صفحات سوريةغسان المفلح

سجلنا مواقف… وماذا بعد؟

null
غسان المفلح
مازلت مصرا على أن الديمقراطية، لايمكن لها أن تكون إلا بكل أبناء الوطن، وكل من له مصلحة بقيامها، سواء من المعارضة أم من السلطة. والمصلحة هنا ليست سعيا وراء إنشاء مثقف يريد أن يتملك مساحة من حقه الطبيعي في التعبير عن رأيه فقط، كما أنها ليست إقصاء لطرف لصالح طرف آخر، مهما كانت آراء هذا الطرف أو ذاك. لفت نظري في الحقيقة أمر على غاية من الأهمية، وهو أن المعارضة السورية، تتمتع بقصب السبق في الإعلام المكتوب، من حيث المساحة التي تخصص لخلافاتها السياسية والشخصية، والسؤال لماذا؟ قبل أكثر من عام شهدت ساحة المعارضة جولات وصولات من هذه الخلافات على صفحات النت والصحف الورقية، وأحيانا التلفزيونية. والمناسبة كانت ماجرى في المجلس الوطني لإعلان دمشق الذي اجتمع في نهاية عام 2007 وتمخض الأمر عن انسحاب تيارات سياسية، وجهت التهم لمن بقي في الإعلان، والعكس أيضا. انسحب حزبي العمل الشيوعي والاتحاد الإشتراكي. كما أدلى بعض المثقفين والكتاب بدلوهم آنذاك. والآن ايضا مع انعقاد المجلس الوطني لجبهة الخلاص وانسحاب الإخوان المسلمين من الجبهة، وبعض الشخصيات الكردية، ايضا تم تبادل الاتهامات، ولم ينجو منها أحد، وسجل كل طرف موقفه بشكل جعل من الطرف الآخر خارج حساباته السياسية، والأخلاقية حتى. والملفت في هذا الأمر أن الأطراف المنسحبة من الكتلتين، تطرح الآن على المعارضة أن تقوم بصياعة استراتيجية وطنية جديدة. راجع في هذا الشان تصريحات لقادة الإحوان المسلمين ولقادة الاتحاد الإشتراكي. والطرفة أنه رغم كل هذا الصخب المعارض، لم نجد تعليقا واحدا في إعلام النظام في دمشق حول الموضوع، إلا عبر سؤال طرحته بعض وسائل الإعلام العربية على السيد وليد المعلم وزيرالخارجية، حول موقف النظام من مبادرة الإخوان. واحتفلت وسائل الإعلام العربية، وخاصة قناتي الجزيرة والعربية بخروج الإخوان من جبهة الخلاص. احتفال الزوبعة كما هي العادة. وكان هذا رمزيا على حساب موقف الإخوان المعارض تاريخيا، ورمزيته التي ضاع قسم كبير منها في أروقة الإعلام المسبق الصنع. ما يسجل للمعارضة السورية أنها تنشر غسيلها النظيف والوسخ على نفس الحبال. يبدو أن لاحبال لديها غير هذه. و اعتبر أن لهذا ميزة إيجابية يجب استثمارها، فلايوجد مستور، وإنما يوجد ممنوع على الشعب السوري معرفته. أما المهتمين من بقية الدول العربية، والتي لارقابة ولاحجب إعلامي فيها، تعرف الآن كل صغيرة وكبيرة عن واقع المعارضة السورية، حتى بشخوصها. وهذا يسمح بالبناء على حقيقتنا وليس على صورة زائفة نحن لا نملك لونا ورديا داخلها. شعبنا أحق بمعرفة تفاصيل هذا الواقع الإعلامي للمعارضة السورية. وفق هذه الصورة لابد لنا من تثبيت بعض المقدمات:
– التغيير السلمي الديمقراطي يجب عدم التعاطي معه، وكأنه جولة واحدة بجيشين، أبدا بل هو فعل تراكمي استقطابي. يتعرض للانتكاس، ولركود السوق السياسي أيضا. او لانتعاشه. وفي هذا الحقل من الخيار لايوجد أبيض وأسود بل يوجد فعل يجب أن يمأسس لكي يستوعب نشاطه تراكميا.
– هذه المعركة السلمية، ليست معركة شخصية مع النظام أو مع رموزه، بل هي ذات هدف واضح تحقيق الديمقراطية. وهذا الهدف يجب ألا يخضع مطلقا لإنشائيات سياسية ذات طبيعة انتقامية.
– المعركة من أجل الديمقراطية في سورية، ليس غايتها لا تحرير فلسطين ولا قيام وحدة عربية، ولاقيام خلافة إسلامية، أو أن تتحول إلى جزء من أي مشروع أممي. الهدف بسيط وواضح وله بعده الوجودي والحقوقي، هو أن نصبح بشر كبقية البشر، ودولتنا دولة كبقية الدول.
– غزة في القلب، وسورية ليست عربية، أو سورية عربية، أمر يقرره الناخب بعد أن نجده إنسانيا. والناخب نفسه يقرر إذا كانت غزة في القلب أم رام الله؟!
– سورية لكل أبناءها ولهم ديمقراطيتها. ويجب إعطاءهم فرصة اختيار نظامهم السياسي.
– المعارضة الديمقراطية وسيلة وليست غاية، وكذا الحال التجمعات المنبثقة عنها.
– إعلام المعارضة يجب أن يكون مفتوحا لكل التيارات السورية، بما فيها النظام السوري.
– ليس مهمتنا مطلقا اجتثاث البعث، وليس مهمة البعث أن يبقى يعزف علينا نفس النشيد. نقبل به ويجب أن يقبل بنا، هذا ليس خيارا بل هو أمر واقع سوري.
– وكذلك الحال بالنسبة للتيار الإسلامي النابذ للعنف. وعليه أن يقبل بأن الحريات العامة والفردية أمر من حق أي فرد، ولا يقرر هو الحق في حرية الاعتقاد، والتي يجب أن تكون مصانة، كغيرها من الحقوق.
– ليس مهمتنا أن تستجرنا المزايدات الكردية العربية، بل يجب الاعتراف بالحقوق الإنسانية كاملة لكل شركاء هذا الوطن. وحل المسالة الكردية حلا ديمقراطيا واجب وحق كل سوري.
– يجب ان نحسم قضية طالما تم التنظير لها أو حولها، لايمكن فصل الداخل السوري عن الخارج سواء على صعيد المعارضة، أم على صعيد العالم، سورية جزء من هذا العالم.
– على كل تيارات المعارضة أن تترك الباب بينها مواربا، مهما كانت الخلافات، ومفتوحا حتى. فالديمقراطية هي للجميع.
– طرح الواقع السوري بكل تعقيداته الداخلية والخارجية يجب أن يكون متاحا ومفتوحا للجميع.
– لا يحدد لنا أي مثقف قومي أو إسلامي أو خلافه وطنيتنا أو عدم وطنيتنا. هذا أمر يجب ان يلتفتوا به إلى بلدانهم. يكتب عنا مثقفون إسلاميون يخونون كل من يطالب بالديمقراطية في سورية، وكذا الحال بالنسبة للمثقفين القوميين. لم تعد المعارضة السورية بحاجة إلى دروس من تستوعبهم قومية قناة الجزيرة أو غيرها.
الديمقراطية هي ترسيخ السلم السياسي والأهلي ونبذ العنف المادي والرمزي.
هذه مقدمات ليست نهائية وخاضعة للحوار والنقاش، من أجل قيام أوسع تحالف ديمقراطي سوري.

غسان المفلح
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى