زلزال الضباط الأربعة
سعد محيو
الزلزال السياسي قد يكون التعبير الأدق لوصف المضاعفات المحتملة لقرار المحكمة الدولية إطلاق سراح الضباط اللبنانيين الأربعة.
وهو زلزال ستكون له موجات ارتدادية كبرى على غير الصعد.
على الصعيد القانوني، ستنشب حتماً معركة حامية الوطيس حول طبيعة وتركيبة الجسم القضائي اللبناني الحالي، بعد ان تبيّن أن الضباط الأربعة أوقفوا على نحو لاشرعي طيلة أربع سنين باعتراف قضاة محكمة لاهاي. وهذا يعني ان ثمة رؤوساً يجب أن تتدحرج على درجات قصر العدل، وقد تجر معها بعض السياسيين والصحافيين إلى أقواس العدالة بتهمة الافتراء والتحريض والتسبّب بتشويه السمعة.
وهذا لن يكون تطوراً بسيطاً في بلد كلبنان.
فالقضاء كان الحلبة الرئيسية التي تم استخدامها منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري العام 2005 لتصفية الحسابات السياسية، وهذا لم يقتصر على اللاعبين السياسيين اللبنانيين بل طال اللاعبين الغربيين الذين وجدوا هم أيضاً في المحاكم ضالتهم لمطاردة خصومهم السوريين والإيرانيين وحلفائهم.
المحكمة الدولية الخاصة كانت الابنة الشرعية لهذا التوجّه الصراعي، خاصة حين كان ميليس المدعي العام الدولي فيها والذي كان وراء قرار اعتقال الجنرالات الأربعة.
لكن الظروف تغيرت الآن. فإدارة بوش رحلت، ومعها جمهورية شيراك، اللتان كانتا معاً العقل المدبّر لكل الملاحقات والنشاطات القضائية السابقة. والإدارة الأمريكية الجديدة، ومعها جمهورية ساركوزي، قررتا على ما يبدو وقف أو تهدئة لعبة المعارك القضائية في الشرق الأوسط، بانتظار جلاء الخيط الأبيض من الأسود في المحادثات السرية والعلنية التي تجري حالياً بين واشنطن وكل من دمشق وطهران.
وهذا التطور ادى إلى نزع قدر كبير من عملية التسييس للتحقيقات الدولية التي كانت تجري حول مسألة الاغتيالات، حتى الآن على الأقل.
هذا على مستوى الهزات الارتدادية القضائية.
أما على صعيد الهزات السياسية، فيتوقع أن ينتقل تيار “8 آذار” من خطوط الدفاع إلى الهجوم الشامل الذي سيستهدف أمرين في آن: الأول، ضعضعة المواقع السياسية لتيار “14 آذار” (المتضعضعة أصلاً) عبر وضعه في قفص اتهامات التضليل السياسي والتشويه القضائي، ثم استخدام ذلك في المعركة الانتخابية المقبلة. والثاني، محاولة سحب بساط قضية اغتيال الرئيس الحريري نهائياً من تحت أرجل تيار “14 آذار” ومنع هذا الأخير من مواصلة استخدامها كأداة ضغط كاسح على خصومه.
هل ينجح ال”8 آذاريون” في ذلك؟
على المدى القصر نعم. لكن على المديين الأوسط والبعيد، سيكون من الضروري التريث والانتظار. إذ ربما تقرر الدول الغربية المعنية استئناف ما انقطع من تسييس للمحكمة الدولية، إذا ما ارتأت ان هذا سيكون مفيداً لاستراتيجياتها في الشرق الأوسط.
وحينذاك، قد يأتي دور “14 آذار”.. للانتقام
الخليج