تحية للشهيد الحيّ كرم يوسف…!؟.
نـوري بـريـمـو
هذه هي رسالتي الثانية التي أرسلها للكاتب الكوردي الصاعد كرم إبراهيم يوسف الجريح حالياً على أثر تلك الرصاصة اللعينة التي أطلقها الشوفينيون غدراً على رأسه الكبير الحامل لهموم بني قومه والحالم بغدٍ أفضل له ولشعبه ولباقي أمم المعمورة…!؟،
فقد سبق لي وأن أرسلت منذ عامين رسالة مواساة لهذا الشهيد الحي الذي كاد نجمه الساطع أن يخبو لولا الإرادة الربانية التي تدخلت في اللحظة الحاسمة وإختطفته من مداخل عالم الشهادة الذي فتح أبوابه في ليلة نوروز هذا العام لثلاثة شهداء شبان كورد تعرّضوا غدراً لإطلاق وابل من الرصاص الحي من بنادق أجهزة الأمن السوري بمدينة القامشلي الكوردية الجريحة التي كان أهلها منهمكين بإحتفالات نوروزهم بمنتهى الهدوء والحضارية.
وقد كان عنوان رسالتي الأولى للأخ العزيز كرم : “أحلام بلا تراخيص لأجنحة بلا طيور” وكنت قد واسيتُـه فيها كما يلي: ((…قد يتعجب القارئ من هكذا عنوان لرسالتي…!؟، فالأحلام باتت المنال الوحيد الذي لا يحتاج لأية تراخيص في بلادنا…!؟، وأعتقد بأنّ لدي مبرراتي بإختيار هذا العنوان لهكذا رسالة تتعلق بأحلام مئات الألوف من بناتنا اللواتي يحلـَمْنَ وأبناءنا الذين يحلمون بالخروج من محكومية الطوق الشوفيني الذي يلف أعناقهم لحدّ الإختناق بعد أن كُتِمَتْ أنفاسهم وإسودّت معيشتهم عبر عهود قاتمة من سطوة اللون الأسود في مملكة الرعب البعثوية التي قصقصت أجنحة وحصدت كل أحلام وأمنيات أجيالنا التي سُرِقَتْ البسمة من شفاههم…؟!، ولذلك أرى أن أواسي كرم الذي قرأت له خاطرة جميلة أوحَتْ لي بأنّ صاحبها يمتلك قلباً كبيراً يختلج بمشاعر ملؤها الحرمان والفاقة وصدراً واسعاً يحتبس أنفاساً ضاق بها الذرع فتنبش عن أي منفذ لتشهق عبره هواء الحرية…، وعقلاً نيّراً يكتنف أفكاراً ورؤى إنسانية أراد تسميتها بالأحلام أو الأمنيات…!؟)).
وقد جاءت رسالتي لكرم على خلفية ذكره في خاطرته التي نشرها أنذاك عبر الإنترنيت: ((…إذا كنا جزءاً من هذا المجتمع السوري المتعدد الأطياف فلنا ككورد ولغيرنا من الاقليات حصة وحق على الإعلام السوري…، أن يكون لنا بصمة في هذا الإعلام وفي يومياتة…، ونحن ككورد سوريين بحاجة إلى نصيبنا لتكتمل المعالم الناقصة في هذا الإعلام، وليكون له أكثر من شريان ووريد…، لتقوم كل الشرايين والاوردة بعملها في بعث الحياة في الإعلام السوري…؟!، …إنّ لسوريا جمالاً يقل نظيره في أي دولة أخرى، من حيث وجود هذا الكم الجميل، المتعدد، المتنوع، من المخزون الفلكلوري للأطياف التي تعيش في سوريا وتستطيع أن تؤمن القوت المستقبلي للشاشة السورية…، لقد ودّعنا رمضان 2006 دون وجود أي مسلسل كوردي كما السنوات الآفلة، ودون أن يتاح للمشاهد الكوردي أن يرى حروفه الكوردية داخل أية كلمات، وهي تزور أذان مشاهدها السوري…، رمضان 2007 ربما يحمل لنا في جعبته هذه ((الأمنيات)) وهي مرخصة، أمنيات لا تعدو أكثر من حق طبيعي…!!؟، فلنكن في إنتظار…!!؟))…، وقبل أن أختم رسالتي السابقة كنت قد أكدتُ للعزيز كرم: ((..أخيراً أريد أن أهمس في أذن الأستاذ كرم…!؟، لأقول له بأنّ أحلامك البريئة وأمنياتك الواعدة هي تطلّعات مشروعة لا بد لها أن تتحقق في المستقبل القريب، فقد ولى زمن هيمنة ثقافة التعالي والشطب على أمثالنا، فنحن الذين أسلمنا بمبدأ التعايش مع جيراننا العرب وقد كرّمناهم أحسن تكريم رغم أنّ أسيادهم كانوا ولا يزالون يتجبّرون علينا ويتنكرون لوجودنا ولثقافتنا…!؟، لكن معليش…فالدنيا دوّارة…!؟، إذ ما دمنا شعباً يحب العيش المدني والدمقرطة ويحترم جواره…!؟، وما دمنا نتوق إلى نيل حريتنا بالأساليب الديموقراطية اللاعنفية…!؟، فإنني لا أعتقد بأننا سوف ننتظر طويلاً حتى يتمتّع شبابنا وشاباتنا بمسلسلات رمضانية كوردية…، ليس هذا فحسب وإنما التنعُّم بكافة حقوقنا القومية المشروعة)).
واليوم وبعد مضي سنتين على رسالتي المواساتية تلك…، وبما أنّ أياً من حقوقنا القومية وحتى أحلام شبابنا لم تتحقق…!؟، وبما أنّ السيل قد بلغ الذبى بتهجم الأمن السوري على إحتفالات بناتنا وأبنائنا ومن ضمنهم كرم الذي يمر بفترة نقاهة بعد نجاته من مقتل مؤكد…!؟، ليس بالوسع سوى مواساة جميع أهلنا لأنّ إنتظارهم قد طال وجرحهم يتعمق وشهداءهم يبلغون العشرات وجرحاهم يزدادون وحبل الإعتقالات على الجرار…!؟، لكن رغم كل هذه المعوقات وجرائم قتل الكورد على الهوية فإنّ مسارنا القومي الديموقراطي لن يتعطـّل مهما حاولت الدوائر الشوفينية تعويقه…!؟، وفي ختام رسالتي أعود ثانية لشهيدنا الحي كرم الذي أكرَمَ شعبنا وعايده لا بل عاهده بدمه الزكي…!؟، وأقول له ولباقي جرحانا الحمد لله على سلامتكم وأتمنى لكم الشفاء العاجل وسدّد الله خطاكم…، ونقول معاً لشهداء الحرية في كل مكان: إلى جنان الخلد أيها الأبطال…، وننعي شعبنا ونتمنى لأسَر شهدائنا الصبر والسلوان…، وسنبقى نتظر… وننتظر ريثما يأتي الفرج وتتحق الآمال والطموحات.
خاص – صفحات سورية –