صفحات سورية

النظام السوري…صفقة…أم اعادة تأهيل؟

null
زياد السيد
المتابع للتقلبات السياسيه الجاريه في العالم عامة وفي المنطقه العربية خاصة وعلى المسار السوري بوجه التحديد يكاد يصعق من التقلبات السياسيه المتتالية والتي تبدو وكأنها متاثره بتقلبات الطقس الأوروبيه فمن هجمات اعلامية غزيرة الى تهديدات هادرة كالصواعق بوتيرة سريعه كسرعة البرق كل ذلك والسماء فوق سوريا تتلبد بغيوم الحرب الداكنه التي لم يكن اول مظاهرها قصف مقاتلات اسرائيليه لمبنى قيل انه موقع لمفاعل نووي شرق البلاد كما لم يكن آخر تلك المظاهر الحرب الاسرائيلية البربرية المجنونة على قطاع غزة، مرورا بحرب الأخيرة على لبنان عام 2006 ومن ثم ارسال مدمرة امريكيه الى البحر الابيض المتوسط قبالة السواحل اللبنانيه في استعراض واضح للقوة وتسخين ظاهر للاجواء في المنطقه والذي عكس برودة في العلاقات الدبلوماسيه حتى ان المرء ليظن ان أيام النظام السوري باتت معدودة. ثم فجأة وبدون مقدمات تنقشع الغيوم وينقطع هطول الهجمات الاعلاميه لتميل الاجواء الى دفئ نسبي وتهدأ العواصف وكأن شيئا لم يكن وتنقلب العلاقات الى حميمية ظهرت جليا في تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اثناء زيارته الى بيروت العام الماضي، لكنه وكما قال مراقبون كان في لبنان وعينه على سوريا حيث اعلن من هناك انه سيرسل موفدين رئاسسيين الى دمشق هما مستشاره دافيد ليفيت، والامين العام لقصر الاليزيه غلود غايان للقاء الرئيس بشار الاسد وفي نفس الوقت هدأت موجة التصريحات الامريكيه المهدده والمتوعده للنظام في سوريا كما هدأت الحرب الاعلامية الطاحنه التي كان يدور رحاها في لبنان بالنيابة عن الاطراف الاقليمية و الدولية الموْثره هناك. وكانت المفاجأة بالاعلان عن المفاوضات السرية التي تجري بين سوريا واسرائيل بوساطة تركية – رغم الانتكاسة التي أصابتها عشية الهجوم الاسرائيلي على غزة- وفتحت ابواب العواصم العربيه والعالميه لبشار الاسد الذي قام بجولة على دول الخليج العربي ثم على دول المغرب العربي وليتبعها بزيارة الى الهند وأخيرا جولته الأوروبية المرتقبة على كل من النمسا وسلوفاكيا في قفزة دبلوماسية واسعة، بيد أن ما يثير الاهتمام أكثر من هذا وذاك هو ذلك التقاطر الذي يكاد يصل الى التهافت من وفود أعضاء الكونغرس الأمريكي فيما يبدو وكأن صفقة تعقد في الظلام، الخاسر فيها الشعب السوري خاصة والشعوب العربية ومقاوماتها عموما.
وتزامنا مع فك العزله عنه أطلقت يد النظام على ما يبدو في البلاد ليصول ويجول ويحكم قبضته الحديديه عليها، فها هو يبدأ مجددا بحملة اعتقالات واسعه في سوريا لم يكن آخرضحاياها قادة اعلان دمشق للتغيير الوطني، واجراء محاكمات صوريه لهم ثم يغلق مشفى لعلاج ابناء الوطن المقهورين لا لشئ الا لأن القائمين عليه يختلفون مع النظام في الفكر الأمر الذي يعتبره الأخير دواء فاسدا سوف يضر بصحة المرضى.
التطورات المتسارعه تلك تضع المراقب في حيرة من أمره وتجعل من الحليم حيرانا …
هل ما جرى ويجري هو تلميع واعادة تأهيل للنظام؟… ربما… أم لعلها صفقة جديده عقدها النظام السوري مع الغرب واسرائيل على حساب حلفاءه وبخاصة ايران، في محاولة لاطالة عمره وضمان بقاءه متسلطا على رقاب الشعب السوري المكافح؟… قد يكون… أم هي مرحلة جديده من مراحل الدور القديم الجديد الذي يقوم به النظام في سوريا؟… ترى ما هو الواقع؟ وأين تكمن حقيقة ما يجري؟… ربما تزول الحيره و ينقشع الضباب بالرجوع الى صحيفة معاريف الاسرائيليه في عددها الصادر بتاريخ 28-10-2005 التي كشفت النقاب عن ان هناك ما يشبه الاجماع داخل الاوساط السياسيه والعسكريه الاسرائيليه على انه من مصلحة اسرائيل الابقاء على نظام الحكم الدكتاتوري والمتخلف والمنضبط في آن معا بهدف ضمان بقاء سوريا ضعيفه، كما افادت الصحيفه ان البنيه التعدديه لاي نظام سيخلف النظام الحالي في دمشق سيشكل تهديدا لاسرائيل لانه سيتمتع بشرعية دولية واقليمية ووطنية لا يحظى بها النظام الحالي كون الجماهير التي سينبثق منها هذا النظام البديل لديها توجهات “لاساميه” فتكون اسرائيل في هذه الحال كالمستجير من الرمضاء بالنار، وبالتالي قد لا تستطيع والغرب السيطرة على الموقف في حال جد في الأمر جديد.
اذن هي السياسة الأمريكية المتخبطة تجاه النظام السوري التي تخشى اسرائيل أن تكون نتا ئجها كارثيه عليها اذا ما سقط النظام، فقامت الاخيرة بالضغط على واشنطن لتقوم بصحيح المسار وعقد صفقة مع دمشق تضمن بقاء النظام مقابل شروط لم يكن اولها حلحلة الوضع في لبنان ولن يكون آخرها حل ممسوخ لقضية الجولان السوري المحتل، ولكن ذلك له مخاطره أيضا، فقد ينقلب السحر في هذه الحال على الساحر وتتبعثر أوراق اللعب يمسك بها عند ذاك الشعب ليعيد ترتيبها… ثأرا لكرامته المهدوره واعادة للعربة الى خطها بعد أن انحرفت عنه سنين طوال.
المرصد السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى