اللاجئون والقدس على نار حامية
سعد محيو
أشرنا أمس إلى أن الانقلاب الذي سيدخله الرئيس أوباما حيال المقاربات الخاصة بمفاوضات الشرق الأوسط يتعلق بجعل الفلسطينيين، لا “الإسرائيليين”، هم محور هذه المقاربات.
لكن كيف؟ بالتركيز أولاً وأساساً على “حلول إسلامية – دولية” لأعقد مسألتين تعترضان حل المسألة الفلسطينية: القدس واللاجئون.
بالنسبة إلى المسألة الأولى ستبادر إدارة أوباما على الأرجح إلى اقتراح وضع الأماكن المقدسة الإسلامية في شرق القدس تحت الإشراف المباشر لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي يترأسها الآن أمين عام تركي، على أن تكون قضية القدس الشرقية كعاصمة سياسية للدولة الفلسطينية العتيدة بنداً من بنود المفاوضات السياسية. وبرأي واشنطن، من شأن هذا الحل أن يُسقط ذريعة المتشددين الإسلاميين واليهود حول استحالة التفاوض حول القدس كونها قضية سماوية لا أرضية.
أما في ما يتعلق باللاجئين، فينتظر أن تتضمن المبادرة الأوبامية بندين:
الأول، الاعتراف من جانب كل الأطراف، وفي مقدمهم “إسرائيل” والأمم المتحدة، بالظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين العام 1948 حين طُرد نصفهم من بلادهم وحُوّلوا إلى لاجئين.
والثاني، التعاطي مع كل الفلسطينيين بلا استثناء، بما في ذلك الخمسة ملايين لاجئ في لبنان وسوريا والأردن وبقية مناطق الاغتراب، والعمل على إيجاد حلول شاملة لهم. وهذا يمكن أن يتم عبر مبادرة الولايات المتحدة إلى تأسيس هيئة دولية تدرس كل المطالب المتعلقة بالصراع العربي “الإسرائيلي” التي سيتقدم بها ليس فقط اللاجئون الفلسطينيون بل أيضاً اليهود الشرقيون الذين هاجروا من الدول العربية.
رأسمال الصندوق يجب أن يتراوح بين 55 إلى 85 بليون دولار، تكون مساهمة الولايات المتحدة فيه كبيرة، لكن المساهمة الأكبر يجب أن تأتي من “إسرائيل”.
وفي الوقت نفسه، يمكن اتخاذ خطوات عدة حيال مسألة حق العودة بالنسبة إلى الفلسطينيين. فأولئك الذين يختارون عدم ممارسة هذا الحق أو ان الاتفاقية النهائية بين الدولة الفلسطينية و”إسرائيل” تقيّد حقهم، يجب أن ينالوا تعويضات مهمة من هذا الصندوق. علاوة على ذلك، يجب أن يتم العمل لضمان ألا يبقى أي فلسطيني من دون هوية أو دولة، وأن كل الفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بحقوق اقتصادية وسياسية واجتماعية كاملة. وهذا يعني ضرورة بلورة برامج لدمج الفلسطينيين في “الدياسبورا” في المجتمعات التي يعيشون فيها الآن، والسماح لهم بالهجرة من/ وفي داخل الشرق الاوسط، وتوفير فرص مناسبة لهم.
كما هو واضح، المبادرة الأمريكية التي سيطرحها أوباما تبدو طموحة للغاية وواقعية للغاية. فهي تنطلق من أصغر التفاصيل المتعلقة بوضع اللاجئين الفلسطينيين في أقصى المنافي، لتصل إلى توفير اعتراف 57 دولة إسلامية بالدولة العبرية إذا ما اعترفت هذه الأخيرة بالدولة الفلسطينية التي باتت ولادتها “مصلحة قومية أمريكية”، كما قال أوباما.
بيد أن الطموح الواقعي قد ينقلب إلى طموح مستحيل في حال رفضت حكومة نتنياهو هذه المقاربة وأصرّت على أولوية الحرب على السلام، ثم في حال رضخت إدارة أوباما لهذا الرفض. إذ حينها ستتحق تحذيرات (أو بالأحرى نبوءة) الملك الأردني بحذافيرها: إما السلام خلال هذه السنة، أو حروب عاتية جديدة في مطالع السنة المقبلة.
الخليج