مصر البهيّة تتحرك
هز الشعب المصري السكون العربي المقيم منذ عقود. وسيترك إضراب الأحد الماضي (2008.4.6) أثره البالغ على حياة المصريين، بل وعلى حياة العرب في الحاضر والمستقبل القريب.
في السنوات الأخيرة بلغ الفقر في مصر حدودا لا تطاق. ويعيش أكثر من نصف المواطنين تحت حد الفقر. وجاء ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة ليجعل حتى لقمة الخبز الحاف عزيزة لا تطال.
فجاءت دعوة الإضراب من الهيئات والأحزاب والمدونين استجابة طبيعية للحالة المأساوية التي حشر فيها المواطن.
تعطي الأحداث أكثر من دلالة يجب التوقف عندها:
أولا : إن نهب المجتمع له قعر، فلقد أوغلت الطغمة الحاكمة بالتعاون مع البرجوازية التابعة الليبرالية الجديدة في نهب المجتمع على مدى عقود، وكان فقر المصريين يتفاقم بقدر ما كانت هي تراكم الثروات وتهربها مستولية ليست فقط على جهد وعرق المصريين، بل حتى على المساعدات الخارجية المذلة.ولكن كل ذلك ليس دون نهاية، وفعلت لقمة العيش فعل السحر في تفجير جزء من الطاقة الاحتجاج التي يختزنها الشعب المصري .
ثانيا: إن الأحزاب والهيئات والمدونين الذين دعوا للإضراب أدركوا إنهم يعملون في مجتمع مخوّف، وان الوصول إلى الحياة السياسية العادية حيث يخرج الناس إلى الشوارع كلما أرادوا التعبير عن رأيهم أو حاجتهم لازالت بعيدة، لذا اختاروا نمط الاحتجاج السلبي، وابتكروا شعارا بديعا ” خليك بالبيت “، وهذا درس لطرق العمل القديمة المصرية والعربية حيث لم تكن تأخذ بعين الاعتبار الحالة التي يعيشها المواطنون في “جمهوريات الخوف” ، وتظل ترفع من سقف دعواتها للتظاهر والاحتجاج والتجمع فلا يلبي الدعوات إلا عشرات أو بضع مئات .
ثالثا: تؤكد الفكرة السابقة ما ذهبت إليه الأحداث في مناطق أخرى، حيث انتقلت من النضال السلبي إلى النضال الايجابي : ففي المحلة الكبرى خرج عمال النسيج إلى الشوارع متظاهرين ببسالة ومصطدمين مع قوات الأمن وسقط منهم عشرات الجرحى. كان تميز العمال هنا من طبيعة الأشياء، حيث أنهم الأكثر تضررا، والأشد وعيا، إضافة إلى تاريخهم النضالي الحافل والمتواصل، وهذا بالطبع ليس حال المجتمع المصري ككل.
رابعا: على المستوى العربي يمكن أن نشير إلى درسين بالغين ، فمن جهة على الطغم العربية الحاكمة أن تدرك أن نهب المجتمع وإذلاله له نهاية. ولا بد أن تأتي لحظة تتحرك فيها شعوبنا، وتصعّد تحركاتها وتنفض عن كاهلها كل القمع والفقر والذل الذي أشادته بالعنف العاري الطغم العسكرية والدينية السائدة. ومن جهة أخرى على الأحزاب السياسية العربية المعارضة أن تعيد النظر بآليات عملها الحالية وأن تدرك أن السياسة الحقيقية هي إدراك واقع المجتمع والنشاط فيه، والعمل لمصلحته، وليس التحول إلى منتديات لمضغ التحليلات والأحلام، وانتظار الفرج الذي يأتي ولا يأتي .. من الخارج !
حزب العمل الشيوعي
الهيئة الحزبية في الخارج
2008.4.11