ما يجمع فصائل المعارضة السورية أكبر بكثير مما يفرقها
فيصل الشيخ محمد
كما أن الوطن يتسع لكل أبنائه، كذلك فإن المعارضة تتسع لكل أطياف الوطن وألوانها نهجاً ومعتقداً وأسلوباً، طالما أنها تسلك الطريق السلمي بعيداً عن العنف أو المغالاة أو التطرف أو الاتكاء على أعداء الوطن أو خصومه.
وليس من مصلحة الوطن أن تكون هناك بين فصائل المعارضة وأطيافها مناكفات أو سجالات أو تشكيك أو اتهام فيما بينها يحوّل البوصلة باتجاه معاكس، طالما أن الجميع يسعون إلى مصلحة الوطن كل بحسب اجتهاده ورؤيته.
لقد جرت العادة في كل المعارضات التي سبقتنا أن يكون هناك فيما بينها تحالفات تنطلق من تشابه في الرؤى أو تقارب في التفكير أوالنهج، أو وجود هدف يلتقون عليه.. وكثيراً ما كنا نسمع عن خلافات وانشقاقات بين هذه الفصائل عندما يجد أحدها أن في تحالفه تعثر للمسيرة أو بطء في الوصول إلى الهدف أو تناقض فرضته بعض الأحداث والمستجدات التي ترى فيها تنكر البعض للثوابت أو انتقاص من حجم وقيمة الحدث وخطورته.
وجماعة الإخوان المسلمين عندما أسهمت في تأسيس (جبهة الخلاص الوطني) – وهذا نهجها منذ أن كانت تعمل فوق الأرض بحرية كفلها الدستور لكل أبناء الوطن وأحزابه وتنظيماته، وكان لها تحالفات عندما فُرض عليها العمل السري مع العديد من الأطياف المعارضة سواء ممن ينتمون إلى اليسار أو اليمين – أقول إن جماعة الإخوان المسلمين عندما أسهمت في تأسيس جبهة الخلاص الوطني عام 2006، وكانت عنصراً أساسياً وفاعلاً فيها تجسيداً لاعتقادها أنه لا يمكن الفصل بين المشروع القومي والمشروع الإسلامي، فكل منهما متمم للآخر ويدعمه ويقوي قاعدته الجماهيرية، التي يحتاجها الوطن في مواجهة ما يتعرض له من أخطار وإحن.. وهذا لا يعني أن هناك تطابقاً كاملاً في الرؤى بين كل العناصر المتحالفة، فلابد من وجود التباين الذي يعود لخلفيات كل فصيل بحسب تطلعاته وثوابته، فالتحالف يقوم أحياناً لتحقيق هدف معين ومحدد، دون أن يكون بالضرورة هناك اندماج كامل بين الفصائل المتحالفة نهجاً وعقيدة، وأن هذه التحالفات ليس المطلوب منها أن يلغي كل فصيل ما يؤمن به أو يعتقده الآخر، فلكل فصيل خصوصيته وبرنامجه وثوابته، سواء أكان قومياً أو إسلامياً أو علمانياً أو ليبرالياً.. فالتحالف قام بين هذه الأطياف المتنوعة في سبيل هدف واحد هو الإصلاح المتدرج أو التغيير السلمي السلس.. ضمن معايير أخلاقية متبادلة، يغلب عليها طابع الاحترام والتقدير والتفهّم.. ويترك للجماهير السورية عبر صناديق الاقتراع الحر النزيه القرار الذي تريده في شكل الحكم ولونه، دون تبرم من أحد أو رفض من أحد.
إن ما يجمع فصائل المعارضة السورية أكثر بكثير مما يفرقها.. وأن أي اختلاف بينها يجب أن لا يفسد للود قضية.
وإذا ما وجدت جماعة الإخوان المسلمين نفسها في حل من هذه التحالفات، وارتأت – مجتهدة – الانسحاب من جبهة الخلاص الوطني، فهذا لا يعني أن هناك معركة جديدة ستقوم بين الجماعة والفصائل المعارضة التي التقت معها في يوم من الأيام في جبهة الخلاص، فلا يزال هناك قواسم مشتركة تلتقي عليها مع هذه الفصائل، طالما أن معركة الإصلاح أو التغيير لا تزال قائمة مع النظام الحاكم في سورية.. فبوصلة جماعة الإخوان المسلمين كعهد الجماهير السورية بها لن تنحرف ولن تتغير، وستظل في مقدمة المسيرة حتى تتحقق لهذه الجماهير آمالها وتطلعاتها وطموحاتها.
خاص – صفحات سورية –