لماذا يقاوم الإخوان مؤتمر مناهضة التمييز؟ الإجابة: لأننا نقول 100% من المصريين
سامر سليمان
هل هناك عاقل ينكر أن هناك تمييزاً بين المواطنين في مصر؟ هل هناك عاقل ينكر أن هناك واسطة ومحسوبية في هذا البلد؟ بالطبع لا. لماذا إذن تريد جماعة الإخوان عرقلة المؤتمر الذي نعقده في جماعة «مصريون ضد التمييز الديني» (مارد) يوم الجمعة القادم بنقابة الصحفيين بعد صلاة الجمعة؟ لماذا يضغطون علي نقابة الصحفيين لكي تلغي المؤتمر؟ هل من المعقول أن تزخر مصر بكل أنواع التمييز إلا التمييز الديني؟
التمييز الديني موجود .. موجود. وهم ينكرونه، ويقولون إن التمييز موجه للمسلمين. نعم هناك تمييز بل واضطهاد ديني يصيب بعض المسلمين. ماذا تسمون ما حدث للشهيد فرج فودة؟ ماذا تسمون ما لحق بنصر حامد أبو زيد وأحمد صبحي منصور؟ ليس هذا بتمييز؟ نعم أنتم علي حق يا إخوان. هذا ليس تمييزاً. هذا اضطهاد..
الحملة التي يشنها مؤيدو التمييز ضد المؤتمر حملة خائبة. لقد استهدفت المؤتمر في ما تصورونه نقطة ضعفه.. مشاركة بعض الشخصيات البهائية. يريدون من منظمي المؤتمر ألا يسمحوا بمشاركة البهائيين. طب إديني عقلك.. مؤتمر ضد التمييز بين المصريين علي أساس الدين يبدأ أعماله بالتمييز ضد مصريين لأنه مكتوب في بطاقتهم (في القريب العاجل إن شاء الله) بهائيين؟ يا سيدي مش مشكلة.. يعني البهائيين كام واحد في مصر؟ عشرة ألاف؟ عشرون ألفاً؟ يعني حوالي 1 من كل عشرة آلاف مصري. يعني ولا حاجة. ما المشكلة لو استبعدناهم؟ لكننا قلنا لا. المؤتمر ينعقد لصالح 100% من المصريين – بما فيهم إخواننا من الإخوان الذين يمارسون الاضطهاد ضد إخوانهم البهائيين. نعم 100% من المصريين. هذا المؤتمر مؤتمرك طالما أنت حامل لبطاقة شخصية مصرية أو جواز سفر مصري. شعار المؤتمر هو مصر لكل المصريين. واحد ناقص لأ.. ألعبوا غيرها. المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. لقد استهدفتم اليهود من قبل، ونكلتم بالكثيرين من المخلصين منهم لهذا البلد بكذبة أنهم موالون للدولة الصهيونية. قلتم لنا.. مش مشكلة. يعني هما اليهود كام ألف؟ اليوم نحن نحفظ الدرس “صم”. الاضطهاد هو الاضطهاد. القبول باضطهاد مصري واحد فقط من 75 مليون مصري يقود إلي اضطهاد البقية. من لا يصدق عليه أن يقرأ كتب عن الفاشية.
من الطبيعي أن يثير المؤتمر ضيق الإخوان. نحن نقول 100% من المصريين وهم يقولون لا.. 45% درجة أولي و55% درجة ثانية. ألم يمنع مشروع حزبهم رئاسة الجمهورية عن النساء والأقباط؟ مجموع النساء والأقباط والأقليات الأخرى في مصر يبلغ حوالي 55%. لا أفهم كيف يهون البعض من المسألة طالماً أن الرئاسة حكر علي مجموعة ضيقة هي التي ستختار الرئيس القادم منهم لا من المسلمين ولا من غيرهم. لا يا إخوة.. عندما يقول محافظ ومتعصب إن المرأة والأقليات لا يجب أن يحتلوا أعلي منصب في الدولة، فهذا معناه أنهم أنصاف مواطنين. الإخوان يبدأون مشروعهم السياسي بالانحياز لـ 45%.. وعندما تبدأ بهذه النسبة المتدنية توقع أن تنتهي إلي 5% علي الأكثر. لأنك من البداية دست علي مبدأ المساواة والعدل والاستحقاق. ثم تعالوا نتكلم بصراحة. هل يمثل الإخوان فعلاً مصالح الـ 45% الذين بدأوا بهم. هل يدافع الإخوان عن مصالح العمال والطبقات الشعبية والطبقات الوسطي من المسلمين؟ لماذا هم متحفظون علي كل دعاوي الإضراب التي انطلقت في مصر طوال الفترة الماضية من أول إضراب الأطباء إلي دعوات إضراب 6 أبريل؟
حسناً فعل النقيب الأستاذ مكرم محمد أحمد حين رفض ضغوط الإخوان لإلغاء المؤتمر. فنقابة الصحفيين هي قلعة الحريات. لقد اشترط علينا النقيب أن نكون حريصين علي عدم إثارة الفتنة. ونحن أبعد ناس عن إثارة الفتن. مؤتمرنا منعقد أساساً لمقاومة الفتن. حسنا فعل النقيب. فلا يعقل أن تفتح النقابة أبوابها علي مصراعيها لمؤتمر القاهرة الذي كانوا فيه النجوم، بينما تقفل أبوابها أمام من يعمل لصالح 100% من المصريين، من يعمل علي حل المشكلة الطائفية في مصر، من يعمل لكي تتحرر مصر من هذا الداء الذي ينخر فيها كالسوس ولكي تنطلق البلاد إلي آفاق التقدم والخير والرخاء، وأخيراً وليس أخراً لكي تمارس مصر مسئوليتها في كبح حروب الطوائف التي تجتاح بلاد العرب. حسناً فعل النقيب حين رفض الأكاذيب التي روجوها عن المؤتمر. هذا المؤتمر لا يعمل لصالح دين أو ضد دين. هذا المؤتمر يعمل لصالح المصريين بغض النظر عن ديانتهم. يا ليت لدينا القدرة علي تسجيل اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر وإذاعتها علي الناس.. مصريون من مختلف الأعمار والأديان، رجال ونساء، كتاب ومهندسين، أطباء وفنانين. كلهم يعملون بروح الجماعة والزمالة بلا أجر في جو من المرح والحب. في الاجتماع الاخير للجنة شعرت أن روح ثورة 1919 المجيدة تظلل اللمة. شعرت أن روح سعد زغلول ومكرم عبيد تحل علينا. إننا نسير إلي الأمام.. وحتماً المستقبل لنا. هنا أستعير بعضاً من كلمات شاعر مصر العظيم عبد الرحمن الأبنودي التي وجهها للسلطة.. “انتو التوقيف واحنا السير. احنا الصوت ساعة ما تحبوا الدنيا سكوت.”
إخواننا من جماعة الإخوان، تعالوا إلي المؤتمر، استمعوا للكلمات فيه، اقرأوا الأوراق المقدمة له. لن تجدوا فيه إلا كل خير لمستقبل هذا البلد. لا تأتوا للدفاع عن الإسلام، فالإسلام مصان ومحترم من غير المسلمين قبل المسلمين في جماعة «مصريون ضد التمييز الديني».. إذا كنتم حقاً تقولون إنكم تعملون لصالح المسلمين في مصر، تعالوا إلي المؤتمر. فمصالح المسلمين هي أن تكون مصر وطناً للحرية والإخاء والمساواة والعدالة.