الشرق الأوسط الإسلامي حلم مستحيل
سعد محيو
هل كان الرئيس السوري بشار الأسد مغالياً في التفاؤل حين تحدث أمام الرئيس التركي عبدالله غول عن احتمال حدوث “تكامل اقتصادي” بين تركيا وإيران وسوريا والعراق؟
التعاون الاقتصادي ممكن بالطبع. ومؤشرات التبادل الاقتصادي والتجاري بين هذه الدول الأربع تشير بالفعل إلى حدوث قفزة نوعية في مستويات هذا التعاون قد لايكون لها سابق منذ أن لفظت الدولة العلية العثمانية أنفاسها الأخيرة مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
بيد أن التعاون شيء والتكامل شيء آخر مختلف تماماً. فالأول هو تطور “لا سياسي” (إذا جاز التعبير) تفرضه معطيات مصلحية موضوعية، وعادة ما يكون محدوداً ومُحدّداً في المكان والزمان. وهذا، على سبيل المثال، حال التعاون الاقتصادي الراهن بين الدول العربية، أو هكذا كان الحال في أوروبا قبل الاتفاق على إقامة السوق الأوروبية المشتركة في أوائل الخمسينات.
أما الثاني، أي التكامل، فهو قرار جيو- استراتيجي من الطراز الرفيع، وهو يؤسس ليس فقط لوحدة اقتصادية بل أيضاً لكيان سياسي مستقبلي له قسماته الإيديولوجية والثقافية الخاصة.
بكلمات أوضح: التكامل الاقتصادي يؤدي في خاتمة المطاف إلى نظام إقليمي جديد، سواء كان تعددي الأقطاب كما في الاتحاد الأوروبي و”آسيان” ومعاهدة شنغهاي، أو وحيد القطب كما كان الأمر إبان عهد النظام الإقليمي العربي.
النظام الإقليمي الذي قد ينبثق من التكامل الرباعي سيكون في الدرجة الأولى شرق أوسطي إسلامي، تتقاسم فيه الأمم التركية والإيرانية والعربية السلطة كل حسب امكاناتها ووفق موازين القوى بينها، ويكون رجع صدى إلى هذا الحد أو ذاك للنظام الإقليمي العثماني مع إضافة العنصر الإيراني عليه.
لكن، هل هذا النظام الحلم ممكن حقاً؟
ثمة أربع عقبات كبرى في وجهه:
– ضرورة توافر غطاء دولي له كي يصبح جزءاً من النظام العالمي. وهذا ليس وارداً إلا إذا انسحبت الولايات المتحدة كلياً من المنطقة، وحل مكانها نفوذ دولي جديد قد يتشكل من تحالف روسي- صيني- أوروبي ما لا يقف حجر عثرة في وجه هذا المشروع.
– الرفض “الإسرائيلي” المطلق لاحتمال قيام شرق أوسط إسلامي مكان الشرق الأوسط العربي التي كانت الدولة العبرية نجحت خلال ستة عقود في تدميره بالكامل. “إسرائيل” هنا ستكون مستعدة لشن عشر حروب لإجهاض أي محاولة لإقامة مثل هذا النظام.
– نجاح تركيا وإيران في تجنّب “الصراع على السلطة” في كل من الشرق العربي ومنطقة قزوين- آسيا الوسطى، أو على الأقل جعل المنافسة بينهما سلمية وفي إطار التكامل المفترض.
– قدرة العنصر العربي على المشاركة كطرف موحّد في هذه الشراكة الرباعية، وإلا فإنه سيكون ساحة صراع بين الزعامات الإقليمية المتنافسة بدل أن يكون عامل لحمة في ما بينها.
كما هو واضح، كل واحدة من هذه العقبات قادرة بمفردها على تحويل التكامل الإقليمي الإسلامي إلى هشيم، وبخاصة منها العقبتان الأوليان. وهذا، كما أشرنا في البداية، ما قد يجعل الحديث عن التكامل الرباعي تفكيراً رغائبياً أكثر منه مشروعاً عملياً.
ومع ذلك، الصورة ليست قاتمة إلى هذا الحد، على الأقل على المديين المتوسط والطويل.
كيف؟
الخليج