صفحات الكتب

صور المثقف

null
إدوارد سعيد
يتساءل إدوارد سعيد: “هل المثقفون فئة كبيرة جدا من الناس أم نخبة رفيعة المستوى، وضئيلة العدد إلى أبعد حد؟!”.. وفي ذهنه الرؤية التحليلية المنهجية لمسألة المثقف كما اشتغل عليها أنطونيو غرامشي {1891ـ1937}.. وهو المثقف الماركسي والمناضل الشيوعي والفيلسوف السياسي..
حسب غرامشي: “كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع”.. إذ ان المثقف الذي يؤدي وظيفة للمجتمع هو المثقف العضوي.. المثقف العضوي ليست صفة مقصورة حصريا على المثقف الثوري المنخرط في حركة مناهضة، سلميا أو عنفيا، للنظام القائم.. المثقف العضوي في التحليل الغرامشي “الموضوعي” هو المنخرط في خدمة مصالح طبقية/اجتماعية أو مؤسساتية/سياسية اقتصادية ثقافية.. أكان هو المثقف الثوري، المنخرط في الدعوة والنضال من أجل انتصار طبقته المُضطهَدة {عمال/فلاحين} كما هو الحال مع غرامشي.. أو كان هو المثقف “التقليدي” الذي يوظِّف ذهنه وأفكاره لخدمة هيمنة وسيطرة طبقته السائدة: إقطاع/برجوازية/رأسمالية.. بهذا المعنى فان “منظّم الأعمال الرأسمالي” حسب غرامشي: “يخلق إلى جانبه التقني الصناعي، والاختصاصي في الاقتصاد السياسي، ومسؤولين لإنشاء ثقافة جديدة، أو نظام قانوني جديد، إلى ما هنالك.. “.. !
وعلى هذا فإن خبير الإعلان يدخل في فئة المثقف العضوي بما هو مروج لديانة السوق الرأسمالية، وكذا مدير العلاقات العامة، ومنتج المعرفة العلمية أو الفكرية {النظرية}، والمُنظِّر أو الداعية لإيديولوجية بعينها أو مذهب بعينه، والمثقف الحزبي {في الحكم أو المعارضة} بما هو مروِّج أفكار لتعبئة نشطاء الحزب والدعاية السياسية لإيديولوجيته وبرنامجه.. وإليهم المثقفون الاحترافيون من تكنوقراط الدولة وتقنييها، والخبراء في الاقتصاد السياسي والفكر السياسي، والإدارة، والاستراتيجية العسكرية.. وقِسْ على ذلك غيرهم في أدوارهم، حيث يوظِّفون أفكارهم وخبراتهم في “تغيير الاراء” أو “توسيع الأسواق” أو توسيع الهيمنة، السياسية الاقتصادية العسكرية.. على العكس من المثقفين {السطحيين} مثل “المعلمين والكهنة” الذين حسب إدوارد سعيد: “يبدون وكأنهم باقون في أماكنهم، يؤدون نوع العمل ذاته عاما بعد عام”.. !
لقد محّص غرامشي مفهوم “المثقف العضويّ”، بحثا ودرسا، أثناء اعتقاله السياسي، طوال الفترة الممتدة ما بين 1929 ـ 1935.. وظهرت فيما بعد في مؤلفه البارز “كراسات السجن” التي حررها في ثلاثة وثلاثين دفترا.. ووصفها بأنها “بؤرة حياتي الداخلية”.. !
وهو كان في تعريفه لمفهوم “العضوية” وفيا للتحليل الماركسي في تشخيصه لارتباط المثقف العضوي بطبقة اجتماعية بذاتها سواء كانت مهيمنة أو في طور الانحطاط مقابل أخرى متمردة/صاعدة.. !!

والعضوية هنا ليست جوهرا طبيعيا للمثقف إنما هي تعبير فكري عن نشاطه الذهني ضمن علاقات الانتاج، داخل التنظيم الاجتماعي، من حيث موقعه فيه وموقفه من مصالح القوى المُنتِجة، وتطلعاتها الطبقية.. !
وارتباط المثقف العضوي بطبقته ليس ارتباطا مباشرا. إنها علاقة وظيفية غير مباشرة بالمعنى العملي المُنظَّم.. أي أنها علاقة اتصال ذهني بالبنية الثقافية، التي يتماشج في نسيجها عناصر الفكر والعاطفة والخيال.. !
إن صفة العضوية، في مفهوم المثقف العضويّ، ليست من باب الانتماء الميكانيكي.. بمعنى عضوية الانتماء الرسمي لفئة أو جماعة منظمة أو مؤسسة أو حزب ما.. إنما هي بمعنى الانتماء الفكري/الإيديولوجي.. .أي أنه تواصل فكري عضوي دون أن يكون مشروطا بالضرورة بانتساب تنظيمي مباشر ومنضبط في صيغة انتماء رسمي لتنظيم سياسي حزبي أو مؤسسة أو منظمة ذات طابع إيديولوجي.. .!
وماذا عن استقلالية المثقفين بشكل عام؟!ـ لا توجد استقلالية تامة للمثقفين عن علاقات إنتاج القوى الفاعلة في التنظيم الاجتماعي.. توجد استقلالية نسبية تتحدد أو تقاس بمدى ابتعاد المثقفين عن القيام بأداء الدور الوظيفي التبعي في خدمة مصالح القوى المهيمنة على الدولة، مقابل أجر، خصوصا، الذين يتقلدون مناصب رسمية في البنية السلطوية للنظام الحاكم، من خلال مواقعهم الوظيفية التخصصية كاساتذة جامعة، وخبراء ومحللين في الاقتصاد والسياسة، وعلماء اجتماع.. ألخ.. .!

والحال أن استقلالية المثقفين تظل دائما نسبية.. وهي لا تعني استقلالهم عن الانتماء الاجتماعي/الطبقي، مع ملاحظة أن المثقف قد يخرج من وعلى أصله الاجتماعي/الطبقي إلى مناصرة طبقة أخرى، أدني أو أعلى.. الكثير من المثقفين الفرنسيين، من طبقة النبلاء الارستقراطية، ناصروا الثورة الفرنسية البرجوازية.. وكان معظم مثقفي الشيوعية الذين نظّروا وقادوا الثورة العمالية {البروليتارية}، في روسيا، من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة وبعضهم ارستقراطيون ونبلاء.. وكان عدد أعضاء الحزب الشيوعي البلشفي الفاعلين يُقدر بحوالي عشرة آلاف عضو، ثلثهم من المثقفين.. وقد قضى ستالين على معظمهم بالاغتيال والإعدام والموت في المعتقلات الجماعية..
أما العالم الإيطالي غرامشي فهو الرائد في هذا حيث يميز بين نوعين من المثقف وهما: المثقف العضوي والمثقف التقليدي، ويعني بالمثقف العضوي: “هو المثقف الذي يعمل على إنجاح المشروع السياسي والمجتمعي الخاص بالكتلة التاريخية المشكلة من الفلاحين (الجنوب الإيطالي) والعمال (الشمال الإيطالي)، وعنى بالمثقف التقليدي “هو المثقف الذي يوظف أدواته الثقافية للعمل على استمرار هيمنة الكتلة التاريخية السائدة المشكلة من الإقطاع والبرجوازية والفئة العليا الاكليروس”.
ويضيف غرامشي موضحا بتساؤل “هل يشكل المثقفون فئة اجتماعية متجانسة ومستقلة؟” ويجيب “ان المثقف لا يشكل انعكاسا للطبقة الاجتماعية وانما هو يؤدي وظيفة إيجابية في تحقيق رؤيتها (تصورها) للعالم بشكل متجانس”.
في ضوء ذلك يحدد غرامشي دور المثقف ومسؤوليته تجاه الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها، وممكن تصور هذا الدور على انه لسان حال هذه الطبقة والناطق باسمها وصداها الإعلامي الداعي لأفكارها والناشر لمبادئها، اي انه منتمٍ لطبقة.
يمكن تنزيل الكتاب من أحد الرابطين التاليين
صور المثقف
http://www.4shared.com/file/56205095/a174a7d4/___online.html
أو
الالهة التي تفشل دائما و هو ذات الكتاب بترجمة أخرى
http://www.4shared.com/get/73818964/20b64ad3/a_online.html

كيفة التنزيل

اضغط على أحد الرابطين أعلاه سينقلك الرابط الى الموقع التالي، اضغط على المكان المشار اليه في الصورة التالية
null

انتظر اللحظات اللازمة لتفعيل رابط التنزيل
null

اضغط على المكان المشار اليه في الصورة التالية لتنزيل الملف الى كمبيوترك
null

صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الكتب الموجودة على الأنترنت.
لقراءة الملف تحتاج الى برنامج
Acrobatt reader
يمكن تنزيب نسخة مجانية منه من الرابط التالي
http://get.adobe.com/reader/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى