أوباما ونهاية شهر العسل
سعد محيو
هل انتهى شهر العسل بين “رئيس العالم” باراك أوباما وبين هذا العالم؟
الخناقات التي تبرز هناك وهناك بين العريس الجديد والعديد من “محظياته” المفترضات، تشي بأن هذا الشهر انقضى بالفعل أويكاد.
فكوريا الشمالية ردّت على غزله الدبلوماسي والاقتصادي بإطلاق صاروخ عابر للقارات مر فوق رؤوس حلفائه المذهولين في اليابان.
وروسيا لم تصدّق على ما يبدو كلمة واحدة من وعوده حيال الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، فعمدت إلى حشد قوات ودبابات جديدة على حدودها مع جورجيا.
وأوروبا، التي صفقت له بحماسة قبل أسبوعين حين حط الرحال فيها، تبيّن سريعاً أنها لم تعطه سوى الوعود ليأكلها حيال مسألة مساهمتها في حرب أفغانستان وبقية مناطق الأزمات والمشاكل في العالم.
وإيران، وعلى رغم أنها تجهّز نفسها لحوار شامل مع الإدارة الأمريكية، إلا أنها لاتزال تعامل هذه الأخيرة بحذر شديد خوفاً من أن يكون أوباما بوش آخر ولكن بقناع ناعم وباسم.
وأمريكا اللاتينية، وعلى رغم انفتاح أوباما على فنزويلا- تشافيز وكوبا- كاسترو، أبلغت هذا الأخير أنها أحبت أقواله واعتذاراته، لكنها تحب أكثر أن ترى أفعالاً على الأرض.
ومن أيضاً؟ هناك بالطبع “إسرائيل” التي يستعد رئيس وزرائها نتنياهو للقيام بأكبر رقصة خداع في التاريخ الحديث. فهو سيبلغ أوباما الشهر المقبل في واشنطن أنه سيقبل اقتراحه بالتفاوض على المسارين السوري والفلسطيني في آن سعياً وراء السلام الشامل، لكنه سينشط في الواقع على مسار إشعال الحروب بدءاً مع الفلسطينيين واللبنانيين وانتهاء مع الإيرانيين.
ماذا في وسع أوباما أن يفعل في مواجهة هذه المعطيات المثبطة؟
إذا ما وضعنا في الاعتبار الثقة الفائقة بالنفس والطموح الكاسح اللذين يتمتع بهما أول رئيس إفريقي- أمريكي لتغيير أمريكا (نحو نوع من الاشتراكية الديمقراطية) والعالم (نحو نظام أكثر تعددية وأقل أحادية) لقلنا سريعاً إنه سيُصر على مواصلة هجومه الدبلوماسي الشامل حتى تحقيق أهدافه أو معظمها.
بيد أن المسألة ليست شخصية بل موضوعية. فلكي يتمكّن أوباما من تحقيق فتوحاته الخارجية، يجب أن يضمن أن جبهته الداخلية متماسكة ومتينة وقادرة على تمويل هذه الفتوحات كما كان يفعل أباطرة روما القديمة. لكن هذا لا يبدو متوافراً الآن.
قبل أيام، بعث الكاتب في “واشنطن بوست” جيم هوغلاند برسالة مفتوحة إلى أوباما كانت جريئة في وضوحها وواضحة في صراحتها. قال له: ننصحك السيد الرئيس أن تركّز جل جهودك على إنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية بدل الإبحار في بحر السياسات الدولية المتلاطم، وهذا لسبب قوي: قادة العالم يعرفون أنك في أزمة داخلية خطيرة، ولذا فهم لن يستمعوا إليك إلا إذا ما تحدثت معهم بلغة الاقتصاد.
هل وصلت الرسالة إلى أوباما؟ وهل سيتصرف على أساسها؟
من الأفضل له أن يفعل، لئلا تتحوّل نهاية موسم شهر العسل إلى بداية مواسم الهجرة والخناقات والطلاقات، في الخارج العالمي كما في الداخل الأمريكي!
الخليج