ظلم الغريب ولا ظلم القريب
درويش محمى
في كل ابريل من كل عام تختلط علي التواريخ وتتشابك, فلا اكاد افرق بين الاول وبين السابع عشر من الشهر التعيس, اطلق على الاول منه عيد الاستقلال وعلى السابع عشر منه »كذبة نيسان«
, اما السابع من ابريل يوم ميلاد حزب البعث, فله شأن آخر من الصعب بل من المحال على الذاكرة السورية نسيانه او تناسيه, فهو يوم حاضر دائم في حياتنا لا مهرب منه, يلاحقنا في كل مكان وزمان, امام المخابز وسعر ربطة خبزها, وفي دوائر الدولة ورشاويها, وفي مكاتب التوظيف ووساطاتها, وفي مراكز الامن وقمعها وارهابها, وفي المحاكم المختلفة ولانزاهتها, والصحف الرسمية وافتراءاتها, وفي الوزارات وسرقاتها, وفي اروقة مجلس الشعب السوري اللاشرعي ونفاق اعضائه, الذكرى الحزينة لميلاد حزب البعث تلاحقنا كالظل حتى في بلاد الهجرة الصعبة القاسية.
الخلط بين عيد الاستقلال ويوم »كذبة ابريل« امر لاعلاقة له بضعف الذاكرة ولا بعامل التقدم في العمر, فانا لا انتمي الا للجيل الاربعيني السوري السيئ الحظ, الجيل الذي ولد في السجن السوري الكبير, وترعرع في اجواء القمع والقهر والطغيان البعثي, جيل عاش نظام الحزب الواحد والرئيس الاوحد والرعب والفساد وسياسات التجويع والمجاعة المنظمة للدولة, جيل اغتصبت ارادته وانتهكت حقوقه واهدرت احلامه على صخرة الواقع البعثي القومي المرير.
استقلال سورية في السابع عشر من ابريل عام ,1946 »كذبة نيسانية« من النوع الثقيل, فحالة الاحتلال لا تزال قائمة وتمارس بكل تفاصيلها, والبلد السوري يحكم اليوم ويدار بالقوة والنار, ولو سئل السوري “المواطن” الجائع المحروم المظلوم المقموع السجين: ايهما تفضل وتختار? حكم الانتداب الغربي الفرنسي المشروط المقيد الموقت, ام حكم البعث العربي القومي “الوطني” الفوضوي المفرط اللامشروط? لرد من دون تحفظ او تردد, ظلم الغريب ولا ظلم القريب.
* كاتب سوري
d.mehma@hotmail.com
خاص – صفحات سورية –