رسالة مفتوحة للسيد الرئيس: إحذر البطالة!
د.أسامة قاضي
السيد الرئيس
الاقتصاد محرك الشعوب المضطهدة، والمقهورة، كما تتابع حضرتك الواقع المصري والتونسي، تلك الشعوب التي لاتستطيع حتى الشكوى من أنين السياسات الظالمة، والفساد الإداري، وإن من بين بطانتكم من لايخصّكم برأي سديد إنما يبغي به مصالح وانتصارات شخصية تافهة، فضلاً عن طرق للثراء السريع، على حساب أبناء سورية الحبيبة.
منذ أكثر من ستة أشهر، قامت زوجكم الكريم، السيدة الأولى، بافتتاح المؤتمر السابع لشبكة التمويل الأصغر للدول العربية في قلب العاصمة السورية دمشق في شهر حزيران 2010 لتشجيع المشاريع الصغيرة في سورية، وسألتها في حينه :إذا كنّا نتباكى على المشاريع الصغيرة، ونخطب ودّ الاتحاد الأوربي لعقد مؤتمرات كثيرة حول مسألة المشاريع الصغيرة، فلماذا إذن أغلقنا هيئة مكافحة البطالة التي أقرضت –لم تمنح- أكثر من 14000 قرض صغير للسوريين بالمرسوم “39” 14/9/2006؟ ومنذ عام 2005 إلى الآن لم تعط وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أية قروض تذكر مع أنها الوريثة الشرعية لميزانية الهيئة المقدرة ب 50 مليار ليرة سورية بعد أن سعى البعض –ممن تحسبهم بطانة حسنة- في حينها لإغلاق الهيئة لأسباب لا أحد يعلمها حتى “الراسخون في العلم”! ولذر الرماد في العيون أعلن عن إعطاء قروض منذ فترة قريبة بأقل من مليار ونصف ليرة سورية!بينما تحتاج سورية أكثر من 200 مليار ليرة سورية لحل مشكلة البطالة.
السيد الرئيس: متى نوقف المسؤولين عند مسؤولياتهم؟ مئات الألوف من العاطلين عن العمل وأكثر من ثلث سكان سورية تحت خط الفقر، ولازلنا نتجاهل أخطائنا القاتلة، بحجم إغلاق الهيئة!! نظل ندور حول المشكلة ولانريد معالجتها، أو التراجع عن أخطاء سابقة.
لماذا نحول هدف الهيئة من إعطاء قروض – ليست منح- لمشاريع صغيرة مابين 200 ألف ومليون إلى هيئة تشغيل التي تعمل عمل المصارف ولاتعطي أي قرض بأقل من 1.5 مليون؟ إذا كنّا فعلاً حريصين على المشاريع الصغيرة فلماذا نمنع الناس الخير؟ لماذا لاتتم محاسبة من كان وراء إغلاق هيئةٍ حاولت خلق فرص عمل ليل نهار دون كلل؟ لماذا لانحاسب من يحاول توريطكم وتوريط سورية في ثورات جياع؟
أطلب إليكم أن تتكرموا وتعيدوا النظر في إعادة تفعيل الهيئة، وفصلها عن الوصاية القاتلة لوزارة الشؤون الاجتماعية التي للأسف ثبت فشل إدارتها لما عرف بعدها ب “هيئة التشغيل” بشهادة الكثير من خبراء هيئة التخطيط، والعاملين في الهيئة، والذين صرحوا أنها باتت جمعية خيرية بعدما كانت خلية نحل، وبإمكانكم التأكد من ذلك بأنفسكم.
لقد أوصى كاتب هذه السطور في دراسة استشارية سابقة عام2005 لصالح الهيئة ضمن 24 توصية – لم يؤخذ بأيّ منها للأسف!- أن تخصص الحكومة 158 مليار ليرة سورية لمدة خمس سنوات، والآن ونحن في عام 2010 فإننا سنحتاج لضعف هذا المبلغ (ولو انتظرنا خمس سنوات أخرى فقد لايكفينا 500 مليار ليرة سورية)، وهي بالمناسبة ياسيدي مجرد قروض تعاد إلى الخزينة كما شرحتُ ذلك في رسالة سابقة لكم، ولن يكون لها أية آثار تضخمية على الاقتصاد السوري.
إن الأمر حساس للغاية ويتطلب رعايتكم الشخصية، وأرجو أن لاتكل الأمر لبعض بطانتك التي زيّنت لك التوقيع على المرسوم 39، وأنت تقود ثورة تشريعية ضد البيروقراطية، بل إن إعطاء الهيئة –كما هو الحال في سنابل التي تشرف عليها زوجكم الكريم- صفة استقلالية تامة سيساهم – بحول الله – بخفض معدل البطالة إلى أقل من 4 بالمائة وخلال خمسة سنوات، وللأسف فقد أضعنا إلى الآن خمسة أعوام من العمل من يوم أغلقت الهيئة، كانت كفيلة بأن تخلق لايقل عن مليون فرصة عمل.
إن البطالة تعني الفقر، والفقر يجرّ الجهل، والجهل يؤدي إلى ثورة اجتماعية – وماحال تونس ومصرعنا ببعيد- أولها المنطقة الشرقية وحلب حيث يسكن الناس بيوت طينية على بعد نصف ساعة من المدينة، وآخرها في دمشق حيث عقد المؤتمر السابع للتمويل الأصغر، وأكاد أجزم أنه لو استمرت وصاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على الهيئة فسيكون وضع المواطن السوري من سيء لأسوأ، بينما كان يمكن منح أكثر من مليون شخص غادر المناطق الشرقية بعض القروض البسيطة ليبدأوا ببعض المشاريع الصغيرة لتخديم مدنهم التي أهملناها لمدة أربعين سنة، ولم ننصفهم إذ أخذنا منهم نفطنا، وسلتنا الغذائية، ثم تجاهلنا محنتهم، وهم في هذه اللحظة على حدود المدن في خيم يعصف بهم وبأطفالهم الشتاء القارس، كأنهم خارجون من حرب تهجيرية.
السيد الرئيس العاطلون عن العمل يحتاجون رعايتك، وبحلول محلية بعيداً عن انتظار الاستثمارات الخارجية التي قد تساهم في حل مشكلة البطالة بشكل هامشي، والتجربة المصرية والتونسية باستقطاب رؤوس الأموال الخارجية كانت أنجح بعشرات المرات من سورية ولم تنقذ البلاد من البطالة والأزمات الاقتصادية، فأرجو ألا يبخل قلمكم بتوقيع رئاسي يطالب بتفعيل المرسوم 71، وإعادة تشغيل هيئة مكافحة البطالة كهيئة مستقلة، تابعة لرئاسة مجلس الوزراء،وإبطال مرسوم 39 الذي أثبت عدم جدواه.
والسلام عليكم
كلنا شركاء