صفحات سورية

حديث مفتوح إلى الأصدقاء في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي (حلقة أولى)

null


أصدقاء إعلان دمشق – دمشق

أيها الأخوة والرفاق

نبثكم صوتنا هذا في وقت متأخر على اعتقال أخوتنا في الإعلان، مؤكدين أن التأخير لم يزدنا إلا إصراراً لإدانة هذا الإجراء القمعي إدانة قاطعة لا تقف عند إخوتنا الموقوفين فقط بل تطال مجمل سياسة الاستبداد والاعتقال السياسي حاضراً ومستقبلاً من أية جهة كانت، وضد أي مواطن أو اتجاه سياسي دون استثناء.

إننا نشاطر أخوتنا في الإعلان خالص مشاعر التعاطف والتأييد. ونهيب بالسلطات السورية بأعلى الصوت تصحيح هذا الإجراء ومراجعة سياستها تجاه أية إجراءات مماثلة. مؤكدين أن هذه المراجعة هي حد أدنى لمواجهة الأزمنة الحاضرة وتحدياتها بما يليق بها. وأن التعامل مع عالمنا الذي أصبح قرية واحدة، بما فيه الأعداء والأصدقاء، لم يعد يطيق هذه السياسة أو يعتز بأصحابها. وإن من الخير إظهار النظام السوري قدرة حقيقية لمراجعة هذه السياسة بروح مسؤولة تؤدي لإطلاق حوار وطني واسع وحقيقي لا يستثني أحداً من أطياف مجتمعنا ومعارضته المدنية السلمية، تكون غايته التأسيس لتحول ديمقراطي آمن وسلمي يعيد بناء النظام والدولة على أسس تليق بسوريا وتصون مستقبل أجيالها القادمة!

أيها الأصدقاء..

إن متطلبات التغيير المنشود في مجتمعنا تتصف بأوسع قدر من الجدية والتعقيد الذي يقتضي النظر لها بعين المسؤولية العالية ولا يجوز تجاهلها تحت أي اعتبار.

في هذا الإطار ننشد وضع الاعتقال والأذى الذي أصاب أخوتنا في مستوى لائق بعيداً عن الشتم والندب، (ناهيك عن اللامبالاة وغيرها) وبالأحرى جعله مدعاة حقيقية لإطلاق أوسع حوار إيجابي يعم ساحتنا ويمتد لكافة أطيافها وموضوعاتها التي تشغل مجتمعنا وتشجع انخراطه في تقرير مصيره الديمقراطي!

إن هذا يمتد بكل تأكيد لمصير إعلان دمشق وموضوعاته وتداعياته. لأنه لم يعد ملك أصحابه فقط. كما لا ينفي قيمة أيٍ منهم الإنسانية والنضالية، بل ينقلها لأفق جديد من المسؤولية التي تخص طريقة التعامل مع أسئلة الواقع ومتطلبات التغيير الديمقراطي ومواقف الشركاء الآخرين في ساحة المعارضة الديمقراطية وكيفية توسيع الشراكة معهم ومعالجة الإشكاليات المختلفة انطلاقاً من زاوية المسؤولية التي تعم الجميع ولا تستثني أو ترحم أحداً لأنها تخص مصير شعبنا وأجياله بأسرها.

في هذا الصدد يتعين التأكيد أن إعلان دمشق أصبح منجزاً لا يحق لأحد التفريط به أو إنشاء كيانات موازية أو بديلة تعود القهقرى بهدف التغيير المدني الديمقراطي. بل ينبغي تحقيق هذا الهدف استناداً لهذا المنجز أو بالشراكة معه لأنه وعاء يتسع لكافة الاتجاهات. وهذا يشمل معالجة المشكلات والاختلافات جميعاً بمسؤولية تقع على عاتق الجميع دون استثناء. لأن العكس يعني طعن صدقية المعارضة في دعوتها الديمقراطية وقبول التنوع والاختلاف في الصميم.

ولئن كانت تأدية هذه المسؤولية تخص المعارضة الديمقراطية حيال بعضها البعض. فهي تمتد بنفس القدر لمسؤوليتها تجاه أطياف المجتمع والسلطة أيضاً. لأن مجتمعنا يزخر بمتطلبات ومشكلات لا حصر لها. وجميعها تقع في عاتق القوى الديمقراطية ومسؤوليتها. لأن حراك المجتمع وتطلعه للأفضل يشكل مناط التغيير الديمقراطي وغايته ورهانه الحقيقي!

كما أن تحقيق الديمقراطية يصطدم بحاجز النظام الشمولي. وينبغي تذليل هذه الصعوبة بقواعد ثابتة (يمثلها التغيير المدني، السلمي، العلني، التدرجي، الآمن.. الخ) وهي تستدعي شق مساحة للتغيير تتعدى مجرد النزاع على السلطة أو معها، لأنها تمتد للمجتمع والثقافة والعادات ونزاع المصالح والأهداف والقيم والارتباطات المختلفة التي لا تستثني عالم السلطة وفئاتها الاجتماعية بل تشكل جزءاً لا يتجزأ من مسؤولية الحركة الديمقراطية. وإن اتساع هذه الساحة فضلاً عن مشقته ومتطلباته فهو يشكل فضيلة الحركة الديمقراطية ومناط مسؤوليتها ومأثرتها، ولا مفر من الاضطلاع بهذه المسؤولية حتى نهايتها!

في هذا الصدد تتبين أيها الأصدقاء أهمية تقدير قيمة المواقف والخطوات المختلفة من زاوية أثرها ونفعها الحقيقي في إطلاق أوسع مشاركة لأطياف الحركة الديمقراطية، وأطياف المجتمع وطاقاته المؤدية لانصهارها في نهر التغيير الديمقراطي. ونعتقد أن هذه الغاية هي الحافز الأول والأخير لظهور الإعلان. وربما نحن أحوج ما نكون للاسترشاد بها الآن أكثر من أي وقت!

بنفس القدر نعتقد أن الاختلافات التي طفت في ساحة المعارضة (بين داخلي وخارجي، ليبرالي وقومي، ليبرالي واجتماعي، مستقلين وأحزاب.. الخ) تخص جزءاً يسيراً من موضوعات كثيرة. وهي برغم أهميتها وضرورة معالجتها ليست أصلاً أو أولوية يجوز إحلالها مكان العملية الديمقراطية. بل إن حدة الاختلاف حولها تعبر عن مشكلة أخرى هي فقدان آلية كافية لحوار ديمقراطي يطلق إمكانات شعبنا وطاقاته الواسعة لمعالجة هذه الموضوعات واتخاذ قراره بشأنها وسط غمار حركته الديمقراطية.. وليس العكس. ومن المؤسف أن يشجع اختلال هذه الأولوية ظهور مآرب ونزعات (وحتى شطحات) تسيء لهذه الموضوعات ولقضية الديمقراطية على السواء!!

أيها الأخوة والأصدقاء..

إن الاعتبارات الآنفة تحفز لإطلاق حوار مفتوح ومتواصل معكم ومع الأطياف الأخرى، تكون غايته جلو جميع العقبات والتناقضات التي تعترض مجتمعنا لتحقيق مستقبله الديمقراطي. ولنا وطيد الأمل أن يلقى الاهتمام الذي يستحقه انطلاقاً من هذا الهدف دون سواه.

موقع أخبار الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى