إطلالة محبطة

ساطع نور الدين
حتى الآن لم يكن الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما جديدا. لم يكن كلامه في تركيا باهرا او مؤثرا. ولم يستطع ان يمد جسور الثقة لا مع الاتراك ولا مع العالم الاسلامي، الذي كان ولا يزال يتوقع ما يشبه الاعتذار الاميركي عن وسمه بالارهاب واخضاعه لواحدة من اعنف الحملات الاستعمارية الغربية في التاريخ الحديث.
لا يزال كلام اوباما يمثل تكرارا حرفيا لخطاب سلفه جورج بوش، الذي كان يحب الاسلام ويعتبره دينا عظيما ومتسامحا، ومخطوفا من قبل ارهابيين، وكان يحترم المسلمين بشدة ويود تخليصهم من عذاب الدنيا وارسالهم الى الاخرة بالملايين.. لكنه لم يكن لديه اقارب او جذور او حتى معارف اسلامية على غرار الرئيس الحالي الذي بات يردد امام اي مسلم يقابله القول ان يتحدر من عائلة مسلمة.. برغم انه لا يعترف بأي من افرادها الذين يقدر عددهم باكثر من 12، عدا اخته لامه المقيمة في اميركا والتي ساعدته قليلا في حملته الانتخابية!
ابلغ اوباما الاتراك بصراحة انه يعتبرهم جزءا من اوروبا ويؤيد انضمامهم الى الاتحاد الاوروبي، الذي رد على الفور بالاعتراض تماما كما فعل مع بوش الذي سبق ان خاض اكثر من مواجهة دبلوماسية علنية مع الزعماء الاوروبيين من اجل اقناعهم بضم تركيا الى ناديهم. وحذا اوباما حذو سلفه عندما احجم عن تقديم تركيا كدولة مسلمة مؤهلة لدور واسع في العالم الاسلامي، واكتفى باعتبارها مكان لقاء بين الشرق والغرب، والتذكير بعضويتها في حلف شمالي الاطلسي وشراكتها في الحرب على الارهاب الاسلامي، لا سيما في افغانستان حيث تقاتل القوات التركية في مقدمة الحلفاء.
وخاطب اوباما ايران باللغة نفسها تقريبا التي كان يستخدمها بوش ويبنيها على الاتهام غير الدقيق بانها تسعى الى امتلاك قنبلة ذرية، ويدعوها تكرارا الى التخلي عن برنامجها النووي كشرط لفك الحصار عنها وتحقيق المصالحة معها، وهو الحصار الذي اكسبه الرئيس الاميركي الجديد بعدا اضافيا عندما ربط صراحة بين الدرع الصاروخية في اوروبا التي جدد الالتزام بها وبين التسلح الايراني الذي اعتبره تهديدا اقليميا.
في العراق، التزم اوباما خطة بوش ونصوص المعاهدة الامنية الموقعة مع الحكومة العراقية، لكنه اضاف اليها شعاره الانتخابي الداعي لترك العراق لشعبه بطريقة مسؤولة، والذي ترجمه مؤخرا الى استراتيجية اميركية جديدة تنص على زيادة عدد الجنود الاميركيين المقرر ان يبقوا في الاراضي العراقية حتى نهاية العام 2011 من 35 الى 50 الف جندي، مع احتمال تمديد فترة انتشارهم الى ما بعد ذلك الموعد بصفة خبراء ومستشارين ومدربين للقوات العراقية، او مساهمين في الحرب على الارهاب.
في الصراع العربي الاسرائيلي، استعاد اوباما رؤى بوش وافكاره، من خريطة الطريق الى انابوليس الى حل الدولتين، الذي يعترف ضمنا بيهودية دولة اسرائيل التي باتت اشد تمسكا بتلك الهوية.. واستكمل سياسة سلفه باغفال سوريا التي لم يأت على ذكرها الا عرضا، وتحجيم دورها الذي لا يمكن حصره بالمجال اللبناني.
كانت اطلالة اوباما التركية الاسلامية محبطة لكل الذين توقعوا تغييرا جوهريا في الموقف الاميركي، ولكل الذين راهنوا على مصالحات تعم العالم كله.
السفير