جمهورية موز
ساطع نور الدين
كادت الأنباء المتداولة منذ قرابة أسبوعين ان توحي بأنه عندما سيلتقي الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الابيض خلال الساعات المقبلة، فإنهما يمكن ان يتبادلا الشتائم والإهانات، وليس من المستبعد ان يشتبكا بالايدي قبل ان يعمد اوباما الى طرد ضيفه الاسرائيلي من المكتب البيضاوي.
وكادت المعلومات المسربة عن التحضيرات لهذا الاجتماع الحاسم تنبئ بأن الخلاف بين الرجلين اللذين ينتميان الى مدرستين ايديولوجيتين متناقضتين ويحملان مشروعين سياسيين متعارضين، يمكن ان يتطور الى حد اعلان القطيعة بين الدولتين، او على الاقل الى حرمان اسرائيل من المساعدات المالية والعسكرية الضخمة التي تتلقاها سنويا من اميركا، من اجل معاقبتها على تمردها الراهن على السياسة الاميركية التي تنشد الحوار والمصالحة مع العالمين العربي والاسلامي.
وصدرت في الآونة الاخيرة في كل من واشنطن وتل ابيب كتابات تشير الى الود المفقود بين الرجلين وبين الحكومتين، والى الخوف المتبادل من ان يقدم احدهما قبل اللقاء تحديدا على مواقف او خطوات تحرج الآخر وتضعه امام الامر الواقع. وسرى همس في بعض الاوساط يفيد بأن نتنياهو لن يدخل المكتب البيضاوي قبل ان يكون قد وجه الضربة العسكرية المرتقبة الى ايران، لكي يرفع من مكانته السياسية ويعيد الاعتبار لدولته ووظيفتها الاقليمية غير الواضحة المعالم في الوقت الراهن.
وترددت شائعات ايضا عن ان الاجتماع الاول بين الرجلين كان سببا لاعلان حالة تأهب الجيشين اللذين يسيران في اتجاهين متعاكسين ويتصرفان بطريقتين مختلفتين تماما ويخوضان معارك ومواجهات لا تخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة لكلتا الدولتين، اللتين تشعران بالغربة المتبادلة للمرة الاولى في تاريخ العلاقات الثنائية، وتعتبران ان المسافة بينهما باتت ابعد من اي وقت مضى.
لكن في خضم هذا الترويج، الذي لا يتضمن سوى حقيقة واحدة مفادها ان اليهود الاميركيين يعبرون عن ضيقهم وحرجهم من الخيار السياسي للاسرائيليين الذين كلفوا اقصى يمينهم بتولي شؤونهم في هذه المرحلة، استوى النقاش الاميركي الاسرائيلي عند نقطة رئيسية واحدة وهي ان ادارة اوباما الذاهبة الى حوار مع العالمين العربي والاسلامي ليست في وارد اعلان هزيمتها في الحروب التي شنتها ادارة الرئيس السابق جورج بوش، بل تنوي تعديل طريقة خوضها لهذه الحروب من اجل الفوز بها. وفي هذا السياق، كانت اسرائيل وستبقى قاعدة عسكرية مهمة، تتولى مسؤولية الجبهة الخلفية للقوات الاميركية، وتستخدم بين الحين والآخر لترهيب خصوم اميركا .. باستثناء ايران التي تقع على الخطوط الامامية للاميركيين.
قبل الاجتماع، شن العرب حملة سياسية وإعلامية مكثفة هدفت الى الضغط على ادارة اوباما لاقناعها بأن الحصول من اسرائيل على تنازلات فلسطينية يسهل مهمة اميركا على الجبهات الاخرى. وهي فكرة يمكن ان تثير الكثير من الضحك بين اوباما ونتنياهو، ويمكن ان تجعل لقاءهما الاول مناسبة لعلاقة شخصية وسياسية عميقة، تأخذ في الاعتبار ان اسرائيل ليست جمهورية موز اميركية، لكنها ليست قاعدة للثورة على اميركا!
السفير