جوهر المعركة الانتخابية
ساطع نور الدين
السؤال المركزي الذي كان ولا يزال يفترض في الانتخابات النيابية المقررة بعد خمسة اسابيع ان تجيب عليه هو ما اذا كانت ستسفر عن ظهور كتلة وسطية تدور في فلك الرئيس ميشال سليمان وتمنع الشلل الوطني الذي يتهدد البلد في ظل التعادل النسبي في موازين القوى بين فريقي الموالاة والمعارضة.
هذا ما كانت تطمح اليه زيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الخاطفة الى بيروت امس الاول، وهذا ما تتطلع اليه غالبية الدول المتابعة للانتخابات والتي توصلت الى استنتاجات مفادها ان المعركة بين المولاة والمعارضة تدور حول اربعة او خمسة مقاعد كحد اقصى، كما ان الفارق بين الجانبين لن يتعدى في احسن الاحوال مقعدين اثنين، لا يتيحان للغالبية ان تزعم انها قادرة على الحكم بشروطها، ولا للاقلية ان تدعي انها قادرة على تعطيل الحكم وفقا لشروطها ايضا.
ثمة بحث اميركي فرنسي وعربي متجدد عن مركز جديد للسلطة يتمثل في القصر الجمهوري في بعبدا، ويشكل، بالتعريف والتكليف، عنوان مشروع الدولة التي يراهن الجميع على قيامها للحؤول دون ان تؤدي الانتخابات الى استحالة تشكيل حكومة جديدة وتحديد جدول اعمال وطني جديد، كما يختصر مشروع احياء المؤسسات العسكرية والامنية التي كانت ولا تزال الهدف الرئيسي لمعظم الدعم الآتي من الخارج.
حتى الآن، لا يزال الرئيس سليمان مترددا في التجاوب مع هذا الطموح وذلك التشجيع الاميركي والفرنسي والعربي، وهو يعتقد ان سعيه الى تشكيل كتلة نيابية مانعة يعني الاصطدام المبكر مع فريق يحتاج الى الكثير من العناية والتدبر لكي لا يلجأ الى الانقلاب على السلطة، كما يعني الالتحاق بفريق يتطلب الكثير من الحكمة والروية لكي لا يفكر في الاستئثار بالسلطة. لكنه يشعر بثقة ان المعركة السياسية الطاحنة لا بد ان تسفر عن ظهور تلك الكتلة، ولجوء اعضائها تباعا الى القصر الجمهوري طلبا للحماية او الرعاية.. عندها يمكن ان يتمتع الرئيس سليمان في السنوات الخمس المقبلة من عهده بما حظي به جميع اسلافه من اصوات نيابية مؤثرة ومقاعد وزارية حاسمة.
هذا الموقع مطلوب ومرغوب من معظم القوى الخارجية، لا سيما من اميركا التي حددت من خلال زيارة كلينتون الى قصر بعبدا عنوانها اللبناني الرئيسي، مثلما حددت امام ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري وجهتها السياسية اللبنانية التي ثار حولها الكثير من الشك او الجدل مؤخرا، برغم الكلام الاميركي الرسمي شبه اليومي عن انه لن تكون هناك صفقة مع سوريا على حساب لبنان.. وهو كلام لا ينفي الصفقة بحد ذاتها لكنه قد يحرر لبنان من بنودها.
الدور الرئاسي المقبل هو جوهر المعركة الانتخابية التي لا تقتصر فقط على السعي لاسترداد المسيحيين من «الخيار المقاوم» الذي يقودهم اليه العماد ميشال عون، بل اساسا لاقامة جسر بين الغالبيتين الاسلاميتين اللتين تقودان البلد الى استقطاب مذهبي حاد، يمكن ان يخرب الدولة بجميع مؤسساتها.
السفير