فريديريك هوف : نزع سلاح “حزب الله” مهمة يصعب جداً على سوريا تنفيذها
فريدريك هوف يعتبر من اكثر الخبراء الاميركيين المتابعين لملف مفاوضات السلام بين سوريا واسرائيل، رسم في تقرير نشره مؤخرا معهد الولايات المتحدة للسلام خطا ثالثا للتفاوض في الجولان السوري غير خط الرابع من حزيران والخط الدولي ويدعو لإقامة حديقة مفتوحة للطرفين في الهضبة بعد إعادتها لسوريا.
• ما الجديد الذي يقدمه التقرير ولم يطرح سابقا في المفاوضات؟
– طلب مني معهد السلام الأميركي أن أراجع بعض الأعمال التي قمت بها قبل سنين حين حاولت أن أعرّف خط 4 حزيران لعام 1967 في سياقه الإسرائيلي السوري. طلب مني معهد السلام الأميركي أن أراجع ذلك وأضيف إليه فكرةً كانت موضع محاورات متزايدة عبر السنوات الأخيرة، وهي فكرة المحمية البيئية، والتي سيتم تأسيسها تحت السيادة السورية والتي ربما ستمكّن الطرفين من اتخاذ قرارات صعبة تلبي رغبة سوريا في وضع حدود معينة بينها وبين إسرائيل وتحقق مصالح إسرائيل في ما يتعلق بالماء وحرية الحركة.
• هل هو حصيلة اتصالات مع الطرفين او اقله استمزاج آراء الطرفين ولو بصورة غير رسمية؟
– التقرير بحد ذاته غير رسمي مطلقاً. لقد تحدثت إلى إسرائيليين وسوريين عن هذا الموضوع وعن أمور الحدود بين سوريا وإسرائيل عموماً عبر السنين، وتتبعت مؤتمرين مختلفين، ولكن من الجدير بالذكر أن هذا التقرير لم يُراجع من قبل أية حكومة، بما في ذلك حكومتي، ولم أتلق رأياً بشأنه بالتحديد من السوريين أو الإسرائيليين أو من الأميركيين على المستوى الرسمي. أتيحت لي الفرصة عبر السنين لأتكلم مع المفكرين والديبلوماسيين المتقاعدين والمسؤولين السابقين الذين اهتموا بهذا الموضوع، ولهذا أعتقد أنني أستطيع القول إنني لم أخترع كل هذه الأفكار بالضرورة، في ما يتعلق بهذا الموضوع. إنها نتاج سنين عديدة من التفكير بهذا الموضوع بالتحديد.
• الاعلان عن الورقة البحثية التي قدمتها ينظر إليها على أنه نوع من التحفيز لفكرة تفضيل مسار على مسار اكثر تعقيدا، هل هذا صحيح؟
– ليس لدي رأي قوي بشأن ذلك الموضوع بالتحديد، وليس من مخططي أن أشجع على القيام بأي شيء. فأنا أرى أن هذه العملية ستتقدم بالسرعة والتركيز اللذين تتيحهما الأطراف المعنية. وكان الغرض من هذا أن يقدم فكرة يمكن في النهاية أن تساعد الأطراف في التوصل إلى حل، إن كانوا مهتمين بذلك.
• هل فعلا الاطراف المعنية مهتمة بالتوصل الى حل؟
– لا بد أن أقول، للرد مباشرة على هذا السؤال، إنني لا أدري. لا أعلم. جرى ما أشير إليه على أنه محادثات تقريب بين إسرائيل وسوريا وشملت مسؤولين في الحكومة التركية. ومما فهمته، من حواراتي مع المسؤولين الأتراك، أنهم رأوا أن المحادثات كانت جادة جداً وأن الدليل الأكبر لديهم على ذلك هو أنه لم يتم تسريب أي شيء مهم منها. بل لم يكن هناك تسريب مطلقاً. لهذا يؤمن الأتراك بأن المحادثات التي تم تعليقها في كانون الاول 2008 كانت جادة جداً. وأنا شخصياً لا أدري إن كانت ستُستأنف الآن مع الحكومة الجديدة في إسرائيل، ولكنني أتوق إلى معرفة ذلك.
• من سيضمن تنفيذ الاتفاق؟ قوات دولية متعددة الجنسية ام اميركية؟
– أعتقد أنه، بناء على محتوى المفاوضات في الماضي، المرء يستطيع توقع أنه إذا توصل هذان الطرفان إلى نتيجة ناجحة في مفاوضاتهما سيكون للولايات المتحدة، بصفتها قائدة المجتمع الدولي، دور كبير في تسهيل تنفيذ الشروط، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن.
• هل باعتقادك الولايات المتحدة مستعدة او راغبة بوجود عسكري في هذه المنطقة؟
– بالطبع، في أية مسألة من هذا النوع، يعتمد الكثير على حجم القوة والتوقيت، مع التزامات أميركا الأخرى في العالم في ما يتعلق بالأمن الوطني. من الصعب في هذه المرحلة أن نتصور النطاق الدقيق لهذا النوع من الالتزام وسيكون للطرفين نفسيهما، بالطبع، دور كبير في تحديد ما يطلبانه من الولايات المتحدة.
• لماذا الاصرار السوري على اشراك الاميركيين في المفاوضات؟
– أعتقد في النهاية أنه يُفضّل على الأرجح طرح هذا السؤال على الحكومة السورية بدلاً من طرحه عليّ، ولكنك محقٌ تماماً. هناك دليل على إصرار سوريا على مشاركة الولايات المتحدة في هذه العملية. ربما يكون ذلك لرغبتها في أن تقوم علاقة ثنائية بين الولايات المتحدة وسوريا في النهاية. وربما يكون ذلك، جزئياً، للدور المتوقع للولايات المتحدة في ضمان، أو المساعدة في ضمان، تنفيذ شروط المعاهدة.
• هل تحسن العلاقات السورية – الأميركية يجب أن يكون نتاجا لتسوية سورية – إسرائيلية ام العكس؟
– لست متأكداً. ربما نواجه هنا معضلة كمعضلة الدجاجة والبيضة. ومما فهمته، فإن طريقة إدارة “أوباما” في التعامل مع هذا الوضع تتمثل، أولاً، في مراجعة أسس العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وسوريا. وأعتقد أن الزيارة الأخيرة للمنطقة من قبل اثنين من أمهر الديبلوماسيين الأميركيين تُعدّ إلى حد كبير جزءاً من تلك المراجعة، وإذا فكرت فيها من حيث التوقيت، تجد أن القيام بها بهذه الطريقة منطقي. توجد حالياً حكومة إسرائيلية جديدة. ويجب على تلك الحكومة أن تتخذ موقفاً يحدد ما إذا كانت راغبة في استئناف المحادثات مع سوريا. لذا، أعتقد أننا يجب أن نرتب الأمور حسب أولوياتها، والخطوة الأولى هي مراجعة العلاقة الثنائية. وقد أوضحت الوزيرة كلينتون أنها مهتمة برؤية ما إذا كانت هناك فرص لتحسين العلاقة الثنائية، ولكنني أعتقد أن تلك المرحلة تأتي أولاً، قبل أن تتشاور الولايات المتحدة مع الطرفين بشأن أي دور قد تلعبه الولايات المتحدة في محادثات السلام بينهما.
• لماذا باعتقادك سوف تقوم سوريا اليوم بما امتنعت عن القيام به منذ بدء النزاع مع اسرائيل؟
– أود أن أعود إلى ما قلته سابقاً، والذي يعكس في الحقيقة أسس تعاملي مع هذا الوضع. فأنا، كفرد، لا أدري بالتأكيد ما إذا كانت سوريا مستعدة لتغيير توجهاتها الاستراتيجية جوهرياً واتباع طريقة مختلفة في العمل في المنطقة إزاء إسرائيل والولايات المتحدة الدول الأخرى المجاورة. أعتقد أن هذا الأمر جدير بالدراسة والتمحيص بدقة، وذلك هو جوهر منهج إدارة أوباما، كما أفهمه.
• اسرائيل تقول ان مفتاح الحلول في المنطقة بيد سوريا هل هذا صحيح برأيك؟ وهل من مغالاة في تقدير دور سوريا الاستراتيجي؟
– مما أفهمه، أجد أن العامل المهم هنا، وبالتحديد في ما يتعلق بمؤسسة الدفاع في إسرائيل، هو الاهتمام الكبير باكتشاف ما إذا كان التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا أمراً ممكناً. أعتقد أن التركيز منصبٌّ على ذلك داخل إسرائيل. هناك آراء نسمعها كثيراً تقول إن القضايا المعلقة بين إسرائيل وسوريا ليست شديدة العمق والتعقيد والصعوبة كالقضايا المعلقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لذا قد يكون هناك ميل من جانب البعض لمحاولة تحقيق شيء قد يكون، في رأيهم، أكثر سهولة موضوعياً. وكذلك، يشعر بعض الإسرائيليين، في اعتقادي، بأن التوصل إلى اتفاق مع سوريا سيزيد من احتمال أن تلعب سوريا دوراً أكثر إيجابية في ما يتعلق بالمسار الفلسطيني الإسرائيلي من عملية السلام. ولم أسمع بآراء تقول إن التوصل إلى اتفاق مع سوريا سيحل جميع المشكلات، أو إن سوريا هي الحل بالضرورة. بل على العكس، أعتقد أن الرأي السائد هو أن المسار الإسرائيلي – الفلسطيني هو لبُّ القضية. يمكن سوريا أن تكون طرفاً مسانداً ولكن لبَّ القضية يكمن في النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
• هل تعتقد ان سوريا توقع اتفاق سلام اذا استمر تعثر المسار الفلسطيني؟
– هذا سؤال مثير للاهتمام في الواقع. مما فهمته عبر السنين، أقول إن الإجابة السورية الرسمية على سؤال من هذا النوع ستكون أن الفلسطينيين، ممثلين بمنظمة التحرير الفلسطينية، عقدوا اتفاقية مع الإسرائيليين في أوسلو عام 1993، وبالتالي فإننا، أي السوريين، أحرار في السعي وراء مصالحنا، ومن أهمها استعادة الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في عام 1967. وعملياً، قد يكون من الصعب على سوريا أن تتوصل إلى حل كامل مع إسرائيل إذا لم يحدث أي تقدم على المسار الفلسطيني- الإسرائيلي. وقد رأينا مثالاً جيداً على ذلك مؤخراً حين أدى العنف في قطاع غزة إلى تعليق محادثات التقريب التي شاركت فيها تركيا، ولم تُستأنف حتى يومنا هذا.
• تقول أن إسرائيل تريد من “السلام” مع سوريا إبعادها عن إيران و”حزب الله” و”حماس” هل هذا ممكن؟ هل سوريا راغبة بذلك او قادرة عليه؟
– لا بد أن أقول إنني لا أعلم.
أنا أتكلم عن نفسي وعن رأيي الخاص، وبشكل موضوعي، لا أعلم. والسؤال الحقيقي هو هل يوجد قرار استراتيجي من جانب سوريا لتحقيق السلام مع إسرائيل؟ إذا كان هناك قرار استراتيجي، فإن ذلك القرار، في اعتقادي، يجيب على سؤالك. في أية معاهدة سلام بين هذين الطرفين، يجب أن تكون هناك بنود تتعلق بالعلاقات مع أطراف أخرى. وسواء تمت تسمية تلك العلاقات بالتحديد أو لا، ستكون هناك بنود تقول، مثلاً، إن تعهدات الموقعين على هذه المعاهدة لها الأولوية مقابل أية علاقة أخرى، وخاصة علاقة تتضمن طرفاً ثالثاً لديه نيات عدائية ضد أحد الطرفين الموقعين، أو طرفاً يظهر العداء لأحدهما. سيكون هذا تعهداً شديد الأهمية، وبالتالي، أعتقد أن هذا يجيب على السؤال إذا وصل الطرفان إلى مرحلة حيث يستطيعان التوقيع على معاهدة كهذه، وأنا واثق تماماً بأنه ستكون هناك بنود تعهدات من هذا النوع في نص الاتفاقية.
إذا تركنا جانباً النقاط الفنية في مسألة الحدود والترتيبات المتعلقة بالمياه والأمن والتطبيع، أعتقد أن الثمن الأساسي للسلام هو التحوّل الدائم والصادق لتوجهات دمشق، وذلك بالتالي يحقق السلام مع إسرائيل ويجعل المحافظة على ذلك السلام معها الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية للحكومة العربية السورية.
• البعض يعتقد ان الاسد مهتم بالمفاوضات اكثر من نتائج المفاوضات والخاتمة السعيدة؟
– أعتقد أن كلمتي المفضلة في هذه المقابلة هي لا أدري. يجب أن أقول إنه خلال العام الماضي، ومنذ أن تم الإعلان عن محادثات التقريب في تركيا، دار جدل كبير داخل واشنطن وحدها في مجالس المفكرين. هناك من يقولون إن هذه المحادثات جادة، وإنه ستكون هناك اتفاقية سلام حقيقية في 2009، وإن كل ما على الولايات المتحدة فعله هو أن تشارك بسرعة لوضع خاتمة لهذه المسألة. وهناك آخرون يقولون، بدرجة اقتناع لا تقل عن اقتناع هؤلاء، إن الهدف من هذه العملية هو العملية نفسها، وإن الحكومة السورية، في النهاية، تود أن تقيم علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة ولكنها لا تنوي إتمام العملية مع إسرائيل. وشخصياً، أجد أن الجدل مثير للاهتمام لأن الأشخاص من الطرفين واسعو المعرفة وأجروا الكثير من الأبحاث. ولكنني في الحقيقة لا أدري كيف يمكن الإجابة على هذا السؤال بشكل حاسم ومؤكد دون متابعة العملية حتى نهايتها لرؤية ما إذا كان الطرفان مستعدين للتوصل إلى حل. وفي النهاية، هذا أمر يجب اختباره وهو أمر لا يمكن أن يتم في مجالس المفكرين في واشنطن.
• هل السلام مع اسرائيل يقضي بتغيير في توجهات النظام السوري على اكثر من مستوى؟ بعد السلام بشار الاسد يكون سادات آخر؟
– أعتقد أن الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي أنني لا أدري. أعلم أن الرئيس الأسد نفسه أشار في الماضي إلى أن السلام مع إسرائيل سيكون شرطاً مسبقاً مهماً أو خطوة مهمة نحو الإصلاح في سوريا. أما عن أجندته السياسية الفعلية، في ما يتعلق بهذا، فأنا في الحقيقة لا أدري. سمعت من يقول، وأعتقد أن هذا منطقي إلى حد ما، أن استرجاع المنطقة المحتلة من إسرائيل سيكون خطوة مهمة نحو ترسيخ شرعية الرئيس الأسد وحكومته وقد يكون هذا هو أسلوبه في معالجة المسألة، ولكنني بصراحة لا أدري ما الذي يدور في ذهنه.
• اذا لم يتم التوصل الى سلام هل من جدوى للانفراج القائم بين البلدين حاليا، هل يمكن ان يستمر؟
– أنت محقٌّ تماماً. فمنذ عام 1974، ظلت جبهة الجولان مستقرة. ولا نستطيع أن نقول ذلك عن الجبهة بين إسرائيل ولبنان، وأعتقد أن المتتبعين الموضوعيين للوضع يرون أن هذا من عواقب طبيعة مشكلة الجولان غير المستقرة. ويتوقع المرء أن يظل وقف النار في الجولان ساري المفعول. ومن مصلحة الطرفين بالطبع أن يسود الهدوء تلك المنطقة، ولكن قد تحدث عواقب أخرى في مناطق أخرى، وهي بالتأكيد كانت تحدث في السنين الخمس والثلاثين الماضية.
• اذا حصل تقارب اميركي – سوري كيف ترى طبيعة العلاقة بين المثلث اميركا – سوريا – ايران؟
– هذا سؤال منصف جداً، ولكنه أيضاً سؤال صعب؛ لأن هناك عوامل كثيرة تلعب دوراً في ذلك. فقد أوضحت الولايات المتحدة، مثلاً، أنها مستعدة تماماً لمتابعة الحوار مع إيران بشأن المجالات التي يمكن الدولتين التعاون فيها، سواء في ما يخص العراق أو أفغانستان أو كل القضايا المختلفة. لذا فإننا قد نرى هناك عملية تتقدم بشكل مستقل تقريباً عن التطورات بين الولايات المتحدة وسوريا من حيث العلاقة الثنائية أو بشكل مستقل عن عملية السلام بين سوريا وإسرائيل إذا تم استئنافها. لذا فالمسألة مسألة أين يتم تحقيق التقدم أولاً وأين يمكن للديبلوماسيين أن يتابعوا ويستغلوا التقدم وربما يربطوا التقدم بالمشكلات الأخرى.
• وصفت سابقا قيادة «حزب الله» بالارهابية هل لا تزال عند ها الرأي؟
– ما أعتقده هو أن المهمة الأولى والأهم لقيادة “حزب الله” هي توفير القدرات العسكرية وقدرات الردع والقدرات الانتقامية إن لزمت، والتي تضعها تحت تصرف إيران. تلك هي المهمة الرئيسية للقيادة. ولا شك لدي في أن هناك دوافع مختلفة تماماً عن ذلك عند أفراد “حزب الله”، الحزب السياسي، وبين اللبنانيين الذين يؤيدون “حزب الله” بصفته حركة سياسية داخل لبنان. أنا واثق تماماً بأن هناك أفراداً في صفوف “حزب الله” يضعون مصلحة لبنان فوق كل شيء، ولكن ولاء القيادة نفسها للثورة الإسلامية في إيران أولاً.
• هل انتهى خطر “حزب الله” كخطر استراتيجي على اسرائيل من جنوب لبنان؟
– ما زال حزب الله يملك قدرات عسكرية كبيرة جداً وأخشى أن يتم استخدام تلك القدرات مجدداً إذا صدرت شرارة من جنوب لبنان، وأعتقد أن مخططي الدفاع الإسرائيليين وقوات الدفاع الإسرائيلية تتعامل مع ذلك الخطر بشكل جدي جداً.
• هل نزع سلاح “حزب الله” هو مهمة سوريا؟
– أعتقد، من وجهة النظر الموضوعية، أن نزع سلاح “حزب الله” سيكون مهمة يصعب جدا على سوريا تنفيذها. ولكن إذا عدنا إلى الشروط المحتملة لمعاهدة السلام، أعتقد أن ما سيُطلب من سوريا سيكون ألا تقوم بموجب علاقتها مع طرف آخر بما يناقض التعهدات التي تم الاتفاق عليها في معاهدة السلام مع إسرائيل. وأعتقد أن نزع سلاح “حزب الله”، من وجهة النظر الموضوعية، سيكون أمراً صعباً جداً على الجيش السوري. يبدو أن هذا رأي العديد من المحللين العسكريين الكبار. وأعتقد أن الأمر المهم سيكون التغير الجوهري في العلاقة.
• هل معاهدة سلام سورية – اسرائيلية تساوي نزع سلاح “حزب الله” من لبنان؟
– لست متأكداً من ذلك. لست مطلعاً على ما ناقشه الطرفان في ما يتعلق بالتزاماتهما المشتركة، ولكنني أرى، موضوعياً، أن نزع سلاح “حزب الله” سيكون مهمة عسكرية صعبة للغاية.
• هل تعيين ميتشل بتلك السرعة يعني أن إدارة أوباما تضع أولوية على المسار الفلسطيني؟ بعضهم يقول ان هناك نقاشا في الكونغرس والخارجية عما إذا كانت مهمة ميتشل يجب أن تكون في الجانب الفلسطيني أم السوري؟
– أعتقد أن من المهم أن نتذكر كلمات الوزيرة كلينتون حين أعلنت لأول مرة أن السيناتور جورج ميتشل سيكون مبعوثاً خاصاً لمتابعة شؤون السلام في الشرق الأوسط. وقد أشارت الوزيرة بالتحديد إلى الوضع الإسرائيلي – الفلسطيني. وأوضحت أيضاً أنه يُتوقع من السيناتور أن يلعب دوراً في وضع استراتيجية لتحقيق السلام بين إسرائيل وجميع جاراتها. وذكرت أيضاً أن السيناتور ميتشل يتحمل مسؤولية النظر في أمر قطاع غزة من حيث المساعدات الإنسانية وإعادة البناء في النهاية. لهذا أعتقد أن الإجابة هي “نعم”، كل ما ذُكر. فهو يتمتع بتفويض واسع جداً يغطي النزاع العربي – الإسرائيلي بكامله. وأعتقد، من جانب عملي، ومما رأيناه في أول زيارتين له للمنطقة، أن تركيزه كان منصباً على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. وهذا منطقي جداً. فرئيس الولايات المتحدة لا يريد، بالطبع، أن يرى الوضع في غزة يتفجر مجدداً، فهذا سيكون وضعاً فظيعاً، سواء من حيث التأثير الإنساني على الشعب، أو من حيث الجهود الديبلوماسية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط على نطاق أوسع. لذا فمن الطبيعي أن يكون التركيز أولاً على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي. وسيقوم السيناتور ميتشل، بالتأكيد، مع مرور الوقت بتكريس قدر كبير من اهتمامه لبقية المنطقة التي تم تفويضه بشؤونها أيضاً، ولكن في الوقت الحالي، ينصبُّ تركيزه على هذا المسار، وهذا، بصراحة، يتفق من حيث توقيته مع المراجعة التي تجريها الإدارة للعلاقات الثنائية مع سوريا.
• هل تعتقد ان يمكن اعادة الاعتبار، بل اعادة تفعيل دور ابو مازن والسلطة؟
– أعتقد أن الولايات المتحدة أظهرت ثقة كبيرة بأن العمل مع الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض سيؤدي إلى إحراز تقدم كبير. وأعتقد أن هناك اتفاقاً عاماً بين جميع الأطراف على أنه قد تم إحراز تقدم كبير في المجال الأمني، مثلاً، في تدريب قوات الأمن الفلسطينية والتقدم في تطويرها احترافياً. لهذا لا أعتقد أن إدارة الولايات المتحدة تنظر إلى المسألة باعتبارها إعادة تأهيل، حسبما أعلم. بل ترى أن الحكم في الضفة الغربية أصبح أكثر ثباتاً وأكثر احترافية وأكثر فاعلية وكفاءة.
• هل المفاوضات الوحيدة التي يمكن أن تجري الآن هي تلك التي تجري بين “حماس” (بالوكالة) وإسرائيل لتثبيت التهدئة؟
– إن تثبيت وقف النار في غزة أمر شديد الأهمية بالطبع وهو أمر جيد التوقيت أيضاً. ويجب أن يكون في قمة الأولويات الآن. أما إن كنت تسألني عما إذا كان هذا هو الشكل الوحيد الممكن للتفاوض الآن… الممكن حالياً؟ لا، لا أعتقد هذا. أعتقد أنه حتى لو تم التركيز على دور الحكومة الإسرائيلية الجديدة في التطور الاقتصادي، مثلاً، في الضفة الغربية، فإن هناك اعترافاً واسع النطاق بين الإسرائيليين بأن التطور الاقتصادي، بحد ذاته، وبالرغم من أهميته، لا يكفي، وبأن هناك حاجة لأفق سياسي وطريقة للتقدم نحو حل الدولتين. لذا أرجو أن يتم التوصل إلى طريقة لمتابعة الحوار بين الزعماء الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن وضع دائم، وسنرى في مرحلة ما من المستقبل قدرة الطرفين على التوصل إلى حل.
• الى اي مدى التغير في اسرائيل يؤثر على امكان تنفيذ مثل هذه المقترحات؟
– ما زال هذا غير مؤكد إلى حد كبير. لقد أتمت إسرائيل للتو عملية شاقة لبناء ائتلاف حكم. ورئيس الوزراء الجديد ووزارته أدلوا بالقسم للتو. وفي مرحلة ما، أعتقد أن المبعوث الخاص ميتشل سيجري بعض المشاورات المفصلة مع رئيس الوزراء وستتضح الإجابات على هذه الأسئلة. ولكن من الصعب أن نتكهن بالأمر الآن. من الواضح أنه تم الإدلاء بتصريحات كبيرة خلال الحملة السياسية. ومن جانب آخر، أعتقد أننا جميعاً نعلم من التاريخ، ومن التجارب الشخصية، أن الحكم يختلف عن شن الحملات الانتخابية، وأن عملية الحكم نفسها تتضمن خيارات قاسية يجب اتخاذها وعلاقات يجب وضعها في الاعتبار. لذا فإنني لست متشائماً مطلقاً بشأن التوقعات.
لا أظن أن الخوف هو العامل المؤثر هنا. أعتقد أن الإدارة الأميركية تتوق إلى التشاور عن قرب مع الحكومة الجديدة في إسرائيل، والبحث بجدية عن مجالات تعاون. وأعتقد أننا نتحرى الدقة إذا قلنا إن الإدارة نفسها تتعامل مع هذا الوضع بشكل إيجابي جداً.
• هل الديبلوماسية التقليدية قادرة على معالجة الازمات التي تولدها نزاعات مع منظمات مسلحة من خارج الدولة وليس دول؟
– أعتقد أن تحديات الديبلوماسية التقليدية تضاعفت في هذا الوضع، ولكن إذا نظرنا بالتحديد إلى النزاع العربي – الإسرائيلي، نجد أنه حتى الأطراف التي لا تمثل دولاً هنا لها علاقات قوية مع الدول الموجودة، والجهود الديبلوماسية مع الدول المعنية ربما تستطيع إحداث تغيير في ما يتعلق بسلوك تلك الأطراف التي لا تمثل دولاً.
• هل توافق من يعتبر ان حاجة اسرائيل الى اميركا باتت اليوم اكبر من السابق؟ ما بات يحتم تطوير العلاقات الاميركية – الاسرائيلية؟
– لا أظن أن عبارة “أكثر بكثير من ذي قبل” هي عبارة أختارها في الكلام عن هذا بالضرورة. فحسبما أفهم تقييم الإسرائيليين وقادتهم للعلاقة مع الولايات المتحدة، أجد أنهم يعتبرونها أهم علاقة تربطهم بأية دولة، من حيث الأمن المطلق لدولة إسرائيل ومن حيث رفاهيتها الاقتصادية. لذا أعتقد أنه لم يطرأ تغير على ذلك بسبب الخلافات الأخيرة.
• الا تعتقد ان الاوضاع العربية عقبة امام السلام وليست المشكلة فقط اميركا واسرائيل البعض يقول ان الاوضاع العربية سوف تحول اوباما الى جورج بوش في وقت قصير؟
– مما رأيته يمكنني أن أقول إن طبيعة الرئيس باراك أوباما السياسية او ال “دي ان اي” السياسي للرئيس اوباما لا يجعله يتعامل مع أية مسألة على أنها ميئووس منها. أعتقد أن الرئيس سيقوم بكل ما بوسعه، كما سيقوم كل من يساندون الرئيس: وزيرة الخارجية والمبعوث الخاص ميتشل وكل المعنيين بهذا المشروع، سيقومون بكل ما بوسعهم للتشاور عن قرب مع جميع الدول المعنية في المنطقة. سيقومون بكل ما بوسعهم للمساعدة على جعل مبادرة السلام العربية، مثلاً، محور المنهج العربي نحو السلام مع إسرائيل، وأعتقد أن الرئيس أوباما سيتعامل مع هذا التحدي بهذه الروح نفسها.
النهار