أرى خلل الرماد وميض نار!!
فيصل الشيخ محمد
قبل ثلاثة عشر قرناً حذر نصر بن سيار أمير خراسان – للأمويين – الخليفة في الشام مروان بن محمد.. حذره من قوة الدعوة العباسية المتنامية، وتقدم جيوشها التي تحمل الرايات السوداء باتجاه الدولة الأموية، التي ينخرها الضعف والهوان، وتعصف بها الصراعات والفتن والانقسامات والولاءات. وأجمل تحذيره في كتاب بعثه إليه لاستدراك الأمر والنهوض للتصدي له، وجاء في كتاب نصر بن سيار:
أرى خلل الرماد وميض نار … ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تُذكي … وإن الحرب أولها كلام
فإن لم يُطفها عقلاء قوم … يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري … أأيقاظ أمية أم نيام
ما دفعني لاستذكار هذه الأبيات المعبرة وهذه القصة المؤثرة، هو ما عليه المعارضة السورية من تفكك وصراعات ومناكفات وتبادل اتهامات وتمزق.. وهذا يدل على أن هناك خلل ويحتاج من أولي الأمر وأصحاب القرار في كل فصيل أو طيف معارض، أن يعود إلى ذاته وينقدها ويقوّم الخلل أو الاعوجاج فيها، ويتلمس مواطن الضعف في هيكلها أو في أشخاصها أو في رموزها، بعيداً عن المحسوبية والفئوية، فلا يؤكل التنظيم إلا من أهله.
من يستعرض مواقع الفصائل المعارضة ويطلع على ما فيها من مقالات وبحوث ودراسات وآراء وتحليلات يتلمس إلى أي مدى وصلت إليه حالة المعارضة السورية، وهي تتصدى لنظام سخّر كل ما في الوطن لخدمته، وكل ما يربط سورية بالوطن العربي وقضاياه، والعلاقات الإقليمية والدولية التي يرتبط معها، لتثبيت أركانه وديمومة بقائه، وهذا هو منتهى غايته وهدفه.
فإذا كانت الفصائل المعارضة تسير في نفس الطريق الذي يسلكه النظام، ويقوم على نفس النهج الذي يتبعه النظام، فما الذي يميز المعارضة عن هذا النظام حتى تهفو قلوب الجماهير السورية إليها، ويديروا ظهرهم لهذا النظام الذي أتقن من خلال تجاربه الطويلة في الحكم – وقد مضى عليه في السلطة نحو نصف قرن – من أين تؤكل الكتف، وقد جرد خصومه ومعارضيه – بحكم القوانين الجائرة والمراسيم الظالمة والقرارات المتعسفة – من إمكانية الوقوف في وجهه أو التصدي له عبر إصلاح حكيم أو تغيير سلس.
من هنا فإنني أحذر فصائل المعارضة وأطيافها من وجود خلل داخل تنظيماتها وقواعدها ورموزها، وعليها أن تقف وقفة صدق مع نفسها وأن تستعجل التصحيح والتقويم قبل فوات الأوان، وحتى لا يتسع الخرق ولا يفيد حينها أي ترقيع!!
خاص – صفحات سورية –