انتبه… أنت مؤقت!
مزن مرشد
ليست قضيتي او قضيتك، بل هي قضية جميع المؤقتين ….
ذاك الشعور الذي يبقى ملازما لك طوال أعوام، كلما دخلت من باب مؤسستك، كلما جلست خلف مكتبك، كلما احتسيت قهوة الصباح مع زملاء العمل، شعور غريب يبقى ملازما لك، يأبى تركك لتهنأ باللحظة، ذاك الشعور الذي يقول لك أنك لست أنت.
تنظر حولك الى كل هذا المحيط، وتتأمل مستغربا، لتخلص الى نتيجة واحدة وهي احساسك بعدم الانتماء، هذا المكان، قد يلفظك خارجه غدا، وما تقوم به من عمل، قد يحل محلك فيه أي شخص كان في أية لحظة وربما غدا، لذلك لا داعي أن تتعب نفسك وتتقنه والأفضل أن تؤجله لغدا، وهؤلاء البشر حولك، زملاؤك، الذين ألفتهم، وألفوك، أحببتهم وأحبوك، شربت معهم قهوتك في كل صباح حتى أصبحت رائحة القهوة تذكرك بهم، هؤلاء الذين قضيت معهم نصف أيامك وشاركتهم بيومياتك، وأخبارك، وأفراحك، وأحزانك أحيانا، حتى أمسوا أقرب إليك من أهلك، وبالرغم من كل هذا القرب، تبقى من داخلك مستغربا، تنظر الى المكان بعين الغريب أو عين الزائر، مقتنعا، أن ليس لك علاقة بكل هذا، لأنك ببساطة لست منهم، لأنك ببساطة مؤقت!
مكانك مؤقت…
كرسيك مؤقت…..
حياة بأكملها بنيتها في مكان عملك بشكل مؤقت……
فأي عطاء هذا الذي ستعطيه وأنت تمهد لنفسك يوميا بأنك قد لا تكون هنا غدا ….
وأي شعور بالانتماء سيكون تجاه عمل أطعمك اليوم وقد يلفظك غدا، ماداً لسانه لك مستهزئا بك ليقول لك بامكاني الاستغناء عنك بكل سهولة فأنت لا تعنيني….
وأي أمان هذا الذي ستشعر به في ظل بند في عقد عملك يوضح لك بصراحة مطلقة وبدون أي خجل بأنك لن تكون عاملا دائما مهما مدد هذا العقد أو جدد لتتأكد بالدليل القاطع أنك مؤقت، مؤقت ، مؤقت، حتى لو بنيت هرما سوريا فريدا فأنت مؤقت، ولتكن أيضا مواطناً مؤقت، تدعو الله في كل ليلة قبل أن تنام أن تصبح على عمل لتبقى مؤقت وألا تعود الى صفوف العاطلين من جديد أبدا.
الحوار المتمدن
2008 / 4 / 15