بايدن.. والتوطين
جورج علم
يحمل نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن الى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان اليوم دعماً مباشراً للمسيرة التوافقيّة التي يقودها لبناء دولة القانون والمؤسسات، وأيضاً نسخة عن مشروع الرئيس باراك اوباما للسلام في الشرق الاوسط والذي سيطرحه في خطابه الى العالم الاسلامي في القاهرة في الرابع من الشهر المقبل.
ويقضي المشروع بعدم منح حق العودة للفلسطينيين في أراضي 1948 ـ أي وراء الخط الأخضر ـ خلافاً لمطالبة الجانبين اللبناني والفلسطيني، لكن ستحرص الولايات المتحدة مع الدول الأوروبية والعربية على منح تعويضات للاجئين، وتنظيم وضعهم القانوني في تلك الدول التي يقيمون فيها بما في ذلك الحصول على جوازات سفر من تلك الدول.
ويتناول أحد البنود الرئيسية في المشروع موضوع بدء مفاوضات سلمية بالتوازي في المسارين الإسرائيلي ـ الفلسطيني، والإسرائيلي ـ السوري ـ اللبناني، بحيث سيتم لدى الاتفاق على إقامة الدولة الفلسطينية، إنشاء علاقات دبلوماسية بين الدول العربية والعالم الإسلامي، وكذلك علاقات اقتصادية وسياحيّة مع إسرائيل.
ويرتكز مشروع أوباما على حل الدولتين للشعبين، وتبني بنود معينة من المبادرة العربية.
وينص المشروع على ان الدولة الفلسطينيّة التي ستقام الى جانب دولة إسرائيل، ستكون مستقلة وديموقراطيّة مع تواصل إقليمي في المناطق التي سيتم الاتفاق على ان تخليها إسرائيل، ولن يكون لها جيش مستقل، ولن يكون في مقدورها إقامة أحلاف عسكرية مع دول أخرى. ويحدد المشروع إطاراً زمنيّاً لا يتعدى أربع سنوات أي حتى انتهاء ولايته الرئاسية الأولى لإقامة الدولة الفلسطينية.
وسيكرر الرئيس اوباما في خطابه، تحقيق تقدم في مجالات إجلاء النقاط الاستيطانية العشوائية، وتجميد أعمال البناء في المستوطنات، وفتح المعابر، وإزالة الحواجز في الضفة الغربية، ومطالبة العالمين العربي والإسلامي بالمقابل الى مد اليد الى إسرائيل. وسيطرح اقتراحات عمليّة عدّة في هذا السياق تؤكد على جديّة النوايا، كأن تمكّن الدول العربية إسرائيليين من الاتصال هاتفيّاً مع سكان في أراضيها، وزيارة هذه الدول كسياح، وتمكين شركة الطيران الإسرائيلية «ألعال» من العبور في مجالاتها الجوية.
كما سيتطرّق في خطابه في القاهرة الى الملف الإيراني، حيث سيدعو الى فتح حوار فوري بين طهران وواشنطن بدون شروط مسبقة.
وكانت الاستعدادات لزيارة بايدن المرتقبة قد شغلت الدوائر الرسميّة قبل أيام، علماً بأنه لا يأتي كي يفاوض بل ليستمع، وينقل حقيقة الموقف الرسمي الى الرئيس أوباما قبل أن يصل الى القاهرة في الرابع من الشهر المقبل.
وما سيسمعه بايدن ـ وفق ما توافر من جهات رسميّة عدّة ـ سبق أن سمعه أكثر من مسؤول أميركي ودولي كانوا قد زاروا بيروت سابقاً، من رفض مطلق للتوطين، التمسك بحق العودة، والإصرار على قيام الدولة الفلسطينيّة المستقلة والقابلة للحياة، والتأكيد على ان لا شيء عند لبنان يمكن يفاوض إسرائيل عليه، وما عليها سوى الامتثال الى القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن، وخصوصا القرارين425 ( آذار 1978) و1701 (آب 2006)، فضلا عن تمسك لبنان بالمبادرة العربيّة للسلام التي أقرتها قمة بيروت في الـ2002.
وستشكّل زيارة بايدن فرصة ثمينة للرئيس سليمان كي يحمّله رسالة مفادها أن كل تسوية في المنطقة تقوم على التوطين تخفي في طياتها بذور فشلها، وإن اللبنانيين والفلسطينييّن مختلفون على أمور عدّة، لكنهم يلتقون على ر فض التوطين، لأن القبول به يعني نهاية لبنان ونهاية القضية الفلسطينيّة، وفي حال حصوله لا ينقل المنطقة من الحرب الى السلام، بل من الحرب الى حروب أخرى.
واللافت ان الزيارة تتزامن مع توجه اللبنانيين الى صناديق الاقتراع لانتخاب نوابهم، فهل سيكون مجلس 2009 النيابي هو المجلس الذي سيقرّ التسوية في المنطقة ولبنان ضمناً، أم أن المنطقة على أبواب حرب تستعدّ لها إسرائيل عبر أكبر مناورة عسكرية تجريها اعتباراً من نهاية الشهر الجاري؟
عمليّاً ـ ووفق المتوافر ـ ان الرئيس أوباما قد تفاهم مع نتنياهو على الآتي:
أولا: تشكيل فرق عمل مشتركة تكلّف بمواضيع التطبيع والمستوطنات والملف الإيراني.
ثانيّا: إعطاء الحوار بين واشنطن وطهران الوقت الضروري لمعالجة الملفات المتراكمة، بينها البرنامج النووي الذي يقلق إسرائيل.
ثالثا: إعطاء الوقت اللازم لمشروع الرئيس أوباما للتسوية في الشرق الأوسط، ورصد ردود الفعل العربية والإسلاميّة حوله، ليبنى على الشيء مقتضاه.