برنامج الـ(ثري دي) وهو برنامج الفيديو والتصوير الثلاثي الأبعاد، والرسوم المتحرّكة بالإضافة الى برامج المونتاج والتقطيع للأفلام السينمائية. وأهم البرامج المتخصصة في هذه الأمور (الأدوب أفتر كات، والفاينل برو، والأدوب براميير) ثم قال متداركا «برامج الكومبيوتر متعدّدة وفي تطوّر متزايد ولكل منهم دوره وأهميته التي ينطوي عليها فبرنامج (انديزاين الاسترايتر) مثلا هو برنامج خاص للجرائد والمجلات، وكذلك (الباور بوينت ) وبرنامج (كورك اكسبرس) لصناعة صفحات الصحف والمجلات، بالإضافة الى برنامج (كورل درو ) وغيرها..
ويعتبر «مارتن تشارلز » من أبرز مصممي الغرافيك في هوليوود، فقد اشتهر بصناعة الأفلام المتميزة ووظّف كل طاقاته الفنيّة في ابتكار أروع المشاهد التي حصدت جوائز الأوسكار. فلمساته التي كان يضفيها على الأثاث والزخارف والخلفيات اللازمة لصناعة العمل أثبتت أنه يتمتع بموهبة فذّة تجلّت في أعماله. وفي إحدى مقابلاته الصحفية يقول تشارلز في معرض الحديث عن آخر أعماله (حرب تشارلي ويلسون ) «كان علينا لإنجاح الفيلم أن نعيد إنشاء منصة المتحدث باسم مجلس الشيوخ، وهو مبنى ضخم جدا وذو شكل مدهش، ولأننا نعلم ان هذا المبنى لم يتغير منذ مئات السنين فقد كان لدينا إحساس بأننا كنا نعيد صناعة التاريخ من جديد في موقع التصوير، وهو تحد مشوّق ومثير بالنسبة الينا».
وبناءً على ذلك يمكن القول أنّ فن الغرافيك يلعب دورا ً بارزاً في صناعة الأفلام ذات الرؤية التاريخية. فاستحضار روح التاريخ، عبر فن الغرافيك، الى موقع التصوير يخلق نوعاً من التآلف بين العناصر المكملة للفيلم، إذ لا يشعر المشاهد بغربة المكان عن القصة التي يرويها فيلم معين وهو ما سيؤدي في النهاية الى انعكاسات سلبية تؤثر على نجاح الفيلم وفريق العمل الذي أنجزه.
وبمناسبة الحديث عن الغرافيك الرقمي، لا بدّ من تقصّي آراء بعض الفنانين بتقنية الرسم أو التصميم على الكومبيوتر. الفنان أحمد شاهين استحسن السؤال وردّ قائلا: «استخدم الكومبيوتر مثل الفرشاة بحيث لا تضيع الملامح الشخصية، وبالتالي ما انجزه من رسومات وتصاميم بواسطة الريشة استطيع أن أفعله أيضا بالـ(ماوس). ويضيف مكملاً : «جزء كبير من الفن مرتبط بالناس. المهم أن أخاطبهم من خلال نفسي واقنعهم بأفكاري اياً كانت الوسيلة سواءً بالـ(ماوس) أو بالإزميل أو بالريشة.
بدوره الفنان أحمد قليج اعتبر ان كل شيء يسير نحو «المكننة» فالكاميرا عندما دخلت الى المسرح أدت الى ظهور السينما، لكن ذلك لم يلغ المسرح بل أصبح لكل منهما تقنياته وخصوصياته والأهداف التي يصوّب نحوها. عن نفسه يقول ضاحكا ً «عبثاً حاولت تعلّم برامج الرسو والتصميم على الكومبيوتر. فإحساسي لا يصل الا بالريشة والقلم وبآثار الألوان على يدي. فأصابعي ـ نظر اليها مبتسماً ـ يجب أن تتلطخ ببقايا «الأكواريل» و«الباستيل» كي أشعر بالعمل الفني الذي أنجزه. وعلى الرغم من سخاء محتويات برامج الكومبيوتر واحتمالاته الهائلة الا انه برأيي يقتل الحالة العاطفية». من جهته اكتفى الفنان موزارو (كما يسمي نفسه) بنظرة ازدراء وأومأ بيده قائلاً: «الكومبيوتر.. خزعبلات ».
وعن وضع هذا التخصص أكاديمياً في لبنان يقول د.مأمون شعبان «التخصص في مجال الغرافيك ديزاين حديث العهد في الجامعات اللبنانية. بدأ يتبلور مؤخراً مع التطوّر الذي لحق أيضاً بالفنون مما جعل منها أداة طيّعة لخدمة الجمهور وإشباع حاجاتهم الإستهلاكية والنفسية بعد أن كان الفن يقتصر على الفنانين والجمهور المثقف».
أما دراسة الغرافيك في الجامعات والمعاهد فلا تقتصر فقط على تعلّم فن الغرافيك بمعناه التقليدي أي الحفر بغرض الطباعة، بل يتعلّم الطالب أيضاً التخطيط الذي يؤسس لبناء التصميم ويتعلّم أيضا ً تصميم صور ذات مؤثرات حركيّة وتصميم شعارات وبرشورات شخصية وتجارية وتنسيق الصور والمخرجات من حيث تناسق الألوان والمضمون وبرامج الدمج الفعّال بين نظرية الرسم والألوان والمواهب الذاتيّة بالإضافة الى التدريب على ابتكار أفكار مبدعة لخلق تصاميم جذّابة وناجحة.
وعن عدد الطلاّب الذين يتقدمون سنويا بطلبات للتسجيل في هذا الإختصاص يقول د.شعبان «حوالي خمسمئة طالب يتقدمون سنوياً بطلبات للتسجيل ويخضعون لمباراة دخول يتم بناء عليها اختيار عدد محدد من الطلاب يملكون حداً معيناً من النظرة أو الخامة الفنية المطلوبة والتي تشكّل قاعدة النجاح لديهم». وعن سبب تصاعد الإقبال على هذا المجال في الآونة الأخيرة من قبل الطلاب تقول د. مي حبيقة «نحن في العالم النامي نتلقّف كل جديد يوفد الينا من الخارج، وتطوّر هذا المجال في الخارج والإنفتاح المتنامي على الثقافات الأخرى بالإضافة الى الحاجات الجديدة التي طرأت على مجتمعنا كلها أسباب أدّت الى فرض هذا المجال لنفسه كفكرة مواكبة لعصر السرعة بصورة لا تخلو من حس فني، إضافة الى توافر فرص العمل في لبنان والخارج باعتبار انه هاجس الطالب الأول والأساسي في تحديد خياراته».
الألوان رموز
من هنا يمكن الانطلاق نحو تحديد ماهيّة التصميم العملي الذي يهبط بفن الغرافيك الى عالم الحرفة وسوق العمل والمال. «تستخدم في أعمال الدعاية والإعلان تقنية الطباعة التفريغية، وتتلخّص خطواتها بأن أحبار الطباعة تنفذ الى الورق من خلال فراغات يكوّنها التصميم، وهذه التقنية نادرا ً ما يستخدمها الفنانون» هذا ما قاله السيد وليد الحلبي (مصمم ومدير شركة متخصصة في مجال الغرافيك ديزاين ) ويضيف معرّفا التصميم الدعائي: «هو إخراج لمجموعة كلمات وتحويلها الى لغة بصرية سهلة وجميلة». وقد أيّدته في ذلك د. مي حبيقة بقولها «الطالب في هذه الكلية يتعلم كيف يترجم الأفكار الكبيرة بخطوط والوان تقوم بإيصال الفكرة بشكل فني سريع وبسيط يوضح للناظر اليها الهدف منها».
وللتصميم الناجح عناصر متعدّدة يجب مراعاتها من قِبل المصمم. وأهم هذه العناصر هي الفكرة واللون. فبالنسبة للفكرة : التصميم هو فلسفة المصمم ومرآة أفكاره ومشاعره وخلفياته الفنية والثقافية لذلك هو يسعى جاهدا ً لتجميع مخزون قيّم من الأفكار الصحيحة والهادفة كي يتمكن من التعبير الناجح عن كينونته وأفكاره، من خلال عمله الفني والفكرة يجب أن تنطلق بعد ان يشبعها المصمم دراسة واعداداً كي لا تكون قوية بتنفيذ ضعيف أو العكس. وأيضاً يجب أن يأخذ المصمم بالحسبان امكانية ظهور أفكار جديدة خلال التنفيذ، وبالتالي اذا كان الإعداد او الأساس الذي بنيت عليه الفكرة الرئيسية ضعيفا ً سوف يؤدي الى انحرافها عن مسارها وستولد بشكل مغاير لما أُريد ان تصل اليه لذا فالطريقة المثلى للوصول الى فكرة جيدة وتصميم ناجح هي الاطلاع والبحث في الأشياء الجيدة ومتابعة الأعمال التي تحمل في طياتها فكرة مدروسة وذكيّة. أما بالنسبة للألوان تقول د. مي حبيقة «كل لون له معنى والأفكار قد تعبّر عنها الألوان. فاللون قد يشرح ما تعجز عن شرحه عشرات السطور». واختيار اللون يعود غالبا الى قناعات شخصيّة وتتدخل به الأذواق البشرية المختلفة. لكن عندما يتعلّق الأمر بتصميم دعائي يختلف الوضع، إذ يلتزم المصمم بالألوان الدافئة (الساخنة) كالأحمر والأصفر والبرتقالي اذا اراد التعبير عن الغضب والفوضى والغيرة والثورة… والالوان الباردة كالأزرق والأخضر والبنفسجي اذا اراد التعبير عن الهدوء والصفاء والثقة واليقين.
وتخبرنا د. حبيقة بطريقة طريفة عن مدى ما للشكل واللون من مفعول سيكولوجي وتأثير كبير على الناس تقول «العين بما لها من تأثيرات وانعكاسات مباشرة على العقل والنفس البشرية تعد محور اهتمام المصممين. اذ تُعتبر الأساس الذي يُعتمد عليه في ايصال افكار ترويجية أو بث أفكار تنهي عن أمر وحالة معينة. فعلى سبيل المثال في كندا والسويد التدخين ممنوع لذلك تفرض الدولة على مصممي علب السجائر الامتناع عن ابتكار تصاميم جذّابة وملفتة، ويتم بناء على ذلك تصميمها بشكل يوصل رسالة مؤداها ان التدخين مضر بالصحة وسيؤدي في نهاية المطاف الى الموت ويتم تنفيذ علب سجائر لها اشكال كئيبة وألوان سوداء قاتمة.وذلك بخلاف الدول التي لا تمنع التدخين اذ نجد احلى التصاميم تعتمد في صناعة السجائر بهدف الترويج لها. وعلى الرغم من ان الضرر الذي يسببه التدخين مشترك بين كل دول العالم الا ان الشكل واللون لعبا دورا اساسياً في انحسار الترويج له في كندا والسويد وتزايده في باقي الدول.
أرباح لا بأس بها
اذا تم ابتكار وسيلة فنية حديثة في التسويق. وتمّ الربط بين الفن والترويج الدعائي رغم الاختلاف في تقنية وهدف كل منهما. وقد اعتبر الغرافيكي والرسام محمد امين «بحد ذاته ابداع، اذ يتمكن الفنان من تطويع خياله لرسم وتصميم الحاجة التي تؤديها شركة او سلعة أو خدمة معينة للناس بحيث تُقدم للمتلقي بشكل جذّاب بعيد عن الرتابة والجمود». وعن كيفية العمل في الشركات المتخصصة بـ(الغرافيك ديزاين) يقول السيد وليد الحلبي «في الوقت الحاضر يعتبر الشكل هو عامل الجذب الأول في ظلّ التطور الذي لحق بالمجتمع والحاجات والخدمات وبالتالي يعوّل عليه في التسويق والوصول السريع الى الناس» وشرح بالتفصيل الدور الذي يلعبه التصميم الاعلاني في مسألة التسويق: «ببساطة يسعى الإنسان الى المال في حياته ولكي يحصل عليه يجب ان يصل الى الآخر والوصول للآخر يعني التسويق والتسويق يجب أن يلعب على وترين: الوتر المادي اي الحاجة الى الحصول على سلعة او خدمة معينة والوتر النفسي اي تفضيل سلعة او خدمة على غيرها التي تؤدي ذات الغرض. هنا يكمن دور الفن الذي نعتمده في تقديم ما عندنا. فالمنافسة باتت حامية في كافة الميادين وصرنا بحاجة الى المزيد من الخلق والتفنن والابتكار».
وانطلاقا من فكرة التفنن والابتكار في جذب الناس ودفعهم لاقتناء الأشياء المعروضة أمامهم، بدأت مؤخرا تنتشر في الهند موجة من فن التصميم الشعبي التي تصوّر الالهة على المطرزات والصور الهزلية والرسومات ذات الأفكار الغريبة على فساتين العارضات ويعتبر «آرورا مانيش» من أشهر المصممين الهنود الذي استوحى إلهامه من كافة الأمكنة التي زارها، ومن قناعات ومعتقدات الناس الذين عايشهم خلال مراحل حياته.
أما من ناحية الربح المادي يدور سؤال في الخلد عن مدى ربحية الفن : وهنا كان لا بد ان ترتسم البسمة على وجه الفنان مجدي شاهين الذي قال ساخراً «أحيانا أعتــمد على مصادر أخرى». بدوره الفنان أحمد قليج قال متردداً «ممكن..اذا تحوّل الى حرفة». اما الســيد ولــيد كان رأيه مختلفاً «العمل في مجال التصميم الاعلاني مربح جداَ اكيد فشركتنا تتعامل مع العديد من الشركات التجــارية المتنوعة كما نعمل ايضا في مجال تصميم المواقــع الإلكترونية وغيرها من الامور الفنية الأخرى» من جهته يؤكد الطالب أحمد عبد الساتر (سنة ثانية) الذي كان منهمكا في محاولة تصميم شعار عبر برنامج الـ(فوتوشــوب)على اتســاع فرص العمل في هذا المجال فهو يعـمل منذ السنة الأولى ويجني أرباحا ً ماديــة لا بــأس بها كونه في البداية بعد.
وختاماً.. كانت الإضاءة المسلّطة على لوحات فن الغرافيك التقليدي تضفي عليها رونقاً وسحراً خاصاً. ففي حين تفوح رائحة «الأكواريل» و«الإكريليك » في معرض الفن التشكيلي لتروي كما الرسومات حكاية المكان وخصوصيّة تجسيداته، يُخلق انطباع مختلف في معرض الغرافيك المتنوّع في موجوداته من اللوحات الى المخططات الى برامــج الحاسوب الغنية والمتعددة الإستعمالات.وكانــت الغرافيكة والخطّاطة فاتن تقف الى جانب لوحاتها التي تجسد أروع مشاهد الخط العربي المزخرف قالت «فنانة الغرافيك الألمانية (ماريا ماندا) تعيش في اليمن منذ حوالي 20 سنة وهي تعشق الخط العربي وقد انعكس عشقها له من خلال تقديمها له في عدة لوحات مستخدمة فن الغرافيك.. أما انا فمولعة بالخط العربي بالشكل الكوفي كما تلحظون».