أوباما.. الكنز في سورية
طارق الحميد
كتبت من قبل «فلتكن سورية أولا» في عملية السلام التي تسعى لها أميركا بمنطقتنا، وأعود اليوم للموضوع ذاته، حيث ما تزال المعطيات تدعم هذه الفكرة.
فالإسرائيليون يماطلون في السلام تذرعا بوجوب التحرك أولا حيال ملف إيران النووي، والإيرانيون يريدون شراء الوقت من دون إيقاف مشروعهم، وبالتالي فإن الطرفين مستفيدان، بينما المنطقة هي المتضرر الحقيقي وهذا ما يؤكد كلام العاهل الأردني عن ترقب حرب جديدة ما لم يكن هناك سلام بالمنطقة، إما نتيجة الإحباط، أو خدمة لأجندات أخرى مثل ما حدث في حرب 2006 في لبنان، أو حرب غزة هذا العام، مما سيعقد الأمور أكثر.
ولذا فإن أسهل ملفات السلام المتاحة اليوم هو الملف السوري ـ الإسرائيلي. سهل من ناحية السوريين الذين أبدوا رغبة متكررة في استئناف عملية السلام، كما لا توجد تعقيدات تستطيع حكومة نتنياهو التذرع بها، وكلا الطرفين قطعا أشواطا حقيقية في التفاوض.
والأمر الذي يجب على واشنطن التنبه له، وقراءته جيدا، هو الربكة التي أصابت حلفاء إيران ودمشق نتيجة الحوار السوري ـ الأميركي، وإن لم يثمر نتائج عملية إلى الآن.
فحماس قالت إنه يجوز لسورية ما لا يجوز لغيرها في التفاوض، وإيران طالبت دمشق بالصبر لأن النصر في طريقه إليهما. والجدير بالانتباه هنا أن السوريين لم يظهروا لغة انفعالية تجاه تجديد العقوبات الأميركية عليهم.
السلام السوري ـ الإسرائيلي مهم لواشنطن، وللمنطقة برمتها، بمقدار أهمية الانسحاب الأميركي من العراق، ولو أرادت واشنطن أن تضرب ضربة معلم، كما يقال، فعليها أن تشرع في هذا الملف فورا. فعودة الجولان المحتل لدمشق تعني أن حدود تلك المرتفعات، الآمنة أصلا، سيكون أمنها مستداما وشرعيا بموجب اتفاقية سلام، وهذا أمر يرفع الحرج عن سورية، ويترتب عليه الكثير. فالسلام السوري ـ الإسرائيلي سينعكس على مزارع شبعا وقرية الغجر، ويحسم ملكيتهما، وبالتالي يلغي ذريعة سلاح حزب الله في لبنان، ناهيك عن أنه قد يجلب لبنان إلى طاولة السلام أيضا.
كما سينعكس السلام على الحدود السورية ـ العراقية، وهذا لا يعني أن لدمشق الحق في ابتزاز أميركا ببغداد، وإنما سيوجب على سورية الحفاظ على حدودها من كل الاتجاهات، سواء لبنان أو العراق، لأن دمشق ستصبح حينها مهددة من أصدقاء الأمس المحسوبين على إيران. وبالتالي فإن ذلك سيدفع دمشق للاعتدال، والحفاظ على أجندة الاعتدال، وهي دعم الاستقرار والتضامن العربي، لأنه سيكون لدى دمشق ما تخسره مستقبلا، أما اليوم فليس لديها شيء تخشى عليه من الضياع.
إذا تنبهت واشنطن لذلك، وسعت لسلام سوري ـ إسرائيلي، فستجد أن الكنز المفقود موجود في سورية، وليس في الحوار مع إيران، أو تضييع الوقت مع غزليات خالد مشعل، الذي سيجد نفسه حينها أمام خيارين. فإما الإقامة في طهران، أو العودة مرة أخرى تحت المظلة الفلسطينية، وهذا بالطبع الهدف المنشود. فهل تلتقط واشنطن هذه الفرصة؟
الشرق الأوسط